18 ديسمبر، 2024 6:53 م

القضاء والتيار والشرعية

القضاء والتيار والشرعية

في باكستان قضت محكمة الاستئناف العليا في إسلام أباد بعزل رئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف من منصبه وإدانته بتهم الفساد التي كشفت عنها تسريبات بنما العام الماضي ومنها غسيل الأموال وعدم الكشف عن ممتلكاته في الخارج.
وصرح القاضي إعجاز أفضل خان أمام المحكمة قائلا “لقد فقد الأهلية كعضو في البرلمان وبالتالي لم يعد يتولى منصب رئيس الوزراء”. كما منعت المحكمة نواز شريف من الترشح لهذا المنصب مدى الحياة.
أما في الجزائر ارتبطت الأحكام القضائية الصادرة أخيراً في الجزائر بحق مسؤولين سابقين كبار ورجال أعمال من محيط الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، بقرار يقضي بـ”مصادرة جميع الممتلكات”، ونالت المحجوزات المُعلن عنها حصة كبيرة من تعليقات الجزائريين قياساً إلى حجمها الضخم.
ونرى كثير من الدول يكون للقضاء الدور الأساسي في مكافحة الفساد، أما في العراق فقد وصل الفساد إلى مستوى تجاوز كل الحدود، فهل كان هناك دور للقضاء في الوقوف بوجه هذا الفساد؟.
إن تعبير ( الكتلة النيابية الأكثر عدداً ) الواردة في المادة (76) من الدستور تعني أما الكتلة التي تكونت بعد الانتخابات من خلال قائمة انتخابية واحدة, أو الكتلة التي تكونت بعد الانتخابات من قائمتين أو أكثر من القوائم الانتخابية ودخلت مجلس النواب واصبحت مقاعدها بعد دخولها المجلس وحلف اعضاؤها اليمين الدستورية في الجلسة الاولى الاكثر عدداً من بقية الكتل, فيتولى رئيس الجمهورية تكليف مرشحها بتشكيل مجلس الوزراء طبقاً لأحكام المادة (76) من الدستور وخلال المدة المحددة فيها، ومن هنا وبسبب القضاء بدأت مشكلة تشكيل الحكومة بعد كل انتخابات.
ومن منا ينسى موقف القضاء من اتهامات وزير الدفاع خالد العبيدي لرئيس البرلمان الجبوري، عندما ذهب الأخير للقضاء جاء ببراءته بعد وقت قصير، لا يتجاوز ساعات معدودة، وكلنا نعرف أن أي دعوة تحتاج إلى وقت قد يتجاوز الأشهر ويمكن أكثر من سنة.
وهناك أمثلة كثيرة، لو أردنا ذكرها يمكن نحتاج إلى مجلدات، فهل كان هناك موقف للقضاء من نتائج المجلس التحقيقي في مجلس البرلمان حول سقوط الموصل والتي وصلت نسخة منه للقضاء، وتعلمون خسائر العراق من شهداء وأراضي و …، ولم يحرك القضاء ساكناً.
فهل يبقى القضاء مقدس لا يجوز انتقاده، حتى وإن كان البلد على شفا حفرة من الانهيار، بل أن العراق أصبح مضرباً للأمثال بين الدول.
بعد كل ما قدمناه أعلاه، هل يبقى القضاء فوق القانون، وهل يبقى من الممنوعات انتقاد القضاء، وهل هناك نص دستوري أو قانوني يمنع التظاهر ضد القضاء وايصال صوت الشعب بأن القضاء جزء من المشكلة العراقية، وعلى القضاء أخذ دوره الحقيقي، ويكون القضاء جزء من حل الوضع المتردي للبلد.
إن موقف القضاء من التظاهر أراه يؤسس للدكتاتورية، ويعتبر تكميم للأفواه، وهو المعول عليه أن يكون حامي للدستور وللمشروعية، وعلى ذلك أتمنى على رئيس مجلس القضاء الأعلى، وأملي به كبيراً أن يدير ظهره للضغوطات التي أقرها ساسة العراق، (وهذا ما أكده السيد هادي العامري على الفضائيات)، وأن يعيد للقضاء هيبته من خلال فتح ملفات الفساد بدون النظر إلى أسماء الفاسدين وانتماءاتهم، وتنفيذ المواد القانونية بدون محاباة وبعيداً عن المجاملات وهذا ديدن القضاء، والله ما وراء القصد.