22 نوفمبر، 2024 11:40 م
Search
Close this search box.

القضاء و الديمقراطية في العراق 

القضاء و الديمقراطية في العراق 

من يحكم العراق ؛ و من ينبغي أن يحكمه ؟ 
لأن النظام في العراق ديمقراطي ، فإجابة سؤال من يحكم العراق هو : الشعب العراقي ، و هذا الجواب لا يستطيع أحد أن يعترض عليه ، لكن ما ينبغي مناقشته و تحليله هو نفس هذا الجواب ، أي كيف يحكم العراقيون بلدهم ؟ و حتما سيأتي الجواب عبر انتخاب ممثلين عنهم يشرعون القوانين و يختارون حكومة لتنفيذ هذه القوانين ، و هذا ما يحدث ؛ إلّا أن المشكلة تقع في عملية ( انتخاب ممثلين ) ، فهذه العملية ليست على ما يرام ؛ و عندما تكون هكذا فإن مجمل العملية الديمقراطية ستكون ليست على ما يرام ، فالانتخابات هي عملية تنظم بقانون ، و هذا القانون يشرع من قبل المجلس النيابي ، و هذا المجلس و لإن هنالك كتل كبيرة تسيطر عليه يشرعون القانون بما يخدم مصالحهم ، و مصالحهم هذه تنتج عن طريق تكتلهم القائم على التصنيف الثلاثي ( قومي ، طائفي ) ، و المرحلة الثانية من الانتخابات هو البعد الإجرائي و يتمثل في العملية نفسها ، و هذه تقوم بها مؤسسة المفوضية العليا المستقلة للإنتخابات ، و هذه المؤسسة تتكون إدارتها من مجلس مفوضين يختارون أحدهم رئيسا تنفيذيا لها ، و هؤلاء المفوضون يتم تعيينهم عبر التصويت عليهم في مجلس النواب ، و على مدى تجربة عقد من الزمن ، تحاصص الكتل السياسية مجلس المفو ضين في المفوضية العليا المستقلة للإنتخابات ، أي أنها تضع أشخاص منها يحققون لها مصالحها ، و هذه المشكلة البنيوية الاخرى في العملية الانتخابية 
هنالك بعد آخر يتمثل في صناعة الرأي ، فالناخب العراقي الذي يقبع في محنة القانون و المؤسسة الانتخابية الغير سليمة ديمقراطية ، كذلك هو واقع تحت تأثير مؤسسات صناعة رأي غير سليمة ، تتمثل هذه بالخطاب الإثني و الطائفي الذي تنتهجه أغلب وسائل الإعلام التي هيَّ على الاغلب برعاية مؤسسة التنظيم الاعلامي الرسمية ( هيئة الإعلام و الاتصالات ) 
ليس علينا أن نذكر ما لذي أحدثته هذه المعادلة المعقدة في الديمقراطية العراقية ، فالأزمات الامنية و السياسية و الاقتصادية و الخدمية و غيرها ليست بحاجة إلى البيان .
إلّأ أن السؤال عن ما هو الحل ، هو ما ينبغي على الجميع أن يبحثه و بشكل جدي و كبير ، و رغم أن الكثيرين يعتقدون بإن أولى أوليات الاصلاح هو إصلاح النظام الانتخابي قانونا و مفوضية ، لكنهم لا يعطون تصورات عملية لهذا الاصلاح ، بل يكتفون بالتصورات المرسلة .
ما نقترحه يتضمن فكرة الاعتماد على السلطة القضائية الإتحادية العراقية في عملية الانتخابات ، فليس من المعقول أن نذهب إلى خيارات يطرحها البعض بالذهاب إلى المنظمات الدولية من أجل طلب تنظيمها لإنتخاباتنا ، و لدينا سلطة أثبتت قدرتها و مهنيتها و نجاتها من طاعون المحاصصة ، فالقضاء العراقي لديه القدرة على إدارة العملية الانتخابية سواء بشكل إنتقالي أو أكثر من ذلك 
نعم قد يحتاج الأمر إلى تشريعات و يمكن حتى تعديلات دستورية ، إلا أن إدراك البقاء في محنة ما تعانيه بنية العملية الديمقراطية في العراق يستحق الذهاب إلى كل ما من شأنه تجاوزها ، و بتقديري لا يمكن أعتبار أي من القرارات التي أصدرتها السلطتين التنفيذية و التشريعية إصلاحا ، إلم تذهب إلى إصلاح ما تعانيه العملية الديمقراطية من عللها و من عيوب تأسيسها ، و هذا لن يتحقق إلا بجهة وطنية تتمتع بالمهنية و بالقدرة و لا تعاني من مشكلة المحاصصة ، و القضاء العراقي هي الجهة الوحيدة التي يصدق عليها هذا . 

أحدث المقالات