23 ديسمبر، 2024 5:57 ص

“انعكاس على اغتيال الجنرال سليماني”
◇لا أعرف أمةً غير “العرب” تكفلت بتحقيق أمنيات أعدائها وخاضت الحروب نيابة عنهم◇ احلام مستغانمي

إغتيال الجنرال قاسم سليماني حدث مهم بمثابة هزة أرضية تضرب بلاد الشرق والشرق الأوسط ، لعله أخطر من زلزال مدينة بام التأريخية عام 2003 الذي ضرب العمق الحضاري الفارسي ضربة مؤلمة وليس بأقل تأثيرٍ من زلزال خوزستان عام 2019 الذي كاد أن يقطع أوداج النفط الثمينة في جنوب غرب ايران ..

سليماني بيت القصيد وسِفر خالد و لحظات لا تنسى من الانتصار والفشل الوطني والشجاعة البشرية والقسوة والحب البهيج والحزن المرير ، سفر لا يقل أهمية عن اسفار وفصول ملحمة الشاهنامه ملحمة الخلق الأسطوري وارض ما وراء النهر للشاعر الكبير الفردوسي الذي لو كان لا يزال على قيد الحياة لرسم بفرشاة شعره الانيق لوحة الجنرال بأبهى صورة ..

الجنرال سليماني هو ذائقة المواطن الفارسي البسيط المنتفخ ببالونات الابطال الاسطوريين منذ ان كان جميع الأنس والجن يخضعون لمشيئة الملك ((جيومرت)) 1 ..

منذ أن فجر الخميني الراحل ثورته الإسلامية ، خاضت ايران حروبا اقتصادية و قومية و اسلامية طويلة ، حروباً جعلت نبض المواطن الايراني نبضا مختنقاً بسبب عامود من الفقر والحاجة والخذلان فطموح الثورة فوق طموح المواطن ..

لقد أبتهج المجتمع الإيراني أيما إبتهاج وهو يشمخ بكل عنفوان بإمبراطورية الشرق المترامية عسكريا وسياسيا الى جبال الأرز وبلاد الشام وبلاد ما بين النهرين وبلاد اليمن السعيد ولم تكن مفاعلات نطنز و بوشهر و أراك و أصفهان النووية وغيرها مجرد تقنية تضعها طهران على طاولة التفاوض مع الكبار فحسب انما رمزاً حضاريا يستحضر روح الامبراطورية العظيمة المفقودة عبر الازمان الغابرة ..

لكن بعد الاتفاق النووي أصبحت أفئدة الشعب الإيراني النابضة بالاشعاع النووي أفئدة كونكريتية جامدة وباردة كبرود الأسلحة البالستية المخزنة تحت جبالها العالية في مدنها الصاروخية للقوة الجوفضائية لحرس الثورة الإسلامية والتي ضربت أخيراً قواعد دولة الشر الشيطانية الأميركية العسكرية(قاعدة عين الاسد) على أرض بلاد الفراتين ولا أدري هل كانت (صفعة) مؤلمة لأميركا ام صفعة مؤلمة تختبر سيادة العراق المنتهكة ..

قلوب ممتلئة بالغضب والثأر ، تومان بلا قيمة وحياة بائسة وشموخ ضائع ، لم يعد بالإمكان الصبر والانتظار الى ما لا نهاية و لا سبيل إلا إلى انهيار حضارة عريقة و تاريخ مجيد ..

لم يكن من بد ولابد مما ليس منه بد حتى تستعيد حضارة فارس ألقها وعنفوانها وشموخها وليس أفضل من استعادة بطولة الشهادة وتأثيرها في صناعة الروح الثورية الضائعة مرة أخرى وليس أمضى من قائد جيش القدس ومهندس المقاومة المحنك الجنرال سليماني ليكون قُرباناً لاستعادة مجد ما وراء النهر ..

نار للغضب تستعر حتى تدفئ مشاعر الانتقام لفقد القائد الاسطورة حتى أصبحت ناراً مقدسة يطوف حولها الحزن المنتفض الى المجد الضائع تحت وطأة الحصار الفكري الإقتصادي الخانق الذي ضربته أميركا على أرض النجد الإيراني العريقة ..

الشمس التي لم تغرب والنهار الذي لا ينتهي على أرض إمبراطورية بني فارس ، إرتحل عنها الجنرال سليماني الابن الكبير لعائلة ولاية الفقيه المقدسة حتى لا يستطيل موعد الليل الى ما لا نهاية ولمّا يأتي الانتقام ..

ولا ادري هل سوف يستطيع ولي العهد الجديد (القاآني) قيادة تركة الجنرال سليماني الثقيلة والاخذ بثأر أخيه نحو( القدس) الهدف المنشود دون أن تقذف الطائرات المسيرة صواريخها الذكية ، أم انه سيختار أن يضرب مصالح أميركا في العراق فقط .

(1) جيومرت هو ملك فارسي مذكور في ملحمة الشاهنامه .