23 ديسمبر، 2024 6:43 ص

القضاء والمرحلة/الحلقة السادسة v

القضاء والمرحلة/الحلقة السادسة v

ليست كل الافكار تبقى تحمل ذات الرونق الاول لها ، هكذا بدأ كليفورد غيرتز أحد مباحث كتابه المميز ( تأويل الثقافات ) ، ليست الافكار فحسب جميعها تفقد ضجتها و اثارتها الاولى ، و إنما كل شيء يمكن أن يشكل اثارة و ضجة ما … و قد تزداد بعض الافكار و الاشخاص أهمية و رونقا أكثر بتقادم الزمن ،  و في الاعلام يُعول كثيرا على الاثارة الاولى و استخدامها كوسيلة من وسائل الاقناع الاتصالي ، و لإننا نتحدث في هذه السلسلة عن الدور المُتوقع من السلطة القضائية في دولة تعاني أزمات و مشكلات كما هي الدولة العراقية ، و في هذه الحلقة سنطرح السؤال الابرز في عنوان ( القضاء و المرحلة ) و هو : إلى كم يتحمل القضاء من اسباب الازمات التي تعيشها الدولة العراقية ؟ و أستنادا الى هذا السؤال طرح البعض أن مشكلات كبيرة من قبيل الفساد و المحاصصة في العراق إنما حصلت بفعل غياب الدور المفترض للقضاء ، و على هذه الفكرة بنيت أفكار كثيرة و أستند الى المقولات المشهورة في فلسفة الدولة ( إذا صلح القضاء صلحت الدولة ، ما دام القضاء يعمل كل شيء سيعود الى العمل ) ، و هذه الافكار لها رونقها و وجاهتها ، و لا يمكن لأي أحد أن ينكر أن السلطة القضائية هي كل  ذلك وبصلاحها تصلح عموم مؤسسات الدولة الاخرى ، إلا أن ذلك لا يأتي بهذا الشكل المُرسل و المباشر ، فلماذا على من يطرح هذه الفكرة بهذا الشكل ان يتوقع أن القضاء هو عالم متعالي على كل ما في واقع الدولة بكل مفرداتها !؟ و كأن القضاء جهاز تُرِك لشأنهِ التخصصي طيلة الفترة التي كانت الدولة تحكم من قبل نظام ديكاتوري ، و كذلك كل بناء هذه السلطة بعد التغيير في العام الفين و ثلاثة ، فمهما بلغت خبرة الطبيب و معرفته لن يستطيع أن يفعل شيء بمعزل عن أجهزة الكشف و التحليل و العلاجات ، القاضي هو جزء من عملية المقاضاة و ليس كل العملية ، و ليست كل أجزاء لوحة القضاء هي بيد القضاة ، فهنالك البعد التشريعي و هنالك بعد الواقع بكل تفاصيله ، هذه الابعاد تشكل محركاة مهمة في الوظيفة القضائية ، فهل أدرك من طرح فكرة وظيفة القضاء في الدولة هذه الابعاد ، أم أنه يريد أن يصور بطريقة ما ، السلطة القضائية على أنها سلطة القضاة و مجلس القضاء الاعلى ، على أنه مجلس القضاة الاعلى