19 ديسمبر، 2024 3:33 ص

القضاء و المواجهة /الحلقة الثانية

القضاء و المواجهة /الحلقة الثانية

اكبر المواجهات التي يخوضها العراق كدولة تتجسد في مشروعي الدولة و الا دولة ، الدولة بمعنى السلطة الدستورية و القانونية المدنية التي تتحرك بمستواها النظري و الإجرائي ، و الا دولة التي تتجسد بالايدولوجيات الحزبية و الطائفية و الاثنية ، هذه المواجهة تعتبر هي الأساس للمشكلات الكبرى ، فمثلا المحاصصة هي نتيجة طبيعية لهذا النهج و الفساد هو الاخر نتيجة طبيعية للمحاصصة وهكذا الانتكاسات الأمنية هي نتيجة للفساد و المحاصصة ، و المشكلة هذِهِ ليست كأي من المشكلات العينية التي يمكن بسهولة تجريمها و المحاسبة عليها ، هذه المشكلة هي اقرب الى منهج في التفكير و العمل ، و هذا يجعلها مشكلة جدلية قد تبدو مسموح بها بل و تعبر عن الحقوق و بالنسبة لآخرين تمثل جريمة و إنتهاك للكرامة  ، فتقسيم المراكز العليا في السلطة التنفيذية على أساس المحاصصة صحيح انه يعبر عن حاله من طائفية و إثنية النظام السياسية ، إلا انها تشكل في الوقت نفسه تَصيّير مجتمعي و صناع وعي منقسم في الشعب و إفراغه من روح الأمة و تضعيف لمشترك المواطنة ، هذا الامر تعبيراته متعددة الأنماط و الأشكال يبدأ بتوزيع المسؤوليات ولا ينتهي عند الرمزيات الثقافية و الاجتماعية ، وهنا بإمكاننا ان نضرب مثلا يعتبر واضحا للجميع : في العراق لا تخلو اي دائرة من دوائر الدولة من لافتات و صور و رايات تعبر عن رمزيات حزبية او مذهبية او إثنية ويمكن حتى مناطقية ، هذه العلامات تعبر عن سيطرة او نفوذ الجماعة في هذه الدائرة فضلا عن تعبيراتها النفسية السلبية بالنسبة للجميع ، و هنا اريد ان اطرح سؤال مباشر :
( في السلطة القضائية هل يعرف احد من العراقيين قومية او مذهب او حزب رئيس مجلس القضاء الأعلى  او أعضائه او اعضاء المحكمة الاتحادية او أعضاء محكمة التمييز او الادعاء العام او الإشراف القضائي ) بل هل رأى احد من العراقيين في مباني السلطة فيها شيء من هذه الصور و الافتات وغيرها من العلامات ؟ ) و السؤال الأهم هل ان تحصين السلطة القضائية من هذه المشكلات جاء هكذا ؟ أَم أن جهودا كبيرة هي من حصنت هذه السلطة و حمتها مما أسقطت به باقي السلطات ، حتما ان ذلك ليس بالعمل الهين و ليست بالمواجهة السهلة لتبقى السلطة القضائية آخر قلاع الدولة ، و هي الآمل بالنهوض بمشروع الدولة العراقية الوطنية   .

 

أحدث المقالات

أحدث المقالات