قراءة في ( وجهتي و وجهتها ) لعلي رحماني
عرف رولان بارت في كتابه ( ميثولوجيات ) أن كل أسطورة
أو نص ما من النصوص هو لغة مثل سائر اللغات و بالتالي
فهو بمثابة حالة تنصيص مقرنة في لغة انشطارية غير محددة
لها آلياتها التي تتحكم فيها قصدية التوصيل الافكار اللامحددة
عن هذا العالم .. و اللغة الشعرية بأعتبارها تختلف عن الأنظمة الخطابية الأخرى كالقصة القصيرة و الرواية و المسرح ، ذلك لأن كلمات القصيدة تبدو مشحونة بسياقات متواترة من الأختلاف و الإيجاز و الشد البياضي الكامل في منطقة حضورية فراغ النص الشعري في مفاصل معنى القيمة الأحتوائية من دال تراتيب علامات اللغة في علاقة
فضاء و مضمون المداليل البعيدة . و نحن نقرأ مجموعة قصائد ( وجهتي و وجهتها ) للشاعر علي رحماني ، تنبه لنا
بأن منظومة علاقات أنساق نصوص هذا الشاعر الشعرية في
بنية تواصل فضائي مشحون بمفردات و فوارز و علامات
الاسطر التنقيطية و فسح المجال الحضوري في دال الملفوظ الى منتج راح يترك آثارا متخفية في تمفصلات التعالق بين
النص / العلاقة و تبدو هذه الخاصية في كتابة القصيدة هي ما يسمى بالأداة التوصيلية بحسية الإتجاه الفراغي و البياضي
في منتج مداليل الأنتقال النصي في كافة محمولاته اللفظية
و الصياغية و القصدية :
يا أنتم (قصيدة : يا أنتم )
أيها المارقون
يالهاث الخنوع
. . . .
و يا أيادي الخضوع الذليلة
الراكضون كالجرذان المسعورة
. . . .
الجائعون لكل شيء . . . .
من هنا يمكننا ملاحظة صخب علامات الفواصل بين المقاطع
الكلامية و كأنها علاقات تطافر و الركض و أختفاء بين النص و مساره . و هذه المكونات الأسلوبية في بناء الكشف
الدلالي من شأنها أولا و أخيرا الحط من قيمة و طقوسية أنساق الملفوظ في علاقة الدال بالمدلول ، فضلا عن كونها طريقة في دفع الكلام بشتى المعابر المتيسرة من الدال و العلامة اللامجدية بين فقرة و أخرى أو فاصل و آخر لغرض انتاج عملية حبك غير موفقة في النتيجة الدلالية الأخيرة .
( القفز الزمني و تواتر الدلالة التكرارية )
الزمن في العمل الشعري تبدعه اللحظة الفرضية عبر ميادين
الفاعلية الدقيقة المتوخاة في إطالة علائقية المسعى الدلالي مع محاولة الشاعر نفسه في دعمه بمقاييس تجربة حسية ذات خطاب أوسع من حدود أتساع رؤى الإيغال في مجال حيز
( القفز الزمني ) و تواتر نطاق الدلالة التكرارية في مدار انفعالات اللحظة الشعرية في النص :
أيها السادرون بغي غباء غريب
و غبار عصور التردي
سأرفضكم
أرفض كل أسمائكم
و أوجهكم …
و أسمالكم
. . .
أيها المارقون سأبقى أردد أكرهكم
أكرهكم .. أكرهكم
لأني أحب بلادي
سأبقى أردد أكرهكم …
أكرهكم .. أكرهكم …
واحدا..
واحدا..
واحدا..
يبدو ان الزمن في المتن الشعري طبيعيا و ليس فنيا لأنه زمن مشحون على حد تقديري بأصوات شعائرية ضمن معطيات
بنية الزمن الضوضائي اللامجدي في نظرية زمن خطاب دلالة المعنى في وظيفة أفق الدال التكويني الكامن في مؤشرات جمالية لحظة مراعاة زمن استثنائية كتابة القصيدة ،
بل اننا وجدناها حصرا جملة عناصر كلامية تكرارية سرعان ما تلمست لها طريقا سهلا الى مملكة الإهمال و الملل و اللاإيحاء بشيء ما تحديدا ..
تدور بنا الحافلات
الشوارع ..
الدرابين ..
الدكاكين ..
البدايات ..
النهايات ..
البنايات .. العمارات ..
الجسور .. الفضاءات ..
يبدو أحيانا الغرض من وراء كتابة الحالة الشعرية لدى الشاعر رحماني هو البحث عن ملامح الأشياء المفقودة في صياغته الشعرية ، وصولا منه الى عملية تجسيد تعددية أسماء الأشياء المكانية و الزمنية و الشيئية عبر محاور
فائضة القيمة و الوظيفة و القصدية الأستكمالية في دال النص الشعري : فأنا لا أدري ما يود قوله هذا الشاعر في المحصلة الأخيرة من زمن بناء كل هذه الفواصل و البياضات و الشعائر في مفكرة القصيدة ؟ هل يحاول مثلا مزاولة الوعي الفراغي في مفردة الفواصل التنقيطية كنمط اختزالي و تفاصلي الصيغة لحصر المعنى بقدرة التمثل ؟ أم أنه تراه غير قادر على استكمال فكرة القصيدة كبنية علائقية متصلة المجاورة و التطابق ؟ بديهي ان نقول بأن أغلب ما جاءت به مجموعة الشاعر رحماني لا تقترب من جملة وحدات مؤشرة شعريا في أية لحظة بائسة من زمن القصيدة . و بديهي أن تكون أغلب نصوص المجموعة عبارة عن تراكيب عابثة في تعريفات الأشياء من خلال رؤية شاعر غير متكامل في التجربة . أفضل القول منا بحق مجموعة الشاعر أنها بؤرة تفاوض وهمي مع البياض و أدوات التنقيط و دوال المعرفة الذاتية اليومية في رؤية الشاعر الأنشائية .
( تعليق القراءة )
أنتظرتك
عبر هذي السنين
و ما ملت من البحث ..
…عنك عيوني
سيدة الحزن و الدمع
سيدة الحب …
و الليل و الزمن الغارق المستفيق
سيدتي ..
أنتظريني عند طلوع الفجر
أنتظريني عند تخوم الماء .
في الحقيقة ان تجربة الشاعر رحماني في مجموعته
( وجهتي و وجهتها ) قد لا تستوعبها القصيدة كأتجاه رؤيوي و جمالي و تأويلي و قصدي خاص ، بل أنها مجموعة مشاعر
مباشرة سعى الشاعر الى توظيفها داخل مرفقات من مؤشرات الظاهرة الحسية التحصيلية المحددة أفقا و إيحاءا وصولا الى حياة شعرية كفعل خارجي راح يطرح دلالات الأشياء بطريقة التنقيط و القفز فوق عوارض الزمن و الوعي القصدي المتواصل في كافة ظروفه التشكيلية التي من خلالها تتضح حصيلة أشكال الصورة الشعرية في كافة تماثلاتها المظهرية المتصلة بقضايا خطابية الموصوف في منظومة التجربة الدوالية و اكتساباتها بخطابات الوعي الاطاري و العضوي .. و في الأخير لا يسعني سوى القول بأن شعرية مجموعة الشاعر علي رحماني حاولت جاهدة ان تمضي في طريق معرفة المعنى الشعري ولكن للأسف من حدود وعي
مباشر بالرغم من لجوء الذات الشاعرة الى رسم عوالم عملاقة من فرضيات سلطة البياضات الأضافية من أفق المعنى بالمقابل من هذا توفير الشاعر لنصه لوحات انجازية هائلة من معارف معطيات و فراغات المماثلة المفقودة من زمن محفزات محسوسية فواصل التنقيط و الاستحضارات الذهنية اللامجدية في مساحة اطلاق الشعائر و التصاريح القولية في جسد النص اللامؤثر في مشهد شعرية زمن القيم الموضوعية في صورة و فكرة و قصدية القصيدة الرصينة .