23 ديسمبر، 2024 12:19 ص

القصف التركي على العراق العالم لا يحترم الضعفاء!

القصف التركي على العراق العالم لا يحترم الضعفاء!

ليس جديدا ولا أرى أية مفاجأة بما تقوم به تركيا من أنتهاك للسيادة العراقية، المنتهكة أصلا من قبل العالم أجمع!، وذلك بقصفها لمناطق عراقية حدودية مع تركيا لضرب مقاتلي ال (PKK) الذين يتواجدون عند أكثر من مكان في المناطق الجبلية على الشريط الحدودي بين تركيا والعراق. فالعراق أصبح مباحا ومستباحا للعالم كله وليس لدول الجوار فقط من بعد الأحتلال الأمريكي للعراق عام 2003 كما أن الأمريكان هم أول من أنتهكوا سيادة العراق بكل زياراتهم للعراق من بعد أحتلاله!. فلم نرى أو نشاهد أي مسؤول أمريكي ألتزم بالقواعد الدبلوماسية والبروتكولات المعروفة عند زيارته للعراق فطائرته تهبط في أحدى القواعد الأمريكية ومن هناك تقلع! ويرسل على أي مسؤول عراقي يريد أن يجتمع به الى القاعدة أكان ، رئيس جمهورية ، رئيس وزراء ، رئيس مجلس النواب ويتباحث معه وتنتهي الزيارة!؟. والتصرف الأمريكي هذا مقصود لأذلال العراق، وبنفس الوقت هو بمثابة رسائل للعالم كله بعدم أحترام العراق حكومة وشعبا وسيادة!، فما بالك بالأتراك البلد المجاور للعراق، واللذين لا زالوا ينظرون الى العراق بعين الأمبراطورية العثمانية! التي تفككت بعد الحرب العالمية الأولى (1914 – 1918) والذي كان العراق واحد من دول تلك الأمبراطورية العثمانية التي ملئت الدنيا بقوتها وشغلت العالم بسلاطينها الذين فتحت أمامهم أبواب ثلث دول العالم!. فأردوغان العثماني الأسلامي يخفي تحت بدلته وربطة عنقه وأناقته، الطربوش العثماني وكل تلافيف عقل سلاطين الدولة العثمانية أيام زمان في أطماعهم وعنصريتهم!، وهو من أكثر الزعامات التركية التي تريد أعادة هيبة وعظمة الأمبراطورية العثمانية!. وأردوغان وطاقمه الحاكم ينتظرون عام 2023 بفارغ الصبر!، لأنه العام الذي سيحررهم من قيود معاهدة ( لوزان) التي كبلتهم ببنودها 100 عام منذ سنة 1923! حيث تم توقيع (معاهدة لوزان للسلام في 14/تموز/1923بعد أنتهاء الحرب العالمية الأولى بين تركيا من جهة وبين بريطانيا وفرنسا وأيطاليا وباقي دول الحلفاء ). فتركيا هي أكثرالدول المجاورة طمعا بالعراق، خاصة بظرفه المتهالك الضعيف الحالي، فهي أن لم تستطع أن تعيد الفرع للأصل!، فلابد وحتما من أعادة جزء من ذلك الفرع والمتمثل بالموصل وكركوك التي سوف يتقاتلون من أجل أعادة ضمها لتركيا!. كما أن تركيا أحدى أقوى دول حلف الناتو الذي تتزعمه أمريكا، فلماذا لا تصول وتجول بالعراق وتعبث بحدوده، لا سيما وأن تركيا مع باقي الدول المجاورة للعراق أشتركت كلها باللعبة السياسية والمؤامرة الكبرى لاحتلال العراق وتدميره والتي بدأت بأحتلاله عام 2003 والتي لم تنتهي صفحاتها لحد الآن!. ومن أهم صفحات تلك المؤامرة هو صناعة عصابات (داعش) الأرهابية التي أحتلت ثلث الأراضي العراقية عام 2014!، وكان لتركيا كان دور كبير في صناعة تلك العصابات الأرهابية من ناحية التدريب والتسليح وتقديم الخدمات اللوجستية وغيرها وحتى من ناحية التخطيط!. وهذا كله ليس بخاف على أحد، فلماذا كل هذه الضجة على قصف مناطق في شمال العراق؟ أن كان بحجة وجود عناصر من ال (pkk) أو حتى بعدم وجودهم!، فمن يستطع الأعتراض؟. كما أن الحكومات التي توالت على حكم العراق من بعد 2003 وبكامل الطبقة السياسية لم نسمع منهم مرة، أو ورد عن لسان أحدهم شيء أسمه سيادة العراق والوطن!، ويبدوا أن مثل هكذا كلمات وعبارات ثقيلة على آذانهم ونفوسهم ولا يقدرون على هضمها فألغيت تماما من قاموسهم السياسي!؟ فهم طلاب سلطة وليس بناة دولة!. ومن المفارقات الغريبة في موضوع قصف تركيا لشمال العراق تحديدا منطقة (سنجار) أن الكثيرين عبروا عن أرتياحهم لذلك القصف!، فمن وجهة نظرهم أن هذا القصف لربما سيحد ويضبط أيقاع حكومة كردستان المنفلت بشكل صارخ والمتحدي لأرادة الحكومة الأتحادية الضعيفة والمنبطحة للأكراد منذ 2003 ولحد الآن حسب ما يرون ويعتقدون!، فهؤلاء يرون بأن هذا القصف سيقلم شيئا من أظافر الزعامة البرزانية التي تحولت أظافرها الى مخالب تنهش جسد العراق وجسد الحكومة الأتحادية الشيعية تحديدا!، بالوقت الذي تتحول تلك المخالب الى ريش نعام ويختفي عنفوان وهيلمان أصحابها وتنحني رؤوسهم ويتحولون الى حمل وديع أمام قوة تركيا وجبروت أيران!. نعود بالكلام عن التدخلات السافرة بالشأن العراقي، وليقل ويذكر لي أحد عن دولة من دول العالم لم تتدخل بالشأن العراقي ولم تستفد منه منذ الأحتلال الأمريكي له عام 2003؟ ، فهو بلد منهوب من الداخل قبل الخارج!. فدول لا تربطها بالعراق أية حدود جغرافية أخذت من العراق ما تقدر عليه وأستفادت منه وتدخلت بشأنه بقدر ما يلبي طموحها ومصالحها القومية العليا!. فلماذا العتب واللوم على تركيا وهي الأقرب للعراق، وهي الأم الذي أحتظنته قرابة 600 عام! (فترة حكم الدولة العثمانية، التي نشأت على أنقاض دولة السلاجقة في القرن الرابع عشر). وأسأل هنا انا وكل العراقيين سؤالا يحمل كل الألم والقهر: هل كانت تركيا وغيرها تستطيع أن تقوم بما تقوم به الآن أو حتى بعمل أبسط منه، ومن كان يتجرأ على التدخل بالشأن العراقي قبل عقود من الزمن وتحديدا قبل الأحتلال الأمريكي اللئيم للعراق، وبهذه الصفاقة والصلافة؟. فما يحدث للعراق من تدخلات دولية وأقليمية وعربية بشأنه الداخلي ومن أعتداء وأنتهاك على سيادته هو أمر طبيعي! في عالم اليوم! ،عالم القوة عالم البقاء للأقوى والأكثر ثراء وغنى، فالعراق من بعد الأحتلال الأمريكي الغاشم له ومع الأسف أصبح بلدا ضعيفا لا يقدر على ضبط أمنه الداخلي المنفلت والمتعدد القوى، فكيف يستطيع أن يرد على عدوان دولة بحجم تركيا؟، كما وأنه وعلى الرغم من كونه يمثل ثاني أحتياطي على مستوى العالم بثروته النفطية، ألا أن ديونه وصلت الى أكثر من 120 مليار دولار!!، حتى أنه أصبح عاجزا عن تأمين رواتب الموظفين والمتقاعدين!، وما مر بالشارع العراقي في شهر أيار الماضي وما رافقها من فوضى بخصوص الأستقطاعات من رواتب المتقاعدين خير دليل على ما وصل أليه العراق من ضعف وفقر!؟. فبعد كل ذلك: كيف نريد من دول العالم أن تحترمنا وتهابنا ونحن بهذا الحال؟، لاسيما وأن تفاصيل العراق سياسيا وأقتصاديا وأجتماعيا وأمنيا وعسكريا ودينيا يعرفها العالم أجمع، أضافة الى مشاهد الفقر والعوز والحاجة والبطالة التي تنقلها الفضائيات الى العالم. فالعراق ومع الأسف من أكثر دول العالم نشرا لغسيله أمام العالم حتى بدا عاريا تماما!. أخيرا نقول: أن رئيس الحكومة العراقية السيد (الكاظمي) أشار بل وأكد في أكثر من لقاء وتصريح على حرصه على سيادة العراق، والسؤال: هل هو قادر فعلا على الحفاظ على سيادة العراق وأمنه في ظل الأوضاع والتحديات الداخلية التي يعيشها العراق؟، وكذلك في ظل العواصف الأقليمية والدولية الصفراء التي لازالت تهب على العراق منذ 2003 ولحد الآن، والتي تحمل كل نذر الشر وبأن القادم على العراق لن يكون خيرا؟، أم سيكون الكاظمي (بوتن) العراق الجديد! كما يرى البعض ويتمنى، ويستطيع أن ينقذه ويعبر به الى بر الأمان؟، كما فعلها (بوتن) روسيا بعد أنهيار الأتحاد السوفيتي السابق عام 1991؟ لكون الشخصيتين (الكاظمي وبوتن) ولدوا من رحم أجهزة المخابرات؟ لننتظر ونرى؟.