23 ديسمبر، 2024 7:51 ص

القصف الأمريكي من المسؤول؟

القصف الأمريكي من المسؤول؟

تقول الحكمة القديمة، إذا كنت تريد أن تكسب أحداً لقضيتك عليك أولاً أن تقنعه بأنك صديقه، تذكرت تلك الكلمات بعد مشاهدة اول خبر عاجل عن استهداف الطائرات الامريكية لمقار كتائب حزب الله في اكثر من محافظة، لتضيف نقطة أخرى في جدول ازماتنا المتكررة، وأرقاما جديدة بسجل الضحايا الذي حتى لو امتلات صفحاته لنهايتها، فانه لم يعد مهما بالنسبة لم يحكمنا ان تقتلنا صواريخ الطائرات الأمريكية او رصاصة تخرج من سلاح كاتم للصوت او قناص يختار ضحيته بعناية او حتى قنبلة غازية، فالمهم ان يكون “قادة المقاومة” وزعامات السياسة ينعمون بالراحة ويقضون أوقاتهم بمخابئ محصنة لكتابة البيانات التي تطالب بمقاومة المحتل.
ما حصل كان نتيجة طبيعية لغياب الدولة وعدم احترام مؤسساتها، والتي منحت للجميع حق خرق السيادة، وهذه يتحملها من نصب نفسه ناطقا باسم “عباد الله” يحلل ويحرم ما يتناسب مع مصالحه الشخصية من دون حساب النتائج التي سيكون من خلالها اول الخاسرين، لكنهم يدفعون بالمواطن ليكون وقودا لحربهم “غير المتكافئة”، وبعدها يتباكون على “ضياع هيبة” الدولة متجاهلين بانهم اول من اساء لتلك “الهيبة والسيادة المفقودة”، حينما استبدلوا القوات الامنية الرسمية بمسلحين ملثمين لمواجهة المتظاهرين العزل والنتيجة اكثر من 700 شهيد والآلاف من الجرحى، وحينما أصبحت اجهزة الحكومة وممتلكاتها تستخدم للاختطاف وابتزاز المواطنين، والأكثر من ذلك ان يمارس بعضكم عمليات الاغتيال لمن يخالفكم بالرأي، وتقف الأجهزة الحكومية بجميع مسمياتها عاجزة عن كشف القتلة وإدانتهم، وبعدها تخرجون للمطالبة برد اعتبار السيادة.
يريدون من المواطن المسكين ان يتلقى الأوامر فقط وإلا مصيره سيكون القتل بعنوان مواجهة “العملاء والخونة”، كما ابلغتنا حركة النجباء في بيانها الذي جاء ردا على القصف الأمريكي لمقار كتائب حزب الله حينما أخبرتنا بان “المقاومة الموحدة في موقفها ضد الاحتلال الامريكي وجرائمه لن تقبل بعد اليوم بكل الاصوات النشار التي تصدر من العملاء والخاضعين الخانعين الجبناء بل يجب ان تلجم كل الافواه التي انتنتها اموال السحت من السفارة الامريكية الملوثة بدماء الابرياء وعرقهم حتى تنتهي المقاومة من مشروعها الموحد المطالب والقائم على اخراج جميع القوات الامريكية والاجنبية من ارض العراق”، لكن حركة النجباء لم تتفضل علينا مشكورة بشرح ماهي اسباب العدوان الأمريكي على مقار الفصائل المسلحة؟، وكيف سمحت واشنطن لطائراتها بتنفيذ تلك الضربات؟، والسبب واضح فيه لا تريد الاعتراف بان من يدعون الحفاظ على السيادة، وفروا جميع الأسباب لأمريكا والحلفاء بتنفيذ تلك الهجمات بعد تجاهلهم لجميع التحذيرات التي تدعوا للالتزام بالقرار الحكومي في التعامل مع الوجود الأمريكي وعدم اللجوء للتصرف كعصابات خارجة على القانون، على الرغم من خروج تلك القرارات من غرف يشرف عليها “قادة المقاومة” في تناقض واضح بين من يريد قيادة الدولة والخروج عليها بالوقت ذاته.
الغريب.. ياسادة، بان ضحايا الهجمات المتبادلة بين امريكا وقادة فصائل المقاومة غالبيتهم من قواتنا الامنية سواء من كان موجوداً في القواعد المشتركة او الثكنات العسكرية للجيش والشرطة الاتحادية القريبة من مقار الفصائل المسلحة، في وقت يجلس من يبارك تلك الهجمات في مكاتبهم المحصنة بعيدا عن الدمار الذي سببته قرارتهم “مدفوعة الثمن”، التي أحرجت الجميع حينما استهدفت صواريخ الكاتيوشا قاعدة التاجي المشتركة التي وصفها رئيس الجمهورية برهم صالح مجبرا “بالعمل الارهابي”، في وقت تجرأ رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي لأول مرة على مواجهة “الفصائل المسلحة” من خلال إصدار توجيه باعتقال من نفذ تلك الهجمات، على الرغم من ادراكه بان ما يقوله خارج صلاحياته او يصعب تنفيذه في اضعف الإيمان، لكون القرار الحكومي تحركه قيادات الفصائل وزعماء القوى السياسية وليست سيادة الدولة التي يتهمون امريكا باختراقها.
الخلاصة… قد يتهمني البعض بتأييد الهجمات الامريكية والشماتة بالفصائل المسلحة التي تعرضت للاستهداف، أبدا.. فما حصل كان عمل عدائيا على ارض عراقية راح ضحيته عراقيون ليس لهم ذنب سوى وقوعهم تحت تاثير “قيادات” لا تؤمن بوحدة الوطن وسيادته وتبحث عن انتصارات زائفة حتى لو تحولت أرضينا إلى ساحة لتصفية حسابات الدول المتصارعة، لكن في الوقت ذاته لا تطالبني بالوقوف معك وانت تتهمنا بالخيانة وتحرض على قتلتا لمجرد الاختلاف مع بالرأي وتعريف السيادة… اخيرا… السؤال الذي لابد منه… متى تنتهي مسرحية ” قادة المقاومة”؟…