كنت اقرأ لاستمتع فهي بمثابة اللحظات الجميلة التي استكشف فيها الآداب والعلوم والمعاني الانسانية وما يمكن ان اطلع عليه من الاحداث وما يمكن ان اكتسب خلاله من مهارات واقتدي بنماذج ادرك انها تسمو بقيمها وافكارها وتضيء طريق الحياة كما الشمس لا يمكن لخفافيش الظلام ان تحجبها.
اجل القراءة قبل اليوم كانت بمثابة قطا ر استقله واستكشف بواسطته طرق السكك الحديدية ومسالكها في مختلف المدن واشاهد من خلال الكلمات معالمها واشارك الاخرين افكارهم واحلامهم وامالهم وامانيهم بل واكتب محادثات طويلة استعلم واعلم ,استخبر واخبر في مسيرة تمتد لعشرات او مئات وربما لآلاف السنين كل ذلك الكنز الثمين اناله الحروف والكلمات و السطور والصفحات .انا ثرية بكل هذه الكنوز ومغتبطه بكل الوان السعادات التي منحنيها فعل جميل اسمه القراءة.
القراءة متعة وسعادة وقوة فكر وارادة وقابلية على النقاش وتداول الآراء في ظل حرية الفكر وديمقراطية العيش وسيادة الكلمة الحرة النابضة بالحياة والهادفة لبناء الحياة.
هكذا انا في مراحل الحياة المختلفة اصنع حريتي حتى لو اقتصر الأمر على نقاش حاد وشامل مع الآخر الذي هو انا.
ربما يكون عالم جديد هو خيال محض لكنني اعيش لحظاته بجزئيات ثوانيها ودقائقها وساعات نهارها في وهج شموس مشرقة وظلمة لياليها الحالكة او مع التماع نجومها وضوء اقمارها ففي سمائي ملايين النجوم والالاف الشموس والالاف الاقمار ..سمائي لي وحدي وهي وحدها تشاركني النجوى وتبعث في الاحاسيس المختلفة كأي كائن حي فرح, حزن, رضا, غضب .لكن لاوجود للتعصب او الحقد ..لا وجود للأنانية فكلنا (انا) وقبل كل شيء لاوجود للجهل لأن الجهل قائد اعلى ومطاع لكل المآسي الانسانية.
هكذا كنت والى اليوم ما زلت اقرأ فأنا تلميذة مبتدأه تتعلم ابجدية الحروف ومن خلال لحظات التعلم اجوب العالم بمختلف الوسائل المعدة للنقل قديمها وحديثها فأنا تارة بدوية اقطع الفيافي والقفار واستخدم كما الانسان البدوي الخيل والجمال وكافة الحيوانات الاخرى للترحال والسفر واسكن الخيام واعيش حياة البداية اليومية بفصول الاعوام وتقادم السنين وكم من ليلة قضيتها في المضايف اسامر الاخرين واناقش مفاهيمهم واتلذذ بفناجين القهوة واقداح اللبن ما احسست يوما بغربة ولا نظروا الي بعين الريبة فهم كلهم انا .
وتارة اخرى اجوب العالم في مركبة صغيرة كأي سائح مبتدأ احمل حقائب السفر وصناديقا تضم ما يلزم للحياة اليومية البسيطة ابحث في البلدان عن العجائب واستخرج من كهوف الغابرين كنوز المعرفة التي تحدثني بكلمة صريحة وبلسان فصيح (هذا العالم العظيم سر مقدس لا تصل اليه الا الأفئدة التي توقن بعظمة خالق هذا العالم) ليس من جواب لسؤال آخر مقتضى العلم ان تكون موقنا ولذا فانا اقف عند كل معبد عند كل كنيسة عند كل مسجد عند كل الامكنة المقدسة لكل الطوائف والملل والنحل لكنني في النهاية انسان يشعر بإنسانيته ومواطنة تحب وطنها وكائن حي تنتمي الى قبيلتها وفرد من افراد اسرة ترعاها وتحمل جيناتها الوراثية وتؤمن بمعتقداتها ولها كما الاخرين اسم تدعى به لكنها توقن ان كل هذا التسلسل والتفرد جمع واحد كائن متعدد تجمعه كينونة واحدة هي انا.
ايضا امضي باحثة عبر وسيلة اكثر حداثة اذ استقل طائرة تعلو بي في آفاق السماء فوق السحاب تسرع كما الريح وتصل بأسرع ما يكون عبر نوافذها ارى قمم الجبال واكاد اقتطع نتف السحاب لولا زجاج رقيق يمنعني ان امد يدي ,اسمع هدير المحركات فأخالها ريح عاصف استسلم لسنة من النوم ارى تحولي طائرا حرا طليقا فتوقظني المضيفة وهي باسمة وتضيف متسائلة هل انت بخير…؟ابتسم لها اخبرها انني بخير واهمس بنبرة بوح السر قائلة :هل تصدقين انني قبل هذه اللحظة كنت طيرا حرا طليق.