تمثل الثقافة ثيمة خاصة تزين الشخصية الإنسانية, وباعتبار الثقافة فرع من فروع المعرفة, لذا هي مقرونة بالعلم والتعلم, ولا نقصد هنا التعلم الأكاديمي حصرا, بل هو تعلم كل مكرمات الأفعال والخصال.
تعد القراءة الرافد الأهم من روافد الثقافة, وهي بمثابة المغذي الرئيسي لإعطاء الفرد صورة معرفة عن الأشياء, وعن كيفية التعامل مع الآخرين, وكيفية تكوين السلوك الإنساني السليم.
أفضل التعلم والمعرفة هو معرفة الإنسان بعقيدته وبربه, ولماذا خلقنا؟ وما هو الهدف من هذه الحياة؟ وأن لا ينجر الفرد ويُغر بالنداءات والشعارات الزائفة, ذات المصطلحات البراقة, التي تدعو إلى الانحراف والانحلال بدعوى المدنية والتحرر.
الثقافة هي منهج وأسلوب حياة, وليست شهادة تُعلق على الجدران.
رافد آخر من روافد الثقافة هو الشغف, فالشخص الذي لا يكون شغوفا لن يكون ساعيا للقراءة والاطلاع, ولا للعلم والتعلم, الشغف هو محفز رئيسي للتحرك نحو الكمال, وبناء الذات وتطويرها.
يعد العراق -والمعروف عنه إنه البلد الذي علم الناس الكتابة- من أعرق البلدان الثقافية في العالم, ومن أكثرها شغفا بالعلم والقراءة والمطالعة, حتى قيل “مصر تؤلف ولبنان تطبع والعراق يقرأ” لذا تجد أن العراقيين متميزون على أقرانهم في باقي البلدان, في الأدب والفن والمسرح والعلوم.
نعاني في وقتنا الراهن عزوفا كبيرا عن القراءة, وعن السعي لبناء ثقافة رصينة, وغابت عن المشهد الندوات الثقافية والأمسيات الأدبية, إلا في حدود ضيقة, وأخذت الثقافة تنحدر إلى مستويات هابطة, حتى قفز إلى السطح مثقفون مزيفون, أسميهم مدعي الثقافة, وهؤلاء هم رموز تتحرك لتحقيق مصالحها دون وازع من ضمير, متخذين حيلا وألاعيب لتمويه الرأي العام وتسطيح أفكار الناس.
نحن بحاجة إلى ثورة ثقافية كبرى, تكون القراءة محورها, وأن نزرع في نفوس النشأ الجديد الشغف الذي يدفعهم للتعلم والقراءة, من خلال برامج توعوية تساهم في زراعة الرغبة لدى هذا الجيل.