المجتمع الأمريكي ومنذ أيام تكوينه الأولى ، كان مفتوحاً للتنافس الشديد بين أفراده الذين جمعتهم روح التملك وشدّهم الأمل لأن يتحول كل واحد منهم من أجير الى مالك للأرض وأن يسبق أحدهم الآخر ، فالجميع في حالة سباق مع الزمن لوضع اليد على ما تطوله في عالم مازال مجهولاً وحدوده لم ترتسم بعد، و قابلة للإتساع والتمدد. لقد جرى التوسع في أراضي الهنود الحمر بعد عمليات إبادة وإستئصال منظمة ، ليس ذلك فقط بل أن المستوطنين الأوائل إستخدموا السكان الأصليين،
ومارسوا بحقهم أول حرب جرثومية في التأريخ من خلال نشر وباء الجدري الذي إستشرى في صفوفهم فأدى الى موت أعداد كبيرة منهم. تميزت العلاقات بين المستوطنين والاميركيين الأصليين، الذين عرفوا بإسم الهنود الحمر، بمزيج غير مستقر من التعاون والنزاع. فقد شهدت مناطق معينة تعاوناً تجارياً وبعض التفاعل الاجتماعي، ولكن بوجه عام، ومع توسع المستوطنات الجديدة، أُجبر الهنود على الانتقال وكثيراً ما كان ذلك يتم بعد هزيمتهم في المعارك. الدولة الأمريكية ومنذ بداية تأسيسها لم تكن تؤمن بفكرة الحدود والسيادة على إقليم محدد لأنها لم تنشأ في إطار دستوري وقانوني له مساحته المعترف بها وعلى القواعد التي أقرتها التجارب في نشأة الدول وتأسيسها, فالمفهوم الأمريكي للسيادة ينطلق من فكرة أنها مشروع مفتوح يمارس نشاطه على أرضية غير محدودة , كما أن الصراع بين الحد والتوسع يجب أن يحسم لصالح التوسع , كذلك فأن التجربة الأمريكية لم تنتج إحساساً مشتركاً بوطنية موحدة او إنتماءاً قومياً جامعاً لأنها إنطلقت من مشروع القوة الذي تمثل بهجرة من يمتلك القوة فطغت المصلحة الشخصية على المصلحة الوطنية.
اندلعت الحرب مع بريطانيا عام 1812، وجرت معظم المعارك في الولايات الشمالية الشرقية وعلى امتداد الساحل الشرقي. وصلت حملة بريطانية إلى العاصمة الجديدة واشنطن، وأشعلت النار بمقر السلطة التنفيذية وأجبرت الرئيس جيمس ماديسون على الفرار، وترك المدينة مشتعلة. لكن الجيش الأميركي والبحرية الأميركية حققا عدة انتصارات في معارك حاسمة كانت كافية لتحقيق النصر، وبعد انقضاء سنتين ونصف السنة من المعارك وبعد استنزاف خزينة بريطانيا بسبب حربها المنفصلة ضد فرنسا، وقعت بريطانيا معاهدة سلام مع الولايات المتحدة. لم تختفِ الانقسامات ومشاعر الكراهية التي قادت إلى اندلاع الحرب الأهلية (اندفع الشمال والجنوب نحو الحرب في نيسان/أبريل 1861 ادعت الولايات الجنوبية بأنها تملك الحق في الانفصال). فبعد ان توقف القتال ومع استعادة البيض الجنوبيين سلطة سياسية إزداد عذاب السود الجنوبيين. كانوا قد كسبوا حريتهم ولكنهم منعوا من التمتع بها بسبب إصدار قوانين محلية تمنعهم من الوصول إلى العديد من المرافق العامة. وكانوا قد كسبوا حق التصويت ولكنهم كانوا يتعرضون للتخويف عند صناديق الاقتراع. فقد طبق الجنوب سياسة التمييز العنصري وبقي يطبقها لمدة مئة عام. بدأ تنفيذ عملية إعادة الإعمار بعد الحرب تدفعها مثل عليا ولكنها سقطت في دوامة من الفساد والتمييز العنصري. أرجأ فشلها الكفاح من اجل المساواة للأميركيين الأفريقيين حتى القرن العشرين عندما تحولت إلى قضية قومية لا جنوبية فحسب.
لقد كانت وثيقة الإستقلال الأمريكي مثال للاحتيال الذي توحيه كلمة الحرية حسب المفهوم الأمريكي والذي تجلت في أن يستمر الإحتفاظ بالرقيق قرناً كاملاً بعد إعلان الوثيقة وقد أحتاج الأمر الى حرب أهلية لتضع حداً لمشكلة الإسترقاق في الولايات المتحدة الأمريكية , فالقائمون على رأس الدولة الأمريكية هم أحفاد اؤلئك الذين أوغلوا في قتل الهنود الحمر بحجج واهية.
كانت الظروف المعيشية للعبيد في امريكا سيئة للغاية، تتميز بوحشية والتدهور واللاإنسانية. كان من بين أشكال اللاإنسانية في معاملة العبيد هي الجلد في حالة التمرد وقد تصل إلى الإعدام والاغتصاب، ويستثنى من ذلك بعض العبيد الذين كانوا متخصيصين في أعمال ذات أهمية كبيرة كممارسة الطب؛ وأيضا العبيد المستأجرون كانوا أحسن حالا في المعاملة نظراً لأنهم ليسوا مملوكون بصورة مباشرة. كان التعليم ممنوعا تماما عن العبيد، لمنع التحرر الفكري الذي قد يغرس في العبيد أفكار الهروب أو التمرد. الرعاية الطبية كانت تتم عن طريق العبيد أنفسهم ممن لهم معرفة طبية أو يمتلكوا مفاهيم الطب التقليدي الأفريقي. كان في بعض الولايات الشعائر الدينية محظورة حتى لا يتسنى للعبيد التجمع وبالتالى القدرة على التنظيم والتمرد. كانت عقوبات العبيد المتمردين جسدية، تمثلت في الجلد، والحرق، والتشويه، والوشم بالنار، وقد تصل للشنق. في بعض الأحيان تتم العقوبات دون سبب محدد، ولكن لتأكيد هيمنة السادة فقط. وكان النخاسون في أمريكا يُسئيوا معاملة العبيد جنسيا ومن تعترض من السيدات كانت تقتل .
الاجتماع الذي عقد في فيلادلفيا في أيار/مايو 1787 اجتماعاً لافتاً. كان لدى المندوبين ال 55 الذين انتُخبوا لحضور المؤتمر تجربة في الحكم الاستعماري وحكم الولايات. وكانوا من المطلعين على التاريخ، والقانون والنظريات السياسية. كما كان معظمهم من الشباب.حيث تم في هذا الاجتماع الموافقة على الدستور الامريكي الفدرالي الحالي .
ابتداءً من احتلال ألمانيا لبولونيا عام 1939 حتى استسلامها عام 1945، سببت الحرب في أوروبا مقتل الملايين من الناس، من جنود ومدنيين على حد سواء. كما تمت إبادة ملايين آخرين في المحرقة النازية، وهي السياسة المنهجية لألمانيا النازية التي اتبعتها للإبادة الجماعية لليهود ولمجموعات عرقية أخرى. كانت الحرب في آسيا بصورة كبيرة سلسلة من المعارك البحرية والهجمات البرمائية لتحطيم السيطرة اليابانية على جزر في المحيط الهادئ. وقد استمر القتال هناك بعد توقف القتال في أوروبا. وكانت المعارك النهائية من بين أكثر المعارك دموية في الحرب. اعتقد معظم الأميركيين، ومن ضمنهم الرئيس ترومان، بأن خسائر اكتساح اليابان قد تكون أسوأ. كان ترومان يريد ان يستعمل القنبلة الذرية التي تمّ تطويرها حديثاً لوضع نهاية للحرب. وعندما رفضت اليابان أن تستسلم، أمر بإلقاء قنبلتين ذريتين على مدينتي هيروشيما وناغازاكي.
التخلص من النازية كان بدماء نحو ثلاثين مليون شخص من الاتحاد السوفييتي في هذه الحرب وبينما كان الجهد الحربي يـثقل الأعباء الاقتصادية والاجتماعية في الاتحاد السوفييتي، والتي لا زالت آثارها حتى اليوم، كان اقتصاد الولايات المتحدة في انتعاش، ناهيك عن أن الحرب لم تدر على أراضيها، فلم يذق الامريكان أهوالها وويلاتها.. ورغم ذلك جـنت واشنطن ما جنت، وحافظت على قواعدها في اليابان وفي ألمانيا إلى اليوم.كتب ريتشارد هاس في مقاله الافتتاحي الخاص بعدد تشرين الثاني- كانون الأول 2006 ، لمجلة «شؤون خارجية )FOREIGN AFFAIRS( الشهيرة، وتحت عنوان: (الشرق الأوسط الجديد) بشأن (انتهاء الحقبة الأميركية), حيث أكد فيه بعد استعراض الأهمية الإستراتيجية لمنطقة (الشرق الأوسط) والحقب السياسية التي مرّ بها بعد أكثر من قرنين على غزو نابليون لمصر، وبعد حوالي ثمانين سنة على زوال الإمبراطورية العثمانية، و خمسين سنة على نهاية الاستعمار، وأقل من عشرين سنة على انتهاء الحرب الباردة.. (انتهاء الحقبة الأميركية في الشرق الأوسط، وهي الحقبة الرابعة في تاريخ المنطقة الحديث). ويعترف هاس بأنه إذا كانت الحقب الأربع قد تم تحديدها من خلال التفاعل بين القوى الداخلية والخارجية الطامحة والمتنافسة مع اختلاف قدراتها وتأثيراتها ونفوذها وتوازناتها في الشرق الأوسط، فإن الحقبة التالية تبشّر بتأثير ضعيف ومتواضع للقوى الخارجية، مقابل تنامي دور القوى الداخلية، حيث تصبح عملية تشكيل الشرق الأوسط الجديد من الخارج أمراً بالغ الصعوبة.. وهو ما يُعَدّ التحدّي الأكبر لسياسة الولايات المتحدة الخارجية في العقود المقبلة بموازاة التعامل مع الديناميكية الآسيوية.