((أيها الوطن المزروع بالاجساد
فدَع هذه الحروب
و .. دعْ صخبَها وأسئلتها
ورُبما نتبعثر في خساراتها
لكننا سننحتُ انتظارَنا عشقاً عراقياً
نصنعُ منه وطناً آخر ..
نأوي إلى حضنه آخر الليل …)) .
بهذه التراتيل المتدفقة ، يقدم الدكتور نوفل هلال ابو رغيف كتابَهُ الذي حمل عنوان : (المستويات الجمالية في نهج البلاغة – دراسة في شعرية النثر) .
ولعلها هي المرة الاولى التي أقرأُ فيها قصيدةً تمثل تقديماً أو إهداءً لكتاب . وهو أمر يجب ألاّ يكون مُفاجئاً . فالمؤلف شاعر قبل أن يحمل صفات : الكاتب والباحث والاعلامي .
بطاقة تعريف
هو نوفل هلال عبد المطلب أبو رغيف الموسوي ، ولد في مدينة (العزيزية) بواسط ، في أسرة جاهدت الاحتلال العثماني والانكليزي . بكالوريوس لغة عربية ، وماجستير في الأدب الحديث (النقد) من الجامعة المستنصرية . نال شهادة الدكتوراه ، من كلية الآداب بجامعة بغداد عن أطروحته (لغة النقد العربي القديم – دراسة في الانساق الشعرية من القرن الثالث الهجري الى نهاية القرن الخامس الهجري) . عضو المجلس المركزي لاتحاد الأُدباء بعد 2003 ، مدير عام دار الشؤون الثقافية (وزارة الثقافة) . رئيس تحرير ورئيس مجلس ادارة عدة دوريات عراقية . مؤسس مجلة (آفاق أدبية) ، عضو مركز الحوار في النجف الاشرف ، عضو مؤسس لبيت الشعر العراقي . رئيس جماعة (تغيير الثقافية) 2009 . له كتب مطبوعة عديدة ، منها : (ضيوف في ذاكرة الجفاف) شعر 1998 . و(مطر أيقضتهُ الحروب) شعر 2005 . وهذا الكتاب الذي نعرضه الآن ، وعنوانه : (المستويات الجمالية في نهج البلاغة) ، و(ملامح المدن المؤجلة) شعر 2008 ، و(مدار الصفصاف) 2010 . أسهم بعدة مهرجانات أدبية عراقية وعربية وعالمية . كما أقيمتْ له أُمسيات شعرية خاصة في مدن عربية وأوربية . وله مُشاركات واسعة لتمثيل العراق ثقافياً ، خاصة في معارض الكتب الدولية . ولدوره الثقافي والفكري حصل على عشرات الدروع والجوائز والاوسمة عربياً وعالمياً .
قراءآت متأنية
بعد هذا التعريف الضروري ، نعود لقراءآت مُتأنية في هذا الكتاب .
اشتمل على (272) صفحة من القطع الكبير ، وصدر ضمن سلسة الفكر العراقي الجديد . وضم ثلاثة فصول ، والعديد من المباحث ، ومقدمة وخاتمة .
ولأن (المقدمة) – كما نرى – مفتاح الدخول الى فضاءآت الكتاب ، نركز عليها .
وجاء في (المقدمة) : ((مضى بهذه الدراسة صاحبها ، في رحلة تستأهل أن توصف بالتميز والاختلاف ، وقد حفلت بالمخاطرة والجرأة من جهات عدة ، يقف في مقدمتها موضوع الدراسة وطبيعتها ، فهي تطوف في ارجاء كتاب يعد من أضخم انجازات العربية، وأبرزها بما يحملهُ من مادة تكرسُ هذا الوصف وتتعداه ..)) .
ويمضي الدكتور نوفل أبو رغيف ، قائلاً :
((اما القضية الاكبر في أهمية هذه الدراسة وخصوصيتها ، فلعلَّها ترتبط بجانبين أساسيين ، هما :
1. خصوصية كتاب نهج البلاغة .
2. تَناوِل هذا الكتاب من زاوية دراسة مستوياته الشعرية الجمالية .
الطفل يراوده الحلم
ويذكر المؤلف أبو رغيف : ((كان مشروع دراسة نهج البلاغة حلماً يراودني طفلاً ، لَمّا أتعرف بعدُ ، على مملكة أسراره ، أو أستغرق في النظر إلى أبعاده ..)) .
وينتهي للقول : ((وكبر الحلم القديم المؤجل ليمر باحباطات وتراجعات ، كادت تودي به في زمن غير هذا الزمان . ولكن الله شاء وقدَّر الخوض في هذا الخضم فحسمتُ الاختيار)) .
إن أحلام الطفولة الغضة ، كبرت ، وتبلورت ، فكانت الحصيلة : كتاب متميز في الموضوع والمعالجات والمؤلف .
مدخل تمهيدي
لمن يقرأ الكتاب قراءة متأنية ، يجد أن دراسة المستويات الشعرية / الجمالية في كتاب (نهج البلاغة) ، جاءتْ على وفق الآتي :
أ. مدخل تمهيدي يتكون من أربعة أقسام ترتبط جميعها بما يمهد لدراسة مستويات الشعرية ، ويعد بمثابة العناصر المساعدة في عملية تأويل النصوص .
ب. الفصل الاول وينقسم الى مباحث عدة تتناول أبرز الظواهر التي تتألف منها (شعرية التشكيلات الايقاعية) .
ج. الفصل الثاني وعنوانه (شعرية المظاهر التركيبية) ، وينطوي على أبرز المظاهر التي رصدتها الدراسة في هذا المستوى مما تقاسمتهُ مباحث الفصل وأقسامه .
د. الفصل الثالث وعنوانه (شعرية الظواهر الدلالية) ،وينقسم الى مبحثين رئيسيين تتفرع عنهما أقسام أُخرى على النحو الذي سيتبين لاحقاً : يحملان عنواني (الدلالة المجازية) و(الدلالة الحقيقية) ، فضلاً عن مبحث ثالث يتضمن أنموذجاً تحليلياً عاماً .
توطئة لها علاقة
وقد تصدرت كل فصل من هذه الفصول الثلاثة توطئة لها علاقة بالمستوى الذي يدور الفصل حوله . ونجد فيه نهاية كل فصل ، أنموذجاً تحليلياً عاماً لنصوص طويلة غير مجزوءة ، أو خطب كاملة غالباً ما تجتمع فيها عناصر الشعرية وابعادها التي رصدها كل فصل من فصول الدراسة .
الباحث الدكتور نوفل هلال أبو رغيف تحدث عن (تأخر الفرح المؤجل) ، ونأمل أن هذا الفرح سوف لن يتأخر طويلاً .
إنه كتاب يُقرأ ..