19 ديسمبر، 2024 12:55 ص

القراءة المزاجية للتاريخ

القراءة المزاجية للتاريخ

عندما نقرأ التاريخ نقف حائرين ازاء اتخاذ بعض المواقف لبعض الاشخاص ولا ندرك ان اولئك اناس لهم نفس غرائزنا ونفس مشاعرنا وهم ايضا ابناء محيطهم يفكرون وينطقون بلسان عصرهم وثقافتهم ويعبرون عن انتمائهم بالطرق التي تناسب مزاجهم وبنيتهم الفكرية ومصالحهم الشخصية الا ان ما يحصل لنا عند قراءة التاريخ هو اننا نقرأه بصور ذهنية مثالية نسقطها على الوقائع التاريخية وليس بصور نشاهدها الان وللتوضيح اكثر نقول انه يجب علينا ان نقرا ونحكم وننصف وفقا لأدوات المنطق وليس المزاج والانتماء..كان الناس ولا يزالون لا يتبعون الحق كعنوان وانما يتبعون شخصا او حزبا او مرجعا ويجعلون كل ما يخالف هذه العناوين باطلا ولقد وضع الامام علي ع ميزانا منصفا لمن يريد الحقيقة فعلا وقال كلمته المشهورة اعرف الحق تعرف اهله ولو ان الناس وعوا وأدركوا معنى هذه الكلمة لأستفاقوا من سُبات التبعية الفكرية ووضعوا الأغلال التي قيدت عقولهم وضيقت افكارهم وجعلتها تسير باتجاه واحد لايسعه الانفتاح والحوار وتقبل الاخر كما هو لا كما تريد انت ..فاذا اقتنع الشخص الاعلى في الموقع السياسي او الاجتماعي او الديني فان الآخرين يعتبرون رايه عين الصواب وان خالف اسس المنطق وأبجديات المعرفة لذلك سوف نبقى نراوح في مكاننا لان العقل الجمعي هو اشبه بالتنويم المغناطيسي لمجموعة كبيرة من المجتمع وحقنه بهتافات وشعارات يرددها بمناسبة وبدون مناسبة والى ان يفوق هذا العقل فانه سيجد ان الاوان قد فات وان العقول قد أزيحت تماما بفعل التنويم المتراكم والممنهج لاستعباد العقول وتفريغها من الحاضر وركنها في زوايا الماضي والخوض بها بمزاجات ومصالح الحاضر لذا لا نستطيع ان نقرأ التاريخ ما لم نقرأ مزاجات وافكار وتطلعات ومصالح رجاله في ذلك الزمان لكي نستطيع ان نقدم قراءة موضوعية منهجية للتاريخ بعيدا عن القراءات المؤدلجة مُسبقا او القراءات التي تحمل طابع القدسية لرجالات التاريخ وتأويل كل مواقفهم الصحيحة والخاطئة لصالحهم بعيدا عن النقد والمعرفة والمصداقية في قراءة الوقائع كما وقعت وليس كما نريد نحن ان تكون.