تخوض السلطة القضائية مواجهات عدة ؛ ومنها ماهو مرتبط بطبيعة العمل القضائي و ماهو مرتبط بالوعي القضائي ، و والجمع بهاتين المواجهتين في هذِهِ الحلقة على الرغم من تناول مواجهة واحدة في كل حلقة من هذه السلسلة يبرره الارتباط ما بين الطبيعة و الوعي هنا . و القضاء كطبيعة عمل يتطلب معرفة :
قَضاء ( اسم )، القَضَاءُ : الحُكْمُ ، القَضَاءُ : عملُ القاضي ، ورجالُ القضاء : الهيئةُ التي يُوكَلُ إليها بحثُ الخصومات للفصل فيها طبقاً للقوانين ، والقَضَاءُ :: سُلْطة يُوكل إليها بحث الخصومات للفصل فيها طبقًا للقانون … هذا المعنى اللغوي يقرب كثيرا مفهوم الطبيعة الخاصة للعمل القضائي ، فالقضاء ليس كأي فعل يقدم احتمالين او احتمالات متعددة او مختلفة وحتى متباينة تشكل توجهات متعددة تبعا للرأي المُنتمى إليه ، القضاء غير المذاهب العلمية و الفنية او المدارس الثقافية او الأشكال الاجتماعية القابلة للتعدد ، القضاء : ( هيئة يوكل اليها بحث الخصومات للفصل بينها طبقا للقانون ) اي انها و وفقا للطبيعة البشرية سيكون نتاجها مقبولا من طرف و مرفوضا من الاخر ، وهنا نتحدث عن الأطراف بمعنى انها ستقع في حتمية التجزئة المتجاوزة لطرفي دعوى معينة خاصة تلك المرتبطة بالقضايا العمومية و الكبرى ، هذه تشكل فلسفة ما للعمل القضائي وهي بطبيعة الحال ليست توجها مجردا يمكن ان تعتبر تعددا كأي تعددية ، الامر هذا فضلا عن فهمه بهذا الشكل يرتبط به ما عبرنا عنه في بداية المقال ب( الوعي القضائي ) فالقضاء ليس ثقافة مشاعة و رائجة في المجتمع كالكثير من الاختصاصات الاخرى ، و الناس ليسوا ليصيقين بالمعرفة القضائية كما هم في المعرفة الطبية او الفنية او بعض المعارف القريبة و المتداولة اليومية … هذا الجانبان ( طبيعة العمل القضائي ، الوعي القضائي ) يشكلان احدى المواجهات التي يدخلها القضاء في اداء مهامه ؛ ولذا على السلطة القضائية ان تقوم بكل ما عندها من قدرات في الترويج للثقافة و المعرفة القضائية و القانونية .
يتبع