23 ديسمبر، 2024 12:03 م

القضاء العراقي والعدالة المفقودة

القضاء العراقي والعدالة المفقودة

هل يستطيع أحد من مسؤولي المجلس ألآعلى للقضاء العراقي الجواب على ماسنورده من وقائع مؤلمة تخدش سمعة القضاء الذي لم نكن نتمنى له أن يصاب بمثل تلك الخدوش التي أصبحت حديث المواطنين وأنا أستميح القراء عذرا أذا كان البعض منهم لايرى في مثل هذه المواضيع هي مواضيع الساعة وأقول لهم بكل محبة أنها مواضيع الساعة وكل ساعة فأهم شيئ في الدنيا هي العدالة وأستميح رجال القضاء عذرا أذا تصور البعض منهم أن هذه المواضيع أستفزازية لهم , وليعلم المخلصون منهم أن من يسيئ لمهنة القضاء هو الذي يستفزهم وليس الكاتب الذي يرى من مسؤولية الكتابة كشف معاناة المواطنين في كل مجالات الحياة وعلى رأسها المجال القضائي .

وكتوطئة للحديث عن هذا الموضوع الحساس والخطير نورد محادثة جرت مابين طالب في معهد القضاء العالي وبين زميل له :-

يقول الزميل : سألت صديقي لم ذهبت الى معهد القضاء ولم تذهب الى الدراسات العليا للقانون ؟

فقال له الطالب : عندما أصبح قاضيا أستطيع أن أستدعي المحافظ ولا أحد يمنعني ؟

من هذه المحاثة القصيرة نفهم توجهات وثقافة هذا الطالب في معهد القضاء فهو يبحث عن المظاهر والتسلط وروح الغلبة والزهو الشخصي ولايبحث عن العدالة وحق الناس ورفع المظلومية عنهم ورفع سمعة البلد والقضاء , وهذه تربية وتوجه خطير يهدم كل مقومات العدل , ومن هنا تكون مسؤولية القبول في معهد القضاء مسؤولية كبيرة تحتاج الى مربين قبل أن تحتاج الى من يعرف التشريعات القانونية وأقسامها

وألآن أنتقل لآيراد بعض الوقائع التي مورست في جلسات التحقيق والمرافعات القضائية التي تدل بوضوح كما سنرى على أن هناك نقص في الخبرات وتغليب ألآمزجة الشخصية على المضامين القانونية :-

المثال ألآول : أبن ضال سولت له نفسه فخان أباه وأنكر حق أبيه الذي فتح له مشروعا تجاريا وكل ألآقارب والمعارف وألآصدقاء للعائلة يعرفون أن رأسمال المشروع من الوالد وألآبن قبل خيانته كان يصرح بذلك للمقربين وللجيران , وعندما أقام الوالد دعوة قضائية ضد ألآبن محسنا الظن بأن القضاء سيرجع له حقه وقدم الوالد عددا من الشهود منهم من أبناء العمومة ومنهم من ألآصدقاء المطلعين على أحوال العائلة التجارية وعندما شهد الشهود بأن المال هو من الوالد , قال القاضي لآحد الشهود : هل رأيت بأم عينك أن الوالد سلم مبلغ رأسمال لآبنه ؟ يقول الشاهد لآني أقسمت بالقرأن قلت للقاضي : لا لم أره بأم عيني ولكن ألآبن هو من أخبرني سابقا بأن المال من أبيه , والسؤال هنا : هل من العدالة أن يطلب القاضي من الشهود رؤيتهم حالة تسليم ألآب لآبنه المال ؟ ومن المعروف عقلا لايمكن طرح مثل هذا السؤال لآن مايجري في العائلة من علاقات مالية أو عقارية أو أمور شخصية لايمكن لغير أفراد العائلة معرفتها ألآ بالنقل وألآخبار , ثم من المعروف عرفا في مجتمعنا أنه ليس واردا من باب العرف وألآخلاق والثقة المتبادلة بين ألآب وأبنائه أنه عندما يريد أن ينشأ تجارة أو أي مشروع لآبنه أن يقوم ألآب بالمكاتبة مع أبنه ويشهد الشهود أو يوثق ذلك عند كاتب العدل لآن ذلك يفقد الثقة بين الآبن وأبيه ونتيجة لذلك كان قرار القاضي لصالح ألآبن ورفض حق الوالد وحتى عندما رفعت للتمييز جاء قرار التمييز مؤيدا لرأي القاضي وبذلك تمت مخالفة صريحة للشرع ألآسلامي الذي يقول ألآب يملك ألآبن ومايملك ثم تمت مخالفة السنة النبوية التي تقول : شاهداك أو يمينه ؟

المثال الثاني : أستأمن رجل أحد أقاربه على بعض ماله , فوسوس الشيطان لمن أستؤمن وباع بعض السيارات التي كانت معه وهي للرجل المتفضل عليه بالنعمة وعندما سأله عن مصير السيارات أنكر معرفته بها ولآن الرجل صاحب السيارات لم يكن لديه مستمسكات ضد من خانه سكت وأحتسب أمره لله وبعد مدة عثر في سيارته الخاصة على سند بيع حدى سياراته المختفية في معرض من معارض مدينته وقد تم تزوير توقيعه , وعندما تقدم محامي صاحب المال بدعوى الى المحكمة مطالبا فتح التحقيق مع صاحب المعرض وهنا أستقدم صاحب المعرض للمحكمة فقال له القاضي : هل هذا السند صادر من معرضكم , فقال صاحب المعرض نعم ولكني لاأعمل في المعرض وأنما عندي وكيل موظف , وهنا سنرى كيف تختل العدالة , حيث لم يطلب القاضي من صاحب المعرض أبراز التوكيل الرسمي للمحكمة ولم يطلب أحضار الموظف الوكيل رغم رجاء المحامي للقاضي أن يطلب التوكيل الرسمي وهو حق أو يطلب أحضار الوكيل ؟ وكان القاضي يرد على المحامي بأن ذلك من أختصاص المحكمة وهكذا ضاع حق صاحب المال الذي أستنجد بالقضاء بعد أن توفرت لديه أثباتات تظهر حقه ونفس الشيئ عندما رفعت القضية للتمييز جاء الجواب مطابقا لرأي القاضي ؟ ولاندري كيف تتحق العدالة في مثل هكذا أجراءات ومتى يحصل الناس على حقوقهم في ظل أمزجة لاتراعي روح القوانين وتطبيقاتها ؟

المثال الثالث :

رجل سياسي معروف ينتسب لحزب معروف بعد السقوط مباشرة ونتيجة الفوضى التي عمت في البلد كانت الجهات الرسمية تكتب تخويل السيارات الموجودة في حيازة الحزب بأسمه دون أن يطلب هو ذلك ولم يكن يوقع على أستلام تلك السيارات وأنما يوقع عليها من يستلمها من أفراد الحزب , أنتقل هذا المسؤول الحزبي الى مكان خر من عمل الحزب وظلت السيارات تستعمل من قبل الحزب فقام رجل معمم ببيع أحدى السيرات التي تخويلها بأسم مسؤوول الحزب وعندما علم المسؤول حاسب ذلك المعمم وقال له هذا ملك للدولة لايجوز بيعه , وبعد سنوات يفأجئ المسؤول بمطالبة القضاء له بالسيارة فحضر للقضاء وأعطى أفادة مفصلة مع ستة شهود بأن المعمم قام ببيع السيارة أواخر عام 2003 ولذلك قال له القاضي أنت سنطلبك شاهدا ولكن بعد خمس سنوات من التحقيق الروتيني البطيئ ومع أعتراف المعمم بأن السيارة سرقت منه ألآ أن القاضي حمل مسؤول الحزب ثمن السيارة البالغ ” 22″ مليون دينار عراقي , فقام مسؤول الحزب بتسديد المبلغ لحساب المحكمة أيمانا منه بتطبيق النظام والقانون , والسؤال هنا : كيف يتم تحميل مسؤول الحزب ثمن السيارة وهو لاعلاقة له بأستعمالها وبيعها وأن من باعها أدعى كاذبا بأنها سرقت منه ثم أن شهود مسؤول الحزب كانت شهاداتهم متطابقة بقيام المعمم ببيع السيارة ثم أن المحكمة حكمت بأدانة المعمم مع وقف التنفيذ , فلماذا وكيف يغرم مسؤول الحزب ولايغرم من باع السيارة تجاوزا وأدعى سرقتها كذبا بدون محضر يدل على ذلك , ولماذا تم أخذ طبع ألآصابع لمسؤول الحزب وطبع ألآصابع يؤخذ لآصحاب الجرائم أو الذين يشك في أرتكابهم جرائم سابقة ؟ ثم كيف وبأي دليل وحهت لمسؤول الحزب المادة ” 335″ وهي عن أستغلال المنصب ؟ وماهو نوع ألآستغلال للعنوان الوظيفي الذي مارسه مسؤول الحزب ؟ وأذا كانت الجهات الرسمية هي من تقوم بأصدار التخاويل دون الطلب منه فماهو ذنبه وما الدليل على أستغلال العنوان الوظيفي ؟ وهو غير متحقق في مثل هذه الحالة , ثم لماذا لم تقم المحكمة بجمع مسؤول الحزب مع المعمم وأ لاستماع الى أفاداتهم وأقوالهم حتى تكون على بينة من الوقائع , ولماذا تم التحقيق مطولا مع مسؤول الحزب عن ألقابه وهو أمر لايعني التحقيق في مثل هذه الواقعة الواضحة وغير المعقدة , ثم أن القضاء لم يواجه صعوبة في التعرف على أسم مسؤول الحزب والرجل يقال أنه لبى طلب القضاء وحضر وقدم أفادته التي كشفت عن مصير السيارة , والسؤال ألآخر هنا : لماذا تأخر التحقيق في مثل هذه القضية البسيطة والواضحة وغير الغامضة مدة خمس سنوات ولازالت غير منتهية ؟ أليس البطئ في التحقيق يخل بالعدالة , ثم أذا كانت المحكمة قد أستوفت ثمن السيارة من مسؤول الحزب فلماذا ظلت التبليغات تخاطبه بالمتهم ؟ اليس هذا خلاف العدل وألآنصاف ؟

هذه ألآمثلة هي وقائع لمايجري من تجاوز العدالة وهناك أمثلة كثيرة تغص بها وقائع مايجري في المحاكم العراقية , نأمل من المخلصين في القضاء العراقي التحرك لآنقاذ سمعة القضاء وألآنتصار للعدالة التي بها تتقدم ألآمم والشعوب وهذا مانتمناه لشعبنا الذي يحاصره ألآرهاب والفساد