23 ديسمبر، 2024 6:13 ص

القصيدة بين هجرة المركز و عزلة الاستشرافية الدلالية

القصيدة بين هجرة المركز و عزلة الاستشرافية الدلالية

قراءة في( خرائط مملكة العين )لعبد الرزاق الربيعي
إن المعنى القصدي في منطقة تمظهرات محصلة مشروعية لالدال الشعري تتصل دائما و حدود ايقونة حضورية خاصة
تجسد لذاتها لحظة إنجازية مكوناتية ترسم ذاتها في معنى هيئة استعارية مكينة لغرض تكثيف التصويرية الإدائية و  التتابعية المشهدية في متواليات النص وصولا منه لإيحاءات
شكلية بالفكرة و الصورة و الموضوع المحوري الإبعاد الذي يفصح بدوره الحاصل عن طاقة تأثيرية يشعر بها المتلقي من طرفه الاستطلاعي و يتمثلها يد الأجراء الوظيفي كفاعلية انفتاح نحو بوصلة الإحاطة التحفيزية المتكونة من تشكيلية القصد و النزوع الاستثنائي لمواصفات الدال الأتجاهي المؤسس في المركز كغائية تصور تواصلي في مؤثثات ملفوظية البناء الشعري ـــ و ليس في تصورات احتمالية المركز كتخصيص تعميمي سريع اللمحة و الدلالة و الذي من شأنه ( أي المركز ) توصيف الأشياء بلغ المؤشر كمعالجة سريعة في أتون النص الشعري . حي أن القارى لهذا النص لا يجد من دلالة المركز في مجموع النصوص سوى العلامة الغير مستوعبة في صيغة عنونة تجسيدية الإداء الأشتغالي في معنى دلال ( المصدر الأستشرافي المركزي ) . و تبعا لهذا الأمر أود أن أقول بأن المعنى الشعري القصدي ما هو إل محصلة حضور مصدري مركزي و استشرافي ، يتجسد النص من خلاله على أساس نقطة خلاصية في مسافة النظرة الوظيفية في فعل تقابلية شريحة الإختلاف و الوسيلة و القصد و الغاية و الرؤية . انطلاقا من أن قيمة المعنى الشعري ليس كفكرة حافزية و محفزة لمرور حالات المبئر في النص الشعري حصرا . ولكنها من جهة بعيدة عبارة عن حالات تشكيل توظيفي من شأنها استفاقة المكين المصدري في حالات تصاعدية الاحاطة في التصو القصدي أي ضمن مداليل سابقة على زمن دلالات غي مؤسسة و غير دارجة في أبجدية مخيلة التعرف التكويني في أفق دلالة القصد و الوسيلة الأستقرائية في محمولات معنى تأثيرية صناعة المنتج الشعري . من هنا يذهب بنا مؤخرا المتن الجديد في تجربة مجموعة ( خرائط مملكة العين ) للشاعر عبد الرزاق الربيعي نحو عوالم استثنائية في مرآيا أسلوبية زمن المتخيل الشعري بكل أبعاده القولية و الصورية و الوظيفية و التشخيصية . لذا و أننا و نحن نقرأ قصائد المجموعة شاهدنا عناصر الأداء في مداليل النص و هي تستدعي مكونات متنها ضمن خصوصي استشرافية متحررة و وسيلة أفهامية مؤشرية المركز المضموني في وصفه لحالات و دلالات صياغة الأشياء .
حين طاردته البراري
لم يمش على الماء موسى

كسائر الأنبياء

و الشهداء

و القديسين

بل نزع يدا من غير سوء

و ارتدى حذاء العاصفة .

هنا نعاين كيفية اندراج الموقف المصدري كبعد استشرافي

راحت تنطوي من خلاله البنية القصدية و العلاقة المرجعية

بدافع الاستجابة الكفائية بين جملة دليل ( طاردته البراري )

و بين مسافة المؤهل المتحقق في شرطية تصورات علاقة

دال ( يمش ) و غرضها التحفظي و الذي لا يتجاوز ظرفية

الظاهرة و الاشارة الى ما تبديه العلامة النسقية في الصورة

الشعرية من امكانية ما في الخروج عن السياق التوالدي :

( الماء / موسى / الأنبياء / الشهداء / القديسين ) و بهذه

الطريقة التوزيعية يواجهنا محور المقترب في الرؤية

التشكيلية على أساس من كونه نقطة ( إلتقاء / فراق ) ليكون

مؤثرا بمحمولاته التي تتعدى منطقة ( الذات / الدليل )

كلحظة خروج لا تميل لها تلقائية الواقعة المؤولة و

تشخيصاتها المفارقة ، بل أنها لا تبتعد أي الرؤية

الاستشرافية عن موضعية تماس بلوغية دلالة جملة

( بل نزع يدا من غير سوء ) فالرمز هنا يواجهنا كمنبه

ملفوظي عبر دال ( نزع ) و دال ( سوء ) أي كمفردات

نقيضية تتعدى قرار فعل واقع النزع عبر إشادات ذات

كيفية مضمرة تكون عادة ملازمة الجوهر و أغراضه

ثم بالتالي نزعه نحو صفات لا تميل لها واقعة التظهير

الطرفية في موقف تساؤل الرؤية المركزية في صوت

مصدرية الاستشراف المتنية في محاور النص : ( و ارتدى

حذاء العاصفة ) من هنا تصرفت القابلية الرمزية على

مواجهة دائرة سلطة الأنطباع في تقرير فاعلية ملازمة

الأولية الأستدماجية في القصد المضموني القابع في مؤشر

حركية جملة القابلية الخارجية في محور النص لتشكل في

ذاتها كوحدة مكونة من فعل استشرافي مشترك مع متواليات

الانتقال الحالاتي في دليل المؤول .

لم يضع الخشبة عللا ظهره موسى

بل كان يقطع طريق الجلجلة

مكوما على كتفيه قبلتين

من الآلآم

والأورام

و الأحلام النيئة .

تقوم من هنا أسئلة النص و الأستجابة لتوهيماته و حيله .

في هذه المقاطع اللاحقة من النص لعلنا نكتشف ثمة آلية

ضمنية ينهض من خلاله المقروء على احتواء المقاربات

المحصلة في تمظهرات الأحداثية المشهدية الدالة في زمن

واقعة ( موسى ) بيد أننا نعاين شكل متتاليتها في الأحداث

وهي تنصب في مستودع مكامن النص الشفروية أو مكامن

الفرادة الشكلية للقول الشعري . و يمثل دلالة المقطع

( لم يضع الخشب على ظهره موسى ) شبه خلاصة معادلية

بين علامة ( لم يمش على الماء موسى ) و بين ( نزع يدا

من غير سوء ) و بين ( أرتدى حذاء العاصفة ). و يحافظ

هذا النص على مكانته المؤولة في المجهر الدلالي و في فاصلة البنية المصدرية المستشرفة على مساحة القراءة و

مساحة فضاء البؤرة الاحتمالية كشكل لا يخرج عن أتون

الواقعة الدلالية في المتن المضموني .

( التعالق الزمني في علائقية الزمن الدلالي )

بعد الدخول لميدان قراءتنا السريعة لقصائد ( خرائط مملكة

العين ) قد تأتي صعوبة تحديد و تعيين درجة الأختراق و

الولوج و الاندفاع بين حاضرية ( تعالق الزمن ) إزاء

مسارية رؤى و مضاعفات أفق علائقية الدلالة المصدرية

و كيفية تصعيدها داخل مؤشر شكلي و أدائي في المتن

الشعري ، أي بمعنى ما كيفية تصعيدها ضمن أفق انتظار

ما .

حين يفرش الطائر جناحي أنظاره

و يبدأ رحلة الهبوط

يرى البيوت نقطا مضاءة

و سطوحا متساوية الأضلاع .

لعل من أبرز الصفات الزمنية التي يؤكد النص الشعري

الخلاق فيها صفته الرؤيوية هي قدرته المستمرة على دمج

زمنيته نحو منطقة علاقة آفاق اختلافية يرتكز الفهم فيها

غالبا ضمن قراءات متعددة تناسب ظرفيته و تستجيب

لمقتضياتها المسكوت عنها . و هذه القصيدة الشعرية التي

جاءتنا تحت عنوان ( عين الطائر ) ما هي ألا منطقة زمنية

محفوفة بآفاق علاقة دلالية استبيانية واقعة في حدود الداخل

من حاضنة كثافة التحصيل الانفتاحي في مفهوم ( الذات

داخل عين الأشياء ) فالشاعر راح يوظف عدسة عين

الطائر حيث يكاد يلتحم عضويا مع سياق أفق رؤى مشهدية

الطائر ، إذ نجده يحوم داخل فعالية أزمنة تصويرية تقود

الدلالة نحو ( يرى البيوت نقطا مضاءة / و سطوحا متساوية

الأضلاع ) أن الواقع الدلالي في مؤشرات زمن شيئية الطائر

راحت تتوالد من خلالها خصوصية الاستشراف الذواتية من

لدن الشاعر لتشكل بذاتها مجموعة توكيدات أحتمالية أحادية

الإحاطة و الأنشاء : ( يمسك ريشته و يسطر ) من الأهمية

أن ندرك أن بناء منظومة دليل المصدر الاستشرافي قد حلت

في هذه المحمولات عبر واقع عين السارد الشعري وبضمير

عين الطائر الامتثالي وصولا الى أمكانية تسخير الأشياء و

تحريكها ، بيد أن الأحداث سوف ترتبط داخل فعل زمني لا

يمكن الإفضاء إليه بصيغة مركبة من حيز مدلولاته التحقيقية

و الاستشرافية كتوصيلية مصدرية صادرة بموجب توالدية

علامية مشبعة بروح الاقتباس و الامتثال الشيئي .

( تعليق القراءة )

في تلك النقطة سعادة كاملة

وهناك رجل يحتضن طفولته

و يهز نفسه في السرير

شيخ جافاه الليل

و أمراة في نقطة مضاءة

تحصي تجاعيد أيامها الخوالي

و بأستيحاء

تخفي دموعها

تحت نظارة طبية .

في مقاطع قصيدة ( عين الطائر ) نعاين مرتبة دلالة تعالق

النص مع الزمن . و لهذا الأمر وحده وجدنا قصيدة الشاعر

عبارة عن حالة توليد لقالب ملفوظي في زمان و فضاء ضاج

بالأشياء و المراحل و الأصوات و طبقية موجهات الخطاب

الشعري .. وتبعا لهذا التواري في خصوصية مقولة الشاعر

فأننا نستخلص في رصدنا لما تبقى من قصائد المجموعة

كقصيدة ( أوهام ) و قصيدة ( أبناء أنابيب ) و قصيدة

( هدوء ) و قصيدة ( عناق ) و قصائد أخرى عديدة في

مجموعة الشاعر . و لكن من الأهمية أن نشير بأن عنوان

المجموعة ( خرائط مملكة العين ) لم يتسنى للشاعر وضعها

كتركيبة عنوانية توصيلية الغاية و الدلالة . فخرائط مملكة

العين هي بحد ذاتها منظومة صور و أفكار و مقولات

الشاعر وهو يرسم انطباعاته حول وجود الأشياء المرئية و

المحسوسة من حوله

وأنت تبحر في سفينة الخمسين

ماذا لو نظرت الى وجهك

في وجهها

و وجدت نجيمات ما قبل الثلاثين حولا

تحتل جبينك

هل ستواصل إبحارك ؟

أم تمسح عن عينيك أسراب ؟

هكذا ــ و عبر سلسلة جمل من الكيانات الشعورية و

الذاكراتية و الإضافات التراكمية و المحاور و الإختلافية

المحذوفة بحسية التصعيد التعاكسي من قلب الدال الشعري ، بهذا راح يقدم لنا ( عبد الرزاق الربيعي ) خرائط مملكة

أشياءه العينية المتوجسة في ضم عوالم الأشياء المدونة

الى صعيد لوحة كيانه التراكمي و الكيفي و السببي .

لذا فإنه يقترح في منجزه الشعري هذا الإبتداء نحو توظيف

مجالات ما لا يتكشف أمام التفكير و التركيز المنظوري في

رسم خرائط عينية الأشياء و بكافة خصوصياتها و

ارتجالاتها الذهنية المعبئة في لحظة مفروضة و غير معدة

أصلا بين مخطط الذات المركزية العنوانية و بين عينية

أحوال دلالات نصوص المجموعة .

( خلاصة وجهة نظر ؟ )

من المعروف لدى أهل الأختصاص أن الشكلانيين

الروس قد راودهم الحلم في تأسيس علم ( شعرية النص)

حيث يكون هذا النص على عاتقه أستكشاف شعرية المستوى

الأيقوني الباحث في تعيين رسم هوية الأشياء وعلاماتها

الوظائفية الفائضة . لهذا من الصعب أن نحصل على تلك

النتائج التي توصل أليها التحليل المورفولوجي في الأبداعات

الفردية و المعرفية الأخرى ، و بخاصة أن النص الشعري

الذي نجد مثاله لدى عوالم خرائط مملكة العين الذي لا يبدو

عليه ظاهرا بأنه يستجيب لمواصفات النسق القار في شكل

القصيدة التقليدية السائدة ، فالثبات المتصوراتي و الرؤيوي

بين شرنقة المنطقة الخارجية و بين الموضوعة اللسانية قد

تتنافى نوعا ما مع حركية و تحويلية النموذج الأثيري في

أجواء قراءة قصيدة الشاعر و بشكل مستقل عن أية نزعة

وضعية في وصولية الشاعر في تشكيلية أمكانية طرح صوته

الذاتي كظاهرة تحصيلية في بوصلة دليل سير الأشياء

المحورية الدالة . فعلى سبيل المثال نعاين دلالة أيقونة

( خرائط مملكة العين ) فهذه المقولة العنوانية المركزية قد

حلت في عنوانات نصوص المجموعة و كأنها ظلال منكسرة

الرؤية و الإيحاء و ذلك دعما بعضوية هذه الترسيمة

( البحث / الأستبطان / الجغرافيا / التصور الوضعي /

النسق المفتوح / الوساطة الإحالية / الدلالة المسند إليها /

المسكوت عنه ) و تبعا لهذا يحق لنا التساؤل ــ أيضا ــ

التساؤل عن حجم الكيفية التي تم بها فرز رؤى ( العين

الشعرية ) عن حدود مقولة الكيفية النقلية بين لغة العين

و مسافة لغة مفتاح القصدية الإيحائية في قراءة الشاعر

نفسه ؟ هل خرائط مملكة عين الشاعر تشكل بحد ذاتها

محصلة الغرق الجوهري بين ثنائية المبنى و المعنى أو

بالمقابل الشكل و المضمون في قصدية واقعة الأشياء

العينية ؟ أم أنها مجرد خرائط صورية منسوخة في دليل

التصوير و الإحالة و الأضمار و النسق ؟ و من يؤكد لنا

من جهة غاية في الأهمية أن كل ما جاءت به نصوص

مجموعة الشاعر ما هي إلا جملة أشكال وقوعية العين

راحت تستدرج لذاتها صفة حلولية تطبيقات إدماج الخارج

ضمن بوتقة الذات الشعرية الداخلية ؟ إذا تعاملنا مع مخطط

دال خرائط و دال مملكة و دال العين لربما لا يسعف شاعرنا

الربيعي تقديم موضوعات نصوصه في حيز من تلك

الفضاءات التي قرأناها في ذروة صور قصائده وذلك لأن

مركزية معطى دلالة مخطط العنونة صار يخالف وضعية

معطيات قراءة النصوص التي بدت منفصلة عن ماهية

إجراء و دلالة وسياق ( خرائط ــ مملكة ــ العين ) أن أزمة

الخطاب الدلالي في مجموعة الشاعر يمكن النظر أليها من

ناحية تكوينية و ليس من ناحية شعرية . فالشاعر لم يوفر

لمدلول ( خرائطه العينية ) أية أنطلاقة عضوية متماسكة

و حدود علاقة دليل المركز بدلالات قصائده المتفرقة في

متن هامش مقارباته الشعرية : فأنا شخصيا لا أجد ثمة

سياقية عضوية دالة و علاقة استدلالية ما بين مصدرية

دليل خرائط مملكة العين و بين مشروعية ما أسماه الشاعر

ب ( المدونة ) أو من جهة أكثر أهمية فأنا لا أجد ثمة

علائقية واضحة تضم العنونة المركزية مع فحوى دلالات

نصوص المجموعة .. و مما يؤكد زعمي هذا هو أن

مشروعية كل قصيدة في المجموعة قد حلت تحت عنوان

آخر و دلالة أخرى و مسلمة أخرى . كما و ليس هناك

أية صلة تذكر بمخطط و مصدرية دليل خرائط أو مملكة .

من الممكن و المناسب تقديمها كمخطط زمني بفعل هيمنة

دلالة مشتركة بين حضور النصوص في المجموعة و بين

عضوية الدليل و الأظهار و المحمول المشروط ــ لا أن

تظل العنونة مجرد لافتة جغرافية لا تمت لمتن و محتوى

و بؤرة دلالة النصوص سوى كيفية الأشارة البعدية و

الغيرية بل أنها مرحلة سريالية بلا خصوصية تعميمية ماسة

و داعمة لصيانة حياة النصوص في المجموعة الشعرية .