تتقدم القوات المسلحة العراقية بشكل مذهل في المرحلة الثالثة من عمليات قادمون يا نينوى التي تهدف لتحرير كامل محافظة نينوى من سيطرة الجماعة الإرهابية داعش ، و بختام هذه العملية ستوصد مرحلة سيطرة هذه الجماعة على مدن عرقية سقطت بيدها في حزيران 2014 ، و لذلك يفتح الباب واسعا على موضوع ما بعد الموصل في إشارة إلى إعادة رسم صورة المشهد العراقي على مستويات متعددة
تشريعيا و تنفيذيا ستكون انتهاء عمليات التحرير قريبة زمنية من موعد الانتخابات المحلية و النيابية ، و حتما أن معطيات سقوط المدن و تحريرها سيكون له تأثير في رسم صورة المشهد السياسي برلمانيا و حكوميا و غير ذلك ، إلا أن التفكير بمرحلة ما بعد الموصل على الأغلب ينظر بها إلى موضوع الدولة العراقية ، و هو بعد أوسع من التحولات التي تصنعها الانتخابات الدورية ، أي ما يرتبط بالمؤسسات الدائمة ؛ و تتمثل هذه المؤسسات ببعد القوانين و أجهزة الدولة ، و لعل أبرز عناوين هذا المعنى هي السلطة القضائية الاتحادية فضلا عن رمزية القانون التي تحملها مؤسسات و أجهزة هذه السلطة ، و لهذا سنسأل في هذا المقال : ماذا ينبغي أن يحصل للقضاء العراقي لمرحلة ما بعد الموصل ؟ و هذا السؤال يشتمل على بعدين : الأول ماذا على السلطة القضائية أن تفعل لنفسها ؟ و ماذا على الآخرين من واجب تجاه القضاء ؟
تشريعيا من زمن ليس بالقصير تقدمت السلطة القضائية بما أطلقت عليه مدونة التشريعات القضائية ، و هي مجموعة مشاريع قوانين ضرورية لمؤسساتها ، و قد صوت مجلس النواب مؤخرا على بعض هذه القوانين و رغم الجدليات السياسية التي أنعكست على هذه القوانين ، و هنالك قوانين أخرى لا زالت تنتظر خروجها للنور و أبرزها قانون المحكمة الإتحادية العليا .
أما فيما يرتبط بالبعد التنفيذي ، فكانت و لا زلت تؤكد السلطة القضائية على أن تدرك الاطراف السياسية أن حماية أستقلالها كمؤسسة و كقضاة واحد من أهم عناصر صيانة القضاء و بالنتيجة صيانة الدولة ، و أما ماذا ينبغي على الآخرين من واجبات تجاه القضاء ، فالأمر هذا يرتبط ارتباط وثيق جدا بالأزمات ، فالقضاء يحمل الآخرين مسئولية ما يرتبط بقوانينه و كذلك يحملهم عدم تنفيذ الأوامر القضائية خاصة تلك المرتبطة بقضايا النزاهة و حتى القضايا الجنائية و الإرهاب ، و عليه فمن أراد أن يضع مشروعا وطنيا سواء تحت اسم التسوية أو أي عنوان آخر ، إدراك أن الإستماع الى القضاء العراقي أحد أبرز الأعمال المهمة التي ينبغي أن تحصل .