التطرق إلى مسألة المراقبة والمتابعة القضائية للقوانين التشريعية الخاطئة,تحتاج إلى وجود جهات قضائية متخصصة ,تعطي رأيها بشكل واضح في إشكالية التشريع الخاطئ,وكذلك هناك ضرورة إلى وجود خبراء في القانون المحلي والدولي لمتابعة ومناقشة وتحليل تلك القضايا,ولكن طرح الإشكاليات القضائية من منظار شخصي تحتاج إلى أجوبة.
فبعد أن فشلت الجهود الراغبة لتطبيق نظام ديمقراطي حقيقي,تعتمد قواعده ونظمه الأساسية على مبدأ الفصل بين السلطات(التنفيذية والتشريعية والقضائية),واحترام رأي القضاء المستقل,وإعطاءه سلطة إضافية لمراقبة السلطات الأخرى,بحيث يكون له الحق في تدقيق القوانين المشرعة تحت قبة البرلمان ,والمرسلة من قبل السلطات التنفيذية,على اعتبار إنها الجهة الأكثر حيادية,
(جهة الفصل في القضايا والمشاكل والجرائم والاتهامات وفك النزاعات),
والقادرة على إعطاء توضيحات قانونية منطقية ,تشرح للجهات المشرعة للقوانين أسباب مخالفة تشريعاتها للقوانين القضائية,وتحملها على التراجع عن تطبيق تلك التشريعات الخاطئة.
نود أن نشير إلى عدة أمور جرت بعد انهيار النظام البائد,أضعفت من هيبة وقدرة السلطة القضائية العراقية في تنفيذ أو حسم ورد بعض قوانين البرلمان الخاطئة,وأصبحت اقل شأننا من بقية السلطات المكملة للنظام الديمقراطي(التنفيذية والتشريعية),هذا فضلا عن تأخرها في تنفيذ الأحكام الصادرة بحق المدانين بالعمليات الإرهابية(وقوفا عند توقيع مجلس الرئاسة)
فعلى سبيل المثال لا الحصر,الإجراءات الأخيرة التي يبحث فيها أعضاء البرلمان العراقي لتشريع قانون العفو العام الثاني,والتي تأتي ضمن نفس السياق والدور السابق, عندما تراجعت عنه السلطة القضائية تحت رغبة الجهات السياسية وقبلت بتطبيق قانون العفو الخاطئ,
وهنا لابد من التوضيح لنقاط الخلل والخلاف القضائي المنطقي في طرح مثل هكذا قوانين
(مع إننا لسنا من العاملين في سلك القضاء ولكننا ننظر إلى هذه السلطة من منظار سياسي واجتماعي وأخلاقي فضلا عن دوره في النظم الديمقراطية واعتباره سلطة مستقلة),
تنازلت السلطة القضائية تحت رغبة البرلمان والحكومة عن حماية المال العام,وذلك بموافقتها بالإفراج عن المسؤولين أو الموظفين المتهمين بقضايا فساد مالي ,
في حين إنها مكلفة قانونيا وشرعيا وأخلاقيا بمتابعة قضايا السرقات وملفات الإضرار بالمال العام,على اعتبار إن تلك الأموال ملك لجميع أبناء الشعب العراقي(كل المواطنين دون استثناء المرأة والرجل والشيخ والطفل الخ.),كيف لها أن تتجاهل حقوق الملايين من المواطنين المسروقة من قبل هؤلاء المتهمين المفرج عنهم,
تحت أي فقرة قانونية تمت الموافقة على هذا التشريع المخالف للقوانين والأعراف والأديان السماوية,هي وقعت في إشكالية سيذكرها التاريخ على إنها مثلبة كبيرة خضع فيها القضاء العراقي لرغبات السلطات الباقية
(المفترض بتلك السلطات أن ترجع إليه في استحصال الموافقة على مثل تلك التشريعات),يمكن أن ننظر إلى هذه الأمور من زاوية الحق العام والحق الخاص,فنقول هل للقضاء أي دخل في إلغاء الحق العام والخاص عن أي متهم,ثم لنقل إن الحق العام فيه عدة مجالات يمكن النظر فيها,ولكن هل من الممكن أن نتحكم بالحق العام المؤثر ,والمشاع عرفا وليس مجهول المالك!
(الإفراج عن سارقي المال العام-التصرفات المتعمدة كحرق وتدمير الممتلكات العامة-الإضرار وتلويث البيئة-التسبب بالحوادث والأزمات والمشاكل العامة,الخ.),
هذه الأسئلة تجيب عليها خبرات الدول الديمقراطية العريقة,التي استطاعت بالفعل أن تحييد دور القضاء,وتجعله سيد السلطات الثلاث,وصاحب كلمة الفصل الأخيرة في فض النزاعات وإلغاء أو رد التشريعات المخالفة للقانون القضائية العام
(المحكمة الفيدرالية الأمريكية التي حسمت قراراتها مشكلة الانتخابات السابقة بوش الابن ال كور-وقريبا فتح شارع وول ستريت-ولنا في المحكمة الاتحادية الاسترالية التي ردت تشريع وقرار الحكومة في إبعاد اللاجئين عن أراضيها إلى ماليزيا,الخ.),.
لا يمكن للنظام الديمقراطي أن يستقيم دون أن تكون للسلطة القضائية(ثقة الشارع المفترضة)قوة قانونية تراقب عمل السلطات الباقية,
وتحسم الأمور الخلافية الشرعية بعيدا عن التدخلات السياسية والاجتماعية أو الفئوية,ولهذا نحن جزء من الشعب العراقي نريد استعادة أموالنا المنهوبة من قبل المفسدين الذين أفرج عنهم تحت حجة قانون العفو(وماهو بقانون لأنه مخالف للشرعية القضائية),
ولن نتنازل عن مطاليبنا هذه إلا في حال جمعت تواقيع الشعب العراقي بأكمله المؤيدة لقانون العفو(بما فيهم الأطفال لحين بلوغهم سن الرشد),مع إن العملية لا تخضع للشروط النسبية,لان عدم موافقة مواطن واحد عن هذه القوانين ,يعني على القضاء العراقي أن يشكل لجنة قانونية ومالية لحساب حصة هذا الفرد من الأموال المسروقة ,واستعادتها إليه أو إلى خزينة الدولة,أما إذا كانت هذه الأموال ملك للسياسيين وللحكومة فقط فهذا أمر أخر!
اليوم يريد مجلس النواب العراقي اتخاذ خطوة خاطئة أخرى في مجال قوانين العفو عن المتهمين بملفات الفساد المالي والإداري,والسلطات القضائية مدعوة لرفض ورد أي قانون يخالف الشريعة الأخلاقية والسماوية,فهي سلطة مستقلة غير تابعة لأحد,تخضع إليها جميع التشريعات القانونية,كما تقع على عاتقها متابعة تنفيذ القوانين ,وعليها أن تساهم مساهمة فاعلة في حماية الممتلكات والأموال العامة,
(هل من العدالة أن تسجن على سبيل المثال موظفة أمانة بغداد المتهمة بالاختلاس وغيرها من الموظفين,ويفرج نفس القضاء عن آخرين لمجرد تقادم وتفاوت أزمنة قوانين العفو-العدالة واحدة في كل مكان وزمان),
مثلما حسمت بعض مواد الدستور وردت ملفات الأقاليم,عليها رد القوانين الفوضوية المعدة بقوالب سياسية وشخصية
نحن نطرح هذه التساؤلات ونريد إن نسمع أجوبة القضاء العراقي………