-1-لقد شاع مؤخراً ، وبعد ان قفزت التكنولوجيا الحديثة قفزات نوعية مذهلة، وأصبحت وسائل التواصل الاجتماعي متاحةً للصبيان ، فضلاً عن الفتيان والشبان والشيوخ ، التعبير عن (العالَمِ) الكبير المترامي الاطراف
(بالقرية) …
واذا كانت (القرية) معروفةً بتواصل أبنائها ومعرفتهم الدقيقة بكلّ من يسكنها وكل ما يدور فيها ، فان حال العالم أصبحَ مشابهاً لحالِ القرية من حيث التواصل الموجود بين شرقه وغربه وشماله وجنوبه، فما يقع في الصين ينعكس سريعاً على أوربا كلها وعلى كل بقاع الأرض …
-2-
وأكبرُ المتضررين من التواصل الاجتماعي هم الحكام الطغاة .
لقد كانت المجازر ترتكب مِنْ قِبَلِهِم، ويتم التعتيم الكامل عليها، وتدفن اخبارُها وتضيّعُ اسرارُها .
أما اليوم فان قمع تجّمع طلابي بسيط، في أيةِ بقعةٍ من بقاع العالم، سرعان ما تنشر تفاصيلُهُ ، ويُصبحُ معروفاً على نطاق عالمي عام .
-3-
ومن هنا أيضا :
يتعرض الاعلاميون – والمصوّرون منهم خاصة – الى معاملة وحشية قاسية من قبل الجلاوزة الذين يضيّقون الخناق عليهم وينتزعون منهم وسائل تصويرهم خشية من الفضيحة ..!!
وكل ذلك لا ينفع في حجب الحقيقة عن الرأي العام ..
-4-
لقد كتبتُ هذه السطور بعد أنْ أظهرَ الفيس بوك ( face book) تاريخ ولادتي باليوم والشهر والسنة ،على عادته مع المشتركين جميعا ودون طلب مني طبعاً – فانهالتْ عليّ من الاحبة والاصدقاء رسائلُ المحبة المشحونة بأنبل المشاعر، وأجمل الخواطر ،وأرق التحيات، وأطيب التمنيات، وكريم الدعوات .
جاءت هذه الكلمات الموّارة بعبير الاخوة والمحبة، من أقطارٍ شتى، جاءت ممن يقيم وراء البحار ، وممن يقيم في اوربا ، حتى انتهت بمن يقيم في البلاد العربية الشقيقة ، ومن هم على بعد بضع أمتار.. .
واليهم جميعا أزّفُ الشكر الجزيل، والثناء الجميل، واضرع اليه سبحانه أنْ يحفظهم ويكلأهم بعين رعايته ، وأنْ يسبغ النعم والبركات .
-5-
انّ هذه العواطف هي الكنز الثمين الذي اعتز به، وهو الذي يملأ نفسي نشوةً وسرورا واغتباطا ، ذلك ان المرء كثيرٌ باخوانِهِ ، وهذه العواطف الجيّاشة ،هي حصيلة العمر وثمرتُه، فلا خير في عُمرٍ يقضيه صاحبُه ولا يُفضي به الى تكوين شبكة رصينةٍ من الأواصر والصلات والعلاقات مع
الطيبين من أهل الفكر والادب والثقافة والخلق الكريم والمواقف الوطنية الشريفة .
-6-
ان يوم الميلاد ليس عيداً من الاعياد، ومن هنا قال ابن الرومي :
لما تؤذنُ الدنيا به مِنْ صروفه
يكونُ بكاءُ الطفلِ ساعةَ يُولدُ
ولو كان المولد عيداً لما استهل المولود حياتَه بالبكاء ،
انّه بكاء لما تتضمنه الحياة من فصول صعبة المعاناة …
-7-
والحمد لله تعالى الذي جعلني أطوي عقوداً سبعة من عمري ، الذي أوشك على الانتهاء ، ولستُ مكابراً ولا مُدعيّا بأنَّ هذا العمر كان متميّزاً في العطاء …
وحسبي انني حاولت أنْ التحق بقافلة العاملين بخدمة الدين والشعب والوطن، وعانيتُ في غمرة سنوات النضال ما عانيتُ من اضطهاد وتعذيب وغربة وعناء …
-8-
يقول الامام زين العابدين علي بن الحسين (ع) في بعض أدعيته :
” وعمّرِني ما كان عُمُري بِذْلةً في طاعتك “
وهذا هو المهم …
المهم أنْ يكون العمر مبذولاً في طاعة الله …
أما العمر المنفق في دروب اللهو والملذات والانفعالات فانه الرصيد السلبي الموصل الى قاع الجحيم [email protected]