سألوا صدام حسين وهو يغسل ملابسه في سجنه, أن الوضع الامني في العراق يزداد سوءا..قال, أنا أعلم بذلك, وسيستمر هذا الوضع..قالوا له, لو رجعت السلطة بيدك, كم يوما أو شهرا, تحتاج لاسترداد الامن والاستقرار لهذا البلد.. فأجابهم, الفترة التي أحتاجها لحلق لحيتي.. هذه ليست فلسفة , بل هي حقيقة واقعة.. ففي العام 1991 أنتفض العراق , بأستثناء أقليم كوردستان.. أربعة عشر محافظة سلمت ملابسها الداخلية لتحرير نفسها من براثن صدام, بأستثناء مدن التظاهرات اليوم ..الوضع في بغداد كان أشبه بمدينة أشباح, رحل عنها سكانها طلبا للامن..ظلام دامس يخيم على عاصمة الرشيد,مياه قليلة , تكاد تكون مقطوعة في أماكن أخرى.. المواد الغذائية تلفت لانقطاع الكهرباء..وسائط النقل شحت,وغادرت صحبة أهلها الى أرض الله الواسعة..وبقي صدام حسين وجنده الميامين يحكمون بغداد..
هل من المعقول أن يسلم صكر الحومه, بهذه السرعة, ويمنح الشيطان الاكبر, قلادة الابداع في السقوط..هل يعطي لايران , العراق ثأرا لحرب دامت ثماني سنوات..أستجمع قواه, وخطط مع المنفذين لتحرير بلاده من التبعية, فكان له ما أراد..أنا أعتقد, أن المالكي أخطأ حين وقع على أعدام صدام حسين ..كان من الاجدر أن يضع له غرفة مجاورة لمكتبه, يتعلم منه,يشاوره حين الضراء, يسأله ويجيب , كيف تمكن من أسترجاع العراق ..وكيف أستحدث نظاما كهربائيا جديدا خلال ستة أشهر فقط , وكيف لودخلت بعض المحافظات العصيان المدني, كيف اللجوء الى فك شفرتها, كيف يحكم العراق بيد من حديد والجميع يصفق له وينشد له تقدم وأحنه وياك أثنين.. ولا عيب من التعلم, والعالم يستفيد من الطفل, ولا غرابة في ذلك..
أعيدت النجف وكربلاء وبابل, وكان مجاهدوا الانتفاضة وشيوخ عشائرها الافذاذ في تلك المحافظات,هم من كان يرقص لصدام حسين..رقصوا حين سقطت مدنهم بيد الاخرين,ورقصوا وأنشدوا حين دخلها صدام حسين محررا..وكانوا من أوائل من نقضوا عهدهم حين دخلت قوات الاحتلال الامريكي,ورقصوا أيضا مهلهلين بالنصر..يا لغرابة الامر, ولات حين مناص..ثم أعيدت البصرة وسيابها ينظر الى القرود حين تراقص من أجل موزة واحدة , وموبايل وستلايت..وأسترجعت العمارة, فالناصرية فالديوانية..فالعراق كله..ثم خطط لاعادة البنى التحتية, فأعاد الكهرباء والماء والاتصالات, وتبا للمستحيل حينما نهضت الهمم العراقية الاصيلة وشمرت عن سواعدها, فنفضت بغداد الغبار وكانت عاصمة الحداثة بعدما أرادوها خراب..
كان صدام حسين يبني قصورا وجسورا وخطوطا سريعة ومستشفيات ومدارس وصروح علمية ومنجزات أخرى في محافظات العراق..ورحل وتركها , بأيدي عبثت بها,وأزالت شخوصها وهدمت الاخرى..ولكن هل بنى المجاهدون المعارضون صرحا أو منجزا منذ دخول ديمقراطية الحجي..هل يشعر الحجي والاقزام المشاركون معه في العملية القيصرية, بالغزي والعار, لانهم ينامون ويأكلون ويجتمعون ويسيرون ويلعبون, في أماكن , بناها صدام حسين..أليس مخجلا, وهم يتحدثون عن دكتاتورية صدام حسين, وما أحلى الرجوع أليه..
وما خفي كان أعظم