23 ديسمبر، 2024 5:42 ص

القرآن … والخيال العلمي…!

القرآن … والخيال العلمي…!

“هل يتحقق الخيال العلمي مستقبلا؟”
هكذا سؤال خطر في ذهني، وانا اشاهد احد الافلام ذات الخيال العلمي…
كان الفيلم بعنوان “المسافرون”.
تدور أحداثه على مركبة، بهيئة مدينة فضائية متفوقة الذكاء، متجهة الى كوكب أخر، حاملة على متنها 5000 مسافر بشري، في حالة سبات عميق، لمدة 120 عامًا.
فهل يتحقق هذا السفر مستقبلا؟
والجواب، حسب فهمي الشخصي، نعم، اكيدا.
ويمكن ان افسر ظاهرة تحقق تصورات الخيال العلمي، في المستقبل، منطلقا من فهم مادي، كالتالي:

? ان التصورات لا تاتي من العدم. بل هي نتيجة عوامل تاريخية او علمية او نفسية او غير ذلك… اي انها انعكاسات من الواقع، او نتيجة تاثير عوامل واقعية.
كذلك، يمكن القول:
ان تصوراتنا الذهنية هي استقراء للواقع، ثم استشراف للمستقبل.
? اما تفسير ذلك، وفقا للفهم الديني للموضوع… اعتقد يكون هكذا:
اولا. بلحاظ المقدمات التي ينطلق منها الفكر البشري، يمكن القول: ان النتاج الذهني البشري، ليس بشريا، محضا، دائما، بل هو انتاج له مقدمات ميتافيزيقية. وقد يكون ذو مقدمات غير بشرية، او ربانية.
وللتوضيح: اننا نملك الدماغ المادي، ولدينا العقل المجرد (المعنوي) ايضا.. وهما ادواتنا في الانتاج الفكري البشري. لكن، كلاهما من الصنع الالهي… وبالتالي ان افكارنا، ليست ملكنا تماما. واذا صرنا نملك النتيجة، فان المقدمات ليست ملك لنا.
قال تعالى في سورة الانفال :
“وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ رَمَىٰ ۚ”
ثانيا. التصورات في اذهاننا تخلق واقعا خارجيا، ماديا، في حياتنا ومحيطنا.
وهذه اطروحة في ذهني، شخصيا. مفادها:
ان التصورات الذهنية البشرية، تصنع واقعا خارجيا، لماذا؟
الجواب:
حسب فهمي، ان الانسان مخول بادارة الكون. او يملك صلاحيات صناعة الواقع، لكونه خليفة الله في الارض. ويمكن الاستدلال بالاية.
“وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ۖ قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ۖ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (البقرة30)
ثالثا. ان العقل يعكس عالم العقل. وللتوضيح، حسب فهمي، واطلاعي:
ان الانسان مركب من اربعة مكونات هي:
?الجسد
?الروح
?النفس
?العقل
وكل منهم يرتبط بعالمه. اي ان العقل يتصل بعالم اخر، هو عالم العقل. وبذلك يكون العقل البشري، قادرا على استيراد، معلومات وبيانات من خارج واقعنا المادي. وقد يفسر هذا، تحقق الكثير من قصص الخيال العلمي، في واقعنا. ويمكن ان يكون نوعا من انواع الوحي العقلي وليس الروحي. مثلا:
وَأَوْحَىٰ رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ (النحل68).
نعم، الامر من رب العالمين، الا ان الايحاء يكون عقليا.
رابعا. ان الفكر يصنع الواقع في لوحة الوجود. وهذا يختلف عن ثانيا (اعلاه) ، لان الاطروحة هنا، ان الذهن يوثر على الخارج، وقد يكون ذلك، دون وعي منا.
قال تعالى :
“إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ (الرعد:11)
خامسا. ان للبشرية حق تكوين الوجود. اي برغباتها او طموحها. استنادا على الاية:
“وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ ۚ وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ۗ إِنَّ الْإِنسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (ابراهيم34).
ان السؤال هنا، هو الطلب او الطموح. تلك الطموحات، تتحق طبقا للوعد الالهي.
? ويمكن القول، ان السفر سوف يتحقق، ولكن بطريقة اخرى، قد يكون السفر، نتيجة للتكامل المعنوي، الذي يمكن البشر من التحرك في الكون، وعبر الزمن.
وهنالك تفسيرات اخرى، اتركها لفطنة القارئ اللبيبب.