23 ديسمبر، 2024 12:22 م

القزم فيليبو, وجبناء 2016

القزم فيليبو, وجبناء 2016

الكاتب الألماني هيرمان هيسة, أبدع كثيرا في حكاياته الخرافية, التي تحمل مضامين إنسانية بالغة, عبر استخدام لغة وصور راقية, وحبكة سلسلة, كانت من الخصائص ألمميزه لقصصه, قصة القزم هي الأولى في حكاياته الخرافية , والتي تعبر عن إنسان بسيط جدا, اسمه فيليبو, مجرد قزم مملوك, حياته بيد سيدة غنية وجميلة, كان ينشر الدفئ أين ما حل, أنسانا أكثر من أسياده, محبا للناس والوجود, لكن في لحظة من الزمن القاسي, تعرض من يحبهم إلى القتل, وهما الببغاء الإفريقي, والكلب الأعرج (فينو), حسب رمزية هيسة, في صوره الخيالية, فكان القتل على يد شاب غني متغطرس, يقتل حسب المزاج وبدم بارد.
فقرر القزم الانتقام لمن يحب, لكنه انتقام الشجعان, فكان النتيجة أن مات في سبيل الوصول لهدفه, وهو تحقيق العدالة, ومحاسبة الجاني, وأنصاف من مات.
في الأسبوع الأول من عام 2016, نستذكر حقوقنا المسلوبة والضائعة, مع تواجد نخبة من الجبناء, يرتعدون خوفا, بدل الأقدام على الإصلاح, وتحقيق العدل.
قضية سبايكر قتل فيها 1700 شاب عراقي, البرلمان لم يملك القدرة, على أكمال المسيرة, نحو تحقيق العدل, ومحاكمة المتسببين بالجريمة, والقضاء يلتزم الصمت المطبق, كأنه لا يسمع ولا يرى, والقادة السياسيون يتكلمون بلغة بليدة, غير واعية لا تكسبنا حق, مما جعل دماء شهداء سبايكر تضيع, فلا وجود للشجعان في ساحتنا السياسية.
قضية نهب الخزينة المنظم, وطيلة 12 سنة, المبلغ والمنهوب وصل إلى أكثر من  600 مليار دولار, صرفت على أساس بناء مدن أحلام, وبيت لكل عراقي, و أفكار لإنشاء مصانع ومزارع عملاقة, لا نضير لها في الشرق الأوسط, وكهرباء لا تنقطع,بل ونقوم بتصدير الامبيرات الزائدة, للبلدان المحرومة, وتطوير كل قطاعات الدولة, لكن كل هذا تبخر, لان اللصوص أنجزوا عملهم, على أكمل وجه, ولا من رجل شريف وسط الساسة, ينتقم للحق, ويعمل على إرجاع الحقوق.
ويستمر استبداد الدولة, إذا تقوم باستقطاع رواتب الموظفين,  مع إن الذي افرغ الخزينة, هي رواتب ومخصصات وعطايا ومنح السادة المسئولين, من وزراء وبرلمانيين ووكلاء ومستشارين, والرئاسات الثلاث, وزبانيتهم, فلو أريد إنقاذ الخزينة, لكان على رجل الإصلاح, إرجاع حساباتهم المصرفية في خارج العراق, لأنها تعني أرقام فلكية, لا إن يلجا لسحق طبقة الموظفين, لأنهم الأضعف, مما يدلل إن الجبناء هم من يحكمونا.
الشجعان اليوم هم رجال الحشد المبارك, وهم فقط من يمكن إن نفتخر بهم, إما الساسة المبجلين وأصنام الواقع, فهم بعيدين بآلاف الأميال عن الشجاعة, ولا نتأمل منهم خيرا, لأنهم ببساطة جبناء.