يعد القضاء العراقي مفصلاً مهماً من مفاصل الدولة العراقية الحديثة وفي بلد مثل العراق الذي عانى الكثير من الاضطهاد والظلم أمام مسمع مؤسسات حقوق الإنسان الدولية ، والقضاء العراقي في زمن النظام البائد حيث كان يمثل الغطاء في إصدار أحكام عرفية جائرة بحق الشعب الاعزل بدون تحقيق أو محاكمات أصولية حيث ذهب الكثير من الابرياء مابين السجن ومئات الآلاف الاعدامات .. وبعد زوال طاغوت العراق كانت الأنظار تتجه نحو بناء المؤسسات الحكومية على أساس مهني صرف لاتأثير للسلطة او الحكام عليها ومن هذه السلطات كانت السلطة القضائية التي اصبح من مهماتها عي القصاص من اتباع النظام المقبور، وإقامة الأحكام العادلة التي تضمن حقوق الناس من دون التأثير من عوامل الضغط السياسي او الحزبي او الفئوي ، ولكن وللأسف الشديد يوما بعد يوم تنكشف حقيقة القضاء العراقي انه مسيس وانه يخضع الى سلطة الحكومة ويقع تحت ضغوط توجهاتها السياسية ، وما الازمة الاخيرة واعتقال افراد من حماية وزير المالية إلا مثالاً واضحاً على تخبط القضاء التأثير السياسي عليه ، وطريقة فتح الملفات بتوقيتات مدروسة ومعد لها لتصفيات سياسية خصوصاً ونحن على اعتاب الانتخابات لمجالس المحافظات، وما تحققه من تسقيطاً سياسياً ومكاسب حزبية ، لقد أثبتت التجارب أن الطريقة التي يتم التعامل بها مع القضاء وتسييسه وبما يتلائم والمصلحة الحزبية سيؤدي الى نتائج سيئة تنعكس على بناء المؤسسات والدولة العراقية الجديدة ، السؤال الذي يطرح نفسه إذا كانت الحكومة حريصة على تطبيق القانون والقصاص من المجرمين فلماذا تفعّل ملفات محددة وبأوقات محددة ويترك ملفات المفسدين والإرهابيين والقتلة ، لقد أثبتت الاحداث الاخيرة ان القضاء العراقي قضاء مسيس وتتحكم به سياسة الحكومة في صراعها مع خصومها كيفما تشاء ومتى ما تشاء وبشكل واضح ، مضافاً الى الفساد الذي ينخر في جسد هذه المؤسسة المهمة ، حيث أصبح القضاء العرقي مكاناً تباع وتشترى فيه القضايا ويطلق سراح مجرمين ارتكبوا إعمال يندى لها جبين والإنسانية على القضاء ان ينئ بنفسه من هذه الاتهامات الخطيرة ، وان يكون بعيداً عن الشبهات والاتهامات ، والالتزام بالسياقات القانونية المعمول بها في التعامل مع القضايا، كما ندعو الى عدم زج القضاء بهذه الصراعات والعودة الى طاولة الحوار والى التهدئة واحتواء الازمات ، وقطع الطريق امام كل المحاولات الخبيثة التي تحاول تعطيل العملية السياسية من مظاهرات ليس ورائها إلا اهدافاً يراد بها ارجاع العراق الى المعادلة السابقة .