تواجه الدولة العراقية جملة من المشكلات البنائية و الوظيفية و اغلب ما تمت الإشارة له في المقالات السابقة من( القضاء و المواجهة ) يتموضع في الجانب البنائي للدولة ، و على الرغم من حتمية ان العلل البنائية تنتج بالضرورة علل وظيفية ، إلا ان الكشف عن هذه الوظيفيات عمل على قدر من الأهمية من اجل الإصلاح … من المشكلات البنائية هي مشكلة المحاصصة ( الاثنية ، الطائفية ، الحزبية ) و بناءٌ محاصصاتي ( اذا جازت الكلمة ) حتما سيفضي الى اداء مثله ، إلا ان ذلك كأي حالة بدأت بسيطة وبالتوكيد تعقدت و تطورت ، فما وصفه الملك فيصل الاول عام ١٩٣١ بإن في العراق لا يوجد شعب واحد وإنما ثلاث شعوب صار يتمثل بالعقيدة و الفعل السياسي و الثقافي و الاجتماعي ، فالارتباط بالخارج الاثني و الطائفي و الحزبي من قبل الفرقاء العراقيين بلغ من الكبر حتى صار العراق ميدان لصراع مصالح و توجهات الاخرين ، هذا الامر يتمثل بإشكال مختلفة ومستويات متعددة ومنها ماهو مرتبط بالثقافة الدنيا للسلوك و الفعل في العراق … هذا الواقع هو ما على السلطات الضابطة أن تواجهه عن طريق القانون الذي يهدف لتثبيت أركان سيادة الدولة في داخل الدولة وسيادتها أمام الدول الاخرى ، إلا أن هذا ليس بالعمل الهين فالجهود هنا تتحرك في أجواء فيها من الصعوبة ما يجعل من الفعل السيادي يواجه إغترابا يمكن تسميته بـ ( الاغتراب الوطني ) ، هذا عين ما تعيشه سلطة القضاء في العراق ، التي أستطاعت كما ذكرنا في أكثر مقال سابق أن تحصن نفسها من الوقوع في فخ المحاصصة إلا أنها تبقى مجبورة لان تواجه الواقع ( المحاصصاتي ) ، وهذا ما يفسر حجم الضغط و التشكيك الذي تلقاه الكثير من الاحكام القضائية فضلا عن ما تعرض له هذه السلطة من هجمات أُخرى .