ينصُّ الدستور العراقي على استقلالية القضاء ولا سلطان عليه لغير القانون، كما جاء في المادة (19): اولاً: القضاء مستقل لا سلطان عليه لغير القانون . وفي المادة (88): القضاة مستقلون لا سلطان عليهم في قضائهم لغير القانون، ولا يجوز لأية سلطة التدخل في القضاء أو في شؤون العدالة.
هذا من الناحية النظرية أما من الناحية التطبيقية وما يجري في الواقع فان القضاء العراقي يعاني من الفشل في أداء وظيفتيه بصورة مهنية وحيادية، وخضوعه لإرادات السلطة التنفيذية المستبدة في ظل حكومة المالكي والتي لازالت أذرعها فعّالة، إضافة إلى سطوة المؤسسة الدينية والميول والتوجهات الطائفية، حتى صار ظهيرا للفساد والجريمة وأداة لأنهتاك حقوق الإنسان من خلال عدم القيام بمسؤوليته في الرقابة والتعقب، وتستره على المجرم والفاسد والظالم، وتعطيل وتجميد وتسويف الملفات والقضايا المتعلقة بجرائم فساد وقتل وتهجير وغيرها، وفق سياسة الكيل بمكيالين والتعامل بازدواجية في التعاطي مع القضايا، فنجده أعمى عن الجرائم التي مارستها ولازالت تمارسها الميليشيات والمجاميع المسلحة التابعة لجهة معينة ومحددة، ولا يحرك أي إجراءات قانونية وقضائية بحقها رغم رفع الدعاوى الموثقة بالأدلة، ويغض الطرف بل يتعمد تعطيل وتجميد وتسويف ملفات الفساد والجريمة التي يرتكبها المسؤولون الذين ينتمون لطائفة معينة أو تابعين للجهات التي تفرض سيطرتها عليه، وفي المقابل نجده أسد ضرغام في التعاطي مع الملفات التي تتعلق بأبناء الطوائف الأخرى والجهات التي لا تتماشى مع أجندات من يتحكم فيه، بالرغم من كونها لا ترتقي لأن تقارن مع تلك التي في الجانب الآخر ، هذا إن لم نقل أنها كيدية وملفقة، كما انه لم يحرك ساكنا تجاه الاعتقالات العشوائية وبدون أوامر قضائية والمداهمات الوحشية التي تعرضت لها الدور والمساكن بدون قرار قضائي، وحالات التزوير والرشا التي طالت حتى مؤسساته، والممارسات الوحشية والتعذيب البشع الجسدي والنفسي والابتزاز وحالات الاغتصاب الجنسي وغيرها من الانتهاكات التي تعرض ويتعرض له المعتقلون.
فمن فضائح القضاء العراقي تبرئة وزير التجارة الأسبق فلاح السوداني على الرغم من وجود الأدلة والمستمسكات والوثائق التي تؤكد اختلاسه “ثلاثة مليار دولار” من قوت الشعب، وعدم تعقب فضيحة صفقة شراء أجهزت كشف المتفجرات الفاسدة التي راح ضحيتها آلاف العراقيين، بل عمد على تسويفها و”طمطمتها”، وعدم ملاحقة المتورطين فيها لكونهم من بطانة السفاح المالكي ومنهم محافظ كربلاء “عقيل الطريحي”، ويكفي القضاء العراقي خسة وعهر وفساد وانحطاط وانسلاخ عن المهنية والحيادية والإنسانية انه تجاهل وسَوَّف وتخلى عن مسؤوليته في محاسبة المتورطين بهذه الجريمة النتنة والتي هي جريمة إبادة جماعية، ويستمر القضاء العراقي في عهره وفساده فيعلن رئيس مجلس القضاء الأعلى العراقي، القاضي مدحت المحمود، إغلاق التحقيق بملف يُعَدُّ من اكبر ملفات الفساد يتعلق بقضية الأسلحة الروسية،التي وقعها نوري المالكي، خلال زيارة قام بها إلى موسكو بقيمة أربعة مليارات و200 مليون دولار.
إن ما جرى من محاكمة جائرة على مقلدي السيد الصرخي وما صدر من أحكام تعسفية من قبل محكمة كربلاء يكشف عن المستوى الضحل الذي وصل إليه القضاء ومدى تبعيته وانقياده لأوامر المؤسسة الدينية والسلطة التنفيذية الجائرة هناك ،وإرادة إيران حيث حكم بالسجن المؤبد على 41 شخصا من مقلدي المرجع الصرخي بناءا على إملاءات القنصل الإيراني الذي كان حاضرا في يوم المحاكمة ومحافظ كربلاء “عقيل الطريحي” نديم العقرب المالكي والمتورط بصفقة السونار الفساد، وأوامر وكيل المرجعية وقائد الميليشيات وسارق أموال الحضرة الحسينية وكيل امن صدام وسمسار الاحتلال وأداة إيران في كربلاء عبد المهدي الكربلائي ، قضاء كربلاء الذي كان اعورا بكل ما تحمله هذا الكلمة من معاني ودلالات، فهو لا، ولم ينظر إلى الجرائم والمخالفات القانونية المثبتة بالأدلة الموثقة والمصورة فوتوغرافيا وفيديويا التي ارتكبتها الأجهزة الأمنية والعسكرية والقضائية والميلشيات المؤتمرة بأوامر عبد المهدي، وثائق، صور، مقاطع فيديوية ، تصلح أن تكون أفلام رعب ،قتل،إجهاض على الجرحى،تمثيل بالجثث، حرق للجثث، سحلها بالشوارع، واعتقالا للآلاف بدون أمر قضائي،وتعذيب وحشي مارسته الميليشيات، وفي السجون، تقطيع الأعضاء، (التيزاب) يصب على أجساد عارية، كهرباء، ومختلف طرق التعذيب الجسدي الوحشي والنفسي، موت لبعض المعتقلين تحت التعذيب، وهذا كله مخالف لما جاء في المادة (37): أولاً: أ ـ حرية الإنسان وكرامته مصونة .
ب ـ لا يجوز توقيف احد أو التحقيق معه إلا بموجب قرار قضائي .
ج ـ يحرم جميع أنواع التعذيب النفسي والجسدي والمعاملة غير الإنسانية، ولا عبرة بأي اعتراف انتزع بالإكراه أو التهديد أو التعذيب، وللمتضرر المطالبة بالتعويض عن الضرر المادي والمعنوي الذي أصابه، وفقاً للقانون .
شكاوى ، دعاوى ، موثقة بالأدلة ، رفعها أنصار المرجع الصرخي للقضاء بشق الأنفس.. جرائم مع سبق الإصرار والترصد …مخالفات صريحة وواضحة.. اعتداءات ، انتهاكات سافرة ، قتل لحقوق الأنسان.. لكن القضاء صم بكم عمي..
هذا هو القضاء العراقي الذي يترأسه مدحت المحمود ربيب صدام ومن المتأثرين به، حيث يعتبره أعظم قائد تأريخي، ويشبهه بالنبي محمد في كتابه “العدالة في فكر القائد”.
قضاء يشهر سيفه بوجه كل مظلوم، وكل مصلح، وكل من تسول نفسه أن يعيش عراقيا حرا أبيا رافضا للطائفية وللتبعية، قضاء لم يتوانَ في تنفيذ مهامه المنوطة به من قبل المؤسسة الدينية الطائفية، والجهات التي تفرض هيمنتها عليه، وتغدق عليه بالرشا والتي تتولى إصدار الأحكام الجائرة وتبذل كل طاقاتها من اجل تلفيق وإلصاق التهم بحق كل من يرفض منهجها الطائفي القمعي، قضاء يصدر حكما بالسجن المؤبد بجريمة تقليد المرجع الصرخي، حب الوطن، رفض الطائفية، التمسك بالهوية الوطنية، رفضهم الفتوى الطائفية….
قضاء يبرئ المفسدين والسُرّاق والفجار والقتلة والميليشيات بل انه ظهيرا لهم..