كاتب واعلامي محترم جدا قال على الشاشة يوم العدوان يأن الرد ينبغي ان يكون بطائرة مسيرة او بوسائل عنيفة اخرى.. هكذا فهمت اللقاء .. وهذا بالطبع يتطابق تماما مع النقمة الشعبية ومع قذارة العدوان ومع الحس الوطني المجرد .
الشعب قام بأغلاق مقرات الفيزا وخرجت تظاهرات بسيطة هنا وهناك .. وتصريحات هنا وهناك تندد بالضربة و ((بسرقة (تركيا فقط) لمياه العراق)) ، وتصريحات تندد بجبن الحكومة ، وبعمالة البعض وارتباطهم بالاحتلال (التركي) .. ولا ادري كيف توصل الجميع بإن القصف كان قادما من تركيا ونحن في بلد والحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه تتطاير في سمائنا الصواريخ والمسيرات الداخلية اكثر من الخارجية ؟؟
هذا كله يذكرني بحالتين الاولى عامة الا انها تركزت ايام ولايتي السيد نوري الكاظمي (مرحلة المفخخات) فكلما حصل تفجير تصرح الحكومة بعد دقائق (انهم البعثيين والصداميين) ويتم تبرئة داعش ، وهذا ما ينطبق على تصريح لأعلامي على الشاشة اجهل اسمه قام بتقييم صاحب التسريبات الاخيرة السيد علي فاضل بأنه ( داعشي. بعثي. تشريني) وتوصيف آخر نسيته وهذه اول مرة اسمع أن التشرينية صارت سبة بل اعرف ان ثورة الالف شهيد تشرين الخالدة لا تقل عظمة عن ثورة ال (8000) شهيد العشرين الخالدة …. الاولى ارادت وطن بحرب ضروس مع الاجنبي المحتل والثانية ارادت وطن من (القيمين) على الوطن …. تاريخيا ستعبر تشرين العشرين في وجدان الشعب العراقي فالتشويش الاعلامي ليس بدائم .. قلت في نفسي ان السيد الاعلامي نفسه لو كان اطل بمقابلة بعد انتهاء ثورة العشرين لقال عن السيد علي فاضل بأنه عشريني ..
العمل الجرمي الذي يمكن القول عنه (تركي) بعد ثبوت ذلك من خلال نتائج التحقيق ، وليس من باب الرجم بالغيب او من خلال الدلائل الاولية هو جريمة حرب بكل ما تعنيه الكلمة من معنى حتى لو لم تؤد الى اية خسائر بالأرواح او الممتلكات ، فقد نصت اتفاقيات جنيف وبروتوكولاتها (موقع عليها من 195 دولة) ان لم تخني الذاكرة. نصت على (( يمنع الهجوم قصفا بالقنابل على هدف عسكري يقع في او بالقرب من منطقة مأهولة بالسكان )) وللتوضيح فأن الاسلحة المشروعة لمعالجة هذا الهدف تبدأ بالمسدس وتنتهي بالرشاشة المتوسطة ، وتعد كل انواع قنابل الرمي المركب كالصواريخ والمدفعية والهواوين والطائرات والدبابات محرمة دوليا ضد هدف يقع بالقرب من مدنيين .. وبالتالي فأن القانون الدولي لا ينزه المحتل من كل قذيفة اطلقتها طائرة على اي هدف عسكري داخل المدن ولا ينزه عمليات تحرير ايمن الموصل من لدن قوات التحالف قانونيا وبعض قطعاتنا قانونيا وأخلاقيا ، ويعد كل ذلك استخداما مفرطا للقوة ، وهذا نفسه ينطبق على كل صاروخ او هاون انطلق داخل الحدود الى داخل الحدود مهما علا شأن الجهة التي اطلقت ومهما تدنى شأن الهدف المضروب ، وينسحب ذلك ايضا على الصواريخ الايرانية التي ضربت اربيل كون الهدف المفترض كان في منطقة مزارع مسكونة بالأهالي حتى لو كان الهدف صهيونيا ، والغريب في الامر ان التحقيق في الموضوع تبخر ولا ندري هل تبخر لصالح ايران ام لصالح الاقليم ؟؟؟
ننتقل الى ردود الافعال فأنا كمواطن خارج الخدمة فار دمي عندما سمعت الخبر خصوصا وأنا لا احب العثمانيين ، ولا احب كل امبراطورية قديمة تريد اعادة بناء امبراطوريتها على ركام بلدي وبطريقة اتقزز منها وتعشقها احزاب الدين السياسي السني ، وهي استخدام المذهب كغطاء ، وصار ارد وغان لديهم الأمام الثالث عشر ، وهذا ما ينطبق على ايران وبعض الاحزاب الاسلامية الشيعية ، بينما اللطيف في الموضوع ان بعض الاعلاميين والكتاب ركزوا على قطع تركيا للمياه ، ونسوا قطع ايران للمياه ، ونسوا ايضا ان تجفيف الاهوار ايام النظام السابق جريمة كبرى تنظرها المحكمة الجنائية العليا ، ونسوا الاعلام الذي اتحفنا بعظمة هذه الاهوار ومسلسلات وغير ذلك تبكي هور الجبايش واليوم جف وهو يبكي على نفسه وحيدا .
عذرا فالحديث ذو شجون ، اعود وأقول انه فار دمي ولو كان لدي مسيرة لأطلقتها .. لماذا؟؟ كوني خارج المسؤولية ، ولكني لو كنت مسؤولا لكنت تذكرت ضبط بوتين لأعصابه عندما اسقطت تركيا طائرة روسية ، وقمت بكل ما يفرضه علي القانون الدولي والاعراف الدولية وقبلها القيم الوطنية ، من الاحتجاج الى دعوة السفير واستعادة سفيرنا ، بعدها كذا وكذا .. وكذا ولعل اي طالب في السنة الاولى اقتصاد يعرف ماذا يعني غلق الحدود باتجاه تركيا ؟؟ انه يعادل الف ضربة جوية والف صاروخ ، وقديما قلت في ندوة بحثية عن تركيا حضرها باحثين ومسؤولين كبار .. ان غلق الحدود ستجعل صانع القرار التركي يفكر الف مرة قبل ان يتلاعب بحصتنا المائية ، لأن تلك المياه سوف لن تفيد الآلاف من المقاهي والمطاعم على طريق الشاحنات ولن اقول لكم ان المردود سيكون سلبيا على زراعتهم نفسها وعلى صناعتهم والكثير من الامور .
بعدها كنت انتظرت ردود الافعال التركية ويكون لكل فعل رد فعل ، ولكنت قلت ان حزب العمال التركي يحتل سنجار خلافا للدستور العراقي ، والدلائل تقول اني لا اتمكن من اخراجه ، وأن كنت اتمكن من اخراجه ولم اخرجه فالمصيبة اعظم فكيف سأتمكن من مقارعة تركيا ؟؟ وسأقول لمن قال ارسل طائرة مسيرة …. انها الحرب والتي نعرف متى تبدأ ومن المستحيل ان تعرف متى تنتهي وكيف، ولكننا اكيد سمعنا بمقولة ( رابح الحرب خاسرها) ، ثم كيف سنخوض الحرب وبماذا ؟؟ هل نشنها بالمكون الاكبر ام الاصغر ؟؟ وهل سيتفق شيعة السلطة وسنتها على العداء لتركيا ؟؟ وكيف سنحسب (الاستحقاقات) وهي الأهم؟؟ واذا قرر مجلس الأمن الوطني السلم بدل الحرب فكيف يقنعوا زعماء الفصائل المسلحة ؟؟ وكيف ننفذ وصية ميكيا فلي للأمير (( اذا اردت الحرب فلا تحسب كم لديك من جند وسلاح بل اهتم بحساب كم من خزائنك من ذهب .. وأي حساب ختامي للخزينة سنتبع ؟؟ هل سنتبع الموازنة الغائبة ؟؟ ام نتبع تخصيصات مشروع الأمن الغذائي ؟؟ وهل سيقود الحرب القائد العام للقوات المسلحة بالطريقة التي يراها هو وضباط ركنه ام سيضل يتلفت يمينا او يسارا ؟؟ ام سيصبح الكل خبراء جهابذة في العلم العسكري؟؟ وهل سنتمكن من زج الفضائيين في المعركة ؟؟ وهل هناك عقيدة حربية ناتجة عن استراتيجية عامة ام انها كما اتوقع نفسها التي وضعت واقرت في عهد السيد المالكي (اقصد الاستراتيجية العامة) فالعقيدة العسكرية غير مكتوبة على حد علمي المتواضع لحد الآن ؟؟ ونجدر الاشارة الى ان تلك الاستراتيجية لم تنفعنا يوم سقوط الموصل وغيرها بيد عصابات داعش التي نسبة قوتها الى قوة الجيش التركي لا تعادل 1% ؟؟
هذه سيداتي سادتي هي خمس الاسئلة التي يمكن اثارتها فالحرب ليست شعارات ووطنيات وعواطف زائلة ، بقدر ما هي حرب اخرى مع النفس ، ومراجعة ومكاشفة ومصارحة مع الشعب فالدول تهيء مسرح العمليات ولكننا بحاجة لتهيئة مسرح عمليات الداخل اولا وننهي اجواء الصراع بين الساسة والاحزاب والكتل فلا يجوز دخول حرب مع الآخر ونحن متحاربين بيننا . هذا فضلا عن حسابات دقيقة وتهيئة مستلزمات وعرق تدريب وضبط وقيادات ووسائط قيادة وسيطرة وغير ذلك الكثير ثم الكثير
عليه ان كان لا بد من الحرب فلتكن حربا …. بعد تهيئة مستلزمات النصر الاستراتيجية الشاملة الاربع (العسكرية ، الاقتصادية ، السياسية ، الاجتماعية) اضيف اليها التطور التقني . وسيكون النصر حليفنا ، اما السلم فيحتاج الى كل ما ذكرناه ويحقق النصر دون دماء ودمار
اختتم مقالي معكم بمقولة نصها (( تكون الدولة آمنة متى ما كانت غير مضطرة لدخول الحرب لتحقيق مصالحها او حماية تلك المصالح)) وسأسهل فحواها في ان الحرب هي فقدان الأمن الى حين . اي يبقى امن الدولة على كف عفريت الى نهايتها وأن انتصرت فهي ستكون خاسرة ، وأضيف ان سر قوة امريكا يكمن في انها تجنبت شرور ودمار الحرب العالمية وانكفأت الى الداخل لفترة مناسبة بينما منافسيها دمرتهم الحروب .