18 ديسمبر، 2024 4:11 م

القصيدة تتوغل في تضاريس حلمية التوصيف الذاتي

القصيدة تتوغل في تضاريس حلمية التوصيف الذاتي

قراءة في ( حين تدق الساعة ) لذياب شاهين
أن فضاء التعريف التوصيفي في مجال و مسار ودلالة

الكتابة الشعرية ليس غرضا في ذاته و لذاته وصولا من

الشاعر نفسه الى مفردات التكوين الشفروي و الظواهري

و المفهومي و الأسلوبي في منحى بناء النص و خطابه

المدلولي الدال : كيف إذن تحديد النموذج الأتجاهي و البنائي

و مفرداته نحو هدف العقلية المعطى المتاحة في محاذير

نواة الاشارة الشعرية و إمكانياتها التعاقبية في التعيين الصوري و الأسلوبي و علاقتهما معا بشروط التصور

الكتابي الآني في جل تمثيلاته و فروقاته الغيرية المخالفة ؟

عندما قمت بقراءة مجموعة قصائد ( حين تدق الساعة )

للشاعر و الكاتب ذياب شاهين تنبه لي بأن لهذا الشاعر ثمة

آفاق تشخيصية في مجال فعل و أفعال الأبعاد الوصفية و

ملازماتها التحفظية المنتقاة في صياغة اطروحة الموصوف

الذاتي في القصيدة كبعد قائم على مدى حسية مخطط الاستجابة الحلمية كتفسير تفارقي على حدود مساحة الموقف

و الحالة المتصورة أحتمالا تفاصيليا . و بهذا المعنى وجدنا

أغلب نصوص الشاعر شاهين في المجموعة تتجه نحو تذويب البنية الذاتية للقول التوصيفي الى مدى علاقة جامعة

بين تصورات النموذج و بين عملية التوغل الوجدانية نحو مسافات شاسعة من جغرافيا الملاحظة الإثارية الكامنة في

شفرات حيوية منطقة الحلم الأستجابي من لدن إضافية التعريف الوصفي في ذاته .

الفرق بيننا ( قصيدة : النحات )

هو

أنك لا تراني

لكنني أبصرك

مسجونا في صخرة

أو في طينة

أحررك منهما

و حينما أراك

مختبئا

في جذع شجرة

وهي تهيل لحاءها

على أيقوناتك

تفرح عندما

تشم خطواتي .

يبني الشاعر قصيدته ( نحات ) على مساحة إضاءة استشرافية من التعيين البؤروي المؤدي الى ضمير

المخاطبة مونولوجيا إزاء إنزياح روحية و صوت

( الأنا / الآخر / الأشياء / الرؤية ) حيث ينكشف لنا

بالنتيجة أن وضوح تعريف الأنا الواصفة قد جاء في

حدود ومضة مؤولة من اللغة المبنية في ذاتها على معنى

الشكل المقنن و الضاغط المدلولي في محور الأنعكاس المراوي : ( الفرق بيننا .. هو .. أنك لا تراني .. لكنني

أبصرك ) تشي هذه الدوال عبر سطح دلالة النص الى

الدخول في منطقة ( الشاعر / الأنا / الآخر ) و بين الانفتاح

الذواتي المتكلم نحو تلمس الضفة الأخرى من تعريف الذات

و انعكاسها الناقل في متوالية تمظهرات ضمير الأنا في بوح و تقمصات صورة و حضورية الأشياء كدال استكمالي مضاف الى وازع البحث عن ( مؤجلات المعنى ) . فالشاعر

شاهين في دلالة ( مسجونا في صخرة .. أو في طينة ) بات

يحيل استفهامية الاتحاد العضوي مع نواة الآخر الى أسم غامض أو الى منادات في حمى من الانفعال التوصيفي

المقرن في وجه تحولات ضمير الأنا أو بعبارة موجزة

يحق لنا القول هو ذلك التأسيس المرتبط بين تجاوب كفة

موضوعية الشيء و بين سلاسة مدلول الأشياء و بين

بلاغة تصويرها أحتمالا و ترميزا مراويا .. ( وهي تهيل

لحاءها .. على أيقوناتك ) تتلمس أصداء محاور التشابه

و التشبيه في معرفة الحالة التوصيفية في نواة الأشياء

الموصوفة وصولا الى الديالوج الحلمي الذي أمتلك في

النص كل مسوغاته في بنية أحتواء الاتحاد بالذات المراوية

في جسد صوت الأشياء و إيحاءاتها المنعكسة في عاملية

البوح الشفروي و هزاته : ( الفرق بيننا : أنا ــ هو / أنك

تراني : بعيدا عنك = تشكيل = صياغة = حدود توصيف /

لكنني أبصرك : قريب منك = أنا أنت = منظور أنعكاسي =

أفق أحتمال / تفرح عندما تشم خطواتي : الاتحاد بالذات الأخرى = قرب متوقع = معلوم دال مسبق = مسوغ مراوي =أنت = أنا ) الشاعر في دوال هذه القصيدة لا يقدم لنا

مفردات الصياغة الوصفية هيكلا علنيا ، بل أنه راح يضمر

ترسيمة الدوال في دائرة غواية أصوات مراوية لربما مصدرها توقفات إنزياح الأنا في أمتلاك هوية الآخر

و انعكاسه السري في ممارسة الذات الحلمية في نواة

الأنا المتكلمة ذاتها في النص .

( فراغ عضوية الدلالة في تمظهرات تشكيلية النص )

الساعة

دقت فجرا ( قصيدة : حين تدق الساعة)

وكنت في سوق النوم

أتبضع أحلاما

لحياة أخرى

لكن النوم بيت

في وادي الموت

و الزمن محض أفاع في دربي

تغويني و تسرقني

و تنزلني الظلمة

كيف سأقوم

و الوقت صبية

تشاركني حلمي

و تشدني الى السرير

ساقاها تلتفان

على ساقي كأنشوطة

لصيد الطيور .

و اذا ما أنتقلنا الى مفصل آخر من مفاصل قراءة قصائد

ذياب شاهين ، لوجدنا بأن الحالة الشعرية لديه أحيانا لا

تكشف عن محاولة إجرائية شعرية جدية تكون متصلة

و أفق موضوعي رصين و دال ، بل أن القصيدة لديه

كما الحال في نص ( حين تدق الساعة ) محض حركات

صورية قد ل تفارقها انشائية المفارقة البدائية في جمع

الصور من هنا وهناك ، فضلا عن وجود مواطن كبيرة

من الشحوب و الفجوات في مفاصل الالتحام الدلالي

العام في محور رؤية النص البعدية . فهناك تواجهنا

ثمة حالات شاذة و ناشزة عبر مواطن أفعال و كيفيات

أدوات التواصل و الربط في حلقة أعضاء النص نفسه

كما هو الحال تقريبا في بعض فقرات هذه المقاطع :

( الساعة دقت فجرا .. وكنت في سوق النوم أتبضع

أحلاما .. لحياة أخرى .. لكن النوم بيت .. في وادي

الموت ) فالدوال التوصيفية هنا لربما لا تعبر عن

عملية أفقية كفيفة من الشد الموضوعي و الدلالي و

التشويقي في درجة ما من الانفتاح و المغايرة الشعرية

الفائقة ، بقدر ما تعبر عن مستوى من الانشائية الركيكة

وهي تسعى في جمع أوصال تعويضية و انتقالية في فحوى

مسميات رسم دلالة الأشياء في حيز انجازية شعرية النص :

فأنا شخصيا لا أجد ثمة دليل فاعل في إجرائية صور هذه

الفقرات المتحاورة في النص ؟ فما وجه هوية الساعة دقت

فجرا ثم الى وكنت في سوق النوم وصولا الى أتبضع أحلاما

لحياة أخرى ثم و أخيرا قول الشاعر اللامسوغ لكن النوم بيت

في وادي الموت ؟؟ في الحقيقة أن مثل هكذا تخاطر و هكذا توظيف لا يقال في مقام تجربة قصيدة شعرية ولا من جهة ما يحق أن يقال في مشروع مجموعة شعرية ، بل الأصح قوله

في دفتر للمذكرات مثلا أو في دفتر للأنشاء المدرسي مثلا ؟.

أن القارىء لهذه الفقرات من أعضاء النص الدلالية لربما للأسف سوف يلاحظ مدى خواء حساسية التشكيل الشعري

الأسلوبي و البنائي و التغايري لدى مفردات شاهين ، كما الحال في قوله اللاحق من النص نفسه : ( والزمن محض أفاع في دربي ) تستعين الذات الشعرية هنا بما تيسر لها

من بساطة معطيات مخيالية غير حاذقة في صنع مفردات

وظائفيتها الشعرية وصولا الى أفق معالجة متينة في عضوية

الانتقاء و الأختيار المناسب في معطى التأثيث الخطابي الممتد في فضاء الصورة الدلالية في النص الشعري . أي بمعنى ما مباشر أقول أن الشاعر لم يكلف أدواته الشعرية في أرقاء

مستوى تشكيل دواله الشعرية نحو مفاصل مغايرة و أختلافية

في زمن تمظهرات الكشف الشعري لديه ، بل أنه أخذ يستعين لنفسه في رسم حيواة القصيدة بوسائط مفردية و وصفية وحالاتية غير وافية تماما و أفق متانة الخطاب الشعري الناجع و أفعاله و دلالاته الرصينة في شكل عام .

( تعددية الموضوعة في دائرة قصدية الأنتاج )

في مجموعة ( حين تدق الساعة ) يتكشف المتن الشعري

بمراحله و انتقالاته عن طاقة اختيارية متوالدة في انتاج

و رصد تعددية الموضوعة الشعرية في القصيدة . فالشاعر شاهين يطلعنا في مجموعته الشعرية عن أشكال موضوعية

محملة بالتنوع و التعدد ، حيث تظهر لنا بعض قصائد المجوعة أكثر جدية و فعلية كقصيدة ( إحتمال ) و قصيدة

( الكلاب ) و قصيدة ( صلاة ) و قصيدة ( وجع في حافة السعير ) و قصيدة ( لست أنا أنت ) و قصائد أخرى .

أن منطقة كتابة القصيدة لدى الشاعر شاهين تحتاج أحيانا

الى المزيد من الأفق و حيوية التفكير و أصالة الموهبة و

سعة حمولات معرفية ماهية القصيدة و كيفيات ذهابها

الحقيقي الى كفاءة منطقة إيحاء التأثير و المؤثر في وجدان

و عقل القارىء الشعري الحاذق . لا أن تكون القصيدة مجرد

ملاعب غير مؤهلة لتحركات الصور و الحالات و الأصوات

و المسميات في غير مواطنها المناسبة شعرا .

( تعليق القراءة )

استنادا الى ما اطلعنا عليه من قصائد مجموعة ( حين تدق الساعة ) للشاعر و الكاتب ذياب شاهين أقول للقارىء بأن

الشاعر في قصائد مجموعته كان يؤلف حضورا جميلا بين

مسرحة دواله الشعرية وصولا الى حالة الطفح الوجداني لديه

بالأنتماء الى فضاء الحلم و اللاشعور و الذاكرة ، فيما أخذت تمتاز بعض نصوصه بروحية الطفولة و جنوح العاطفة و

العفوية العابثة جدلا .

الجسد

غارق في صيرورته

يتمنى لو كان حجرا

لا ذات له

النجمة تلهث في القبة

الروح

تتلهف هجري

لتلحق أثر النجمة

الجسد يبني لحمته

لكن الروح واحدة

تنجو

في آخر شهقة

في منشار الموت .

هكذا هي عوالم قصيدة ( ذياب شاهين ) قصيدة تأخذ من

المفارقة و الحلم و الذات شكلا يتحقق عبر توازي جملة محاور مضاعفة في حالة بحث و سؤال و توصيف و توتر

مع أقصى حالات الانشغال المتوغل في باطن شاعرية

حلمية توصيل لغة الأشياء الى مسرح دفاتر التوصيف

الذاتي البحت و المجلجل ، حيث يكتظ النص لدى الشاعر بحضورية لغة الأشياء عبر فضاءات إيحائية تتشكل و إياها

مرحلية دلالة واضحة و شفافة و بسيطة ناتجة من مواطن

إحالات وقائعية ذاتية تحكي لذاتها و للقارىء عن قصة الذات الشاعرة التي ما برحت أبعد نقطة في سفر خصوصيات تاريخ الذات الشاعرة ذاكرة و حاضرا وحلما .