23 ديسمبر، 2024 2:23 م

القرآن من العسب و اللخاف و صدور الرجال

القرآن من العسب و اللخاف و صدور الرجال

 العسب : ما استقام من جريد النخل وكشط سوقها مفردها عسيب وهو من السعف فويق الكَرَب لم ينبت عليه الخوص. واللِّخاف: جمع لَخْفَة وهي القطعة من الحجارة مستدقة ألى ألواح رقيقة وهذه إضافة ألى ألواح ألأكتاف ورقاع ألجلود هي ما كان يكتب عليه عرب ألحجاز في صدر ألأسلام. و بدائية هذه ألأدوات يعود ألى محيطهم فلم يكن لهم نهر مثل ألنيل ألذي زود ألمصريين بألبردي ولا ألفرات ألذي إستخدم ألسومريون طينه في ألواحهم ألمسمارية. هذا إضافة أن ألكتابة ألعربية كانت بدائية وذات فائدة محدودة فلم تكن تصلح لخزن ألمعرفة  أو نقلها أي أن يقرأ ألأنسان شيئاً للمرة ألأولى فيفهمه. فكان ألعرب ينطقون ثماية وعشرين حرفاً ولكن يكتبون خمسة عشر فقط. فكانت ألرواية ألشفاهية كل ما وصلنا عن ألسيرة ألنبوية و ألحديث وكذلك ألقرآن ألكريم. إلى أن تم تنقيط ألحروف ألعربية في عهد عبد ألملك بن مروان و أدخال ألتشكيل و ظل ألقرآن ألكريم يؤخذ من صدور ألرجال فبدون ألتشكيل قد يختلط ألفاعل وألمفعول به و ألمعطوف و ألمعطوف عليه.
ولنفهم صعوبة أن يفهم قارئ يقرأ كتاباً في صدر ألأسلام بحروف غير منقطة و لا مضبوطه بألشكل و تنقصها ألألف ألمدودة في وسط ألكلمة مثل ٱلكِتَـٰبَ بدل ألكتاب و لنأخذ هذا ألمثل:
كلمة بنت       مع حذف ألتنقيط
هناك ثلاثة إحتمالات:
١. أن تكون ألكلمة ثلاثية
٢. أن تكون رباعية بوجود ألف مدودة بين ألحرفين ألأول و ألثاني
٣. أن تكون رباعية بوجود ألف مدودة بين ألحرفين ألثاني و ألثالث.
 
هناك أكثر من ١٥٠ إحتمال لهذه ألكلمة حتى لو أفترضنا ألاّ يتكرر حرفان متتاليان. وسأبقي ألحل مبسطاً فهذا ليس درساً في ألتباديل permutations
١ . ألحالة ألأولى: ألحرف ألأول له خمسة إحتمالات: باء تاء ثاء نون و ياء و لكل واحد من هذه ألأحتمالات هناك أربعة أحتمالات للحرف ألثاني (ألأربعة ألأخرى عدا ألحرف ألأول) فيكون ألمجموع ٢٠ إحتمالاً لأول حرفين. ألنون و ألياء يرسمان بشكل متميز في آخر ألكلمة مما يترك ثلاثة حروف ممكنة (باء تاء و ثاء) للحرف ألثالث و لتجنب تكرار حرفين متجاورين يكون للحرف ألثالث أحتمالين لكل من ألأحتمالات ألعشرين لأول حرفين فيكون ألمجموع ٤٠ كلمة ممكنة ليس لكلها معنى و لكن على ألقارئ في صدر ألأسلام أن يمر على كل هذه ألأحتمالات. في ألحقيقة عدد ألأحتمالات أكثر من هذا فأذا كان ألحرف ألثاني ياء أو نون فألحرف ألثالث له ثلاث إحتمالات و ليس إثنين
٢. ألحالة ألثانية هناك ألف مدودة بين ألحرفين ألأول و ألثاني أي ألكلمة ألمقصودة هي بانت بدون تنقيط أو ألألف. ألحرف ألأول له خمسة إحتمالات: باء تاء ثاء نون و ياء ولكل واحد منها ألحرف ألثالث له أيضاً خمسة حتمالات فيكون ألمجموع ٢٥ أحتمال للحروف ألثلاثة ألأولى. و إذا أبقينا على إحتمالين للحرف ألرابع فسيكون ألمجموع ٥٠ إحتمالاَ للكلمة.
٣. ألحالة ألثالثة أن تكون ألكلمة رباعية بوجود ألف مدودة بين ألحرفين ألثاني و ألثالث أي ألكلمة ألمقصودة هي بنات بدون تنقيط أو ألألف. ألحرفين ألأول و ألثاني لهما ٢٠ إحتمال كما في ألحالة ألأولى و ألحرف ألرابع له ثلاثة إحتمالات سبب وجود ألألف فيكون ألمجموع ٦٠ إحتمالاً .
مجموع ألحالات ألثلاث هو ١٥٠ إحتمال. و مقابل هذا هناك كلمات مثل “ادا” واضح أنها “إذا” و لفظ ألجلالة ألذي ليس فيه تنقيط وهناك كلمات فيها أكثر من ثلاثة حروف منقطة. ومعنى ألكلمة ألمرسومة يعتمد على ألكلمات ألتي قبلها وبعدها ولكن بدون تحريك يتضاعف عدد أحتمالات ألكلمة. فألقارئ في صدر ألأسلام كان كمن يفك شفرةً و أليوم إذا أردنا أن نفك شفرة فعندنا أبجديّة بثمانية وعشرون حرفاً متميزاً  نكتب فيها ما فككناه ونخزنه كتابةً وهذا لم يكن متوفراً للقارئ في صدر ألأسلام فألشفرة ألتي يحاول فكّها هي أبجديته. فألقارئ في ذلك ألزمان عليه أن يفك ألشفرة و يمر في ذهنه على كل ألأحتمالات ألممكنة للكلمة ألمرسومة أمامه ويجرب أحتمالات ألتحريك و يحفظ ما فكّه من ألشفرة بنفس ألوقت فتصوّر إذا كان يقرأ واحدة من طوال ألسور. ألخلاصة هي أن ألكتابة ألعربيّة قبل تنقيط حروفها كانت لا تصلح إلاّ لتذكير ألحافظ بما حفظه إذا نسي عدد صغير من ألكلمات فيشحذ ذاكرته رسمها.
أدوات ألكتابة. ألحاجة أم ألأختراع ولكن يبدو أن عرب ألحجاز لم يكن لهم حاجة في ألكتابه فلم يطوروا أدواتها ما يكتبون به و مايكتبون عليه. بدائية أدوات ألكتابة و خشونة سطوح ما يكتبون عليه يمنع ألدقة في ألكتابة أي أن كتابتهم كانت أكبر مما نكتب أو مما كانوا يكتبون في ألعصر ألعباسي ألثانيو بعد حوالي ٥٠ سنة من تأسيس أول مصنع ورق في بغداد.
اللِّخاف كما ذكرت أعلاه جمع لَخْفَة وهي القطعة من الحجارة مستدقة ألى ألواح رقيقة. و مكّة كانت وادٍ  محاط بجبال و ألصخور متوفرة ولكن أهل ألحجاز لم يعرف عنهم نحت ألحجر أو بناء هياكل أو قصور حجرية مثل ألرومان و ألأغريق و ألمصريين. فهذه ألأقوام طورت أدوات ألنحت و ألبناء  وأهم من هذا طورت مهاراتها في ألنحت من جيل لآخر على مدى عدة قرون. لنتصور ألجهد ألمطلوب بأدوات بدائية لتسطيح حجر وتقليل سُمْكه فقطعة  من حجر ألبلاط  ٣٠سمx ٣٠سمx ١سم تزن حوالي ٣ كيلوغرام هذا إذا أستطاعوا نحت ألحجر ألى هذا ألسُمُك ولا يستطيعوا أن يكتبوا علي هذه أللخفة أيات أكثر مما هو موجود على صفحة واحدة من ألمصحف.
ألأكتاف هي عظم لوح ألكتف و هو ألعظم ألذي له أكبر مساحة مستوية من عظام ألجمل فما هو عدد ألكلمات ألتي يمكن كتابتها عليه؟ ألرابط أدناه  فيه صورة لوح كتف وقد كتبت عليه سورة ألفاتحة من مكتبة جامعة برنستون ألأمريكية
http://commons.wikimedia.org/wiki/File:Surat_al-Fatiha_inscribed_upon_the_shoulder_blade_of_a_camel.jpg
لا حظ أن ألحروف منقطة و ألخط أقرب ألى خط ألنسخ فقد يعود هذا أللوح ألى بداية ألقرن ألثالث ألهجري. ألمهم أن ٣٣ كلمة شغلت ثلاثة أرباع أللوح فربما يمكن كتابة ٤٥-٥٠ كلمة أو ما يعادل أربعة آيات ( متوسط عدد ألكلمات في ألآية حوالي ١٢و٦ كلمة). فكم لوح مثل هذا نحتاج لسور مثل ألأنعام و ألأعراف و يونس و هود ناهيك عن ألسبع ألطوال.
ألرقاع هي قطع من جلود ألحيوانات كتبت عليها بعض آيات ألقرآن ورغم أن ألكتابة على ألجلود ألمدبوغة أسهل منها على ألعسب و أللخاف ألاّ أن هناك إستخدمات كثيرة لهذه ألجلود في حياة ألعرب أليومية تنافس ألكتابة.
حفظ ألقرآن في مكّة. ألسور ألمكيّة ألأولى و أول ثلاثين منها كانت سور قصيرة و آياتها قصيرة ومسجوعة ليسهل حفظها وتشذ عن هذا آخر آية في سورة ألمزمل فهي ٧٨ كلمة في حين لا تزيد أي من ألآيات ألتسعة عشر ألأخرى عن ٩ كلمات. و ربما لم يحتج ألمسلمون في مكّة لتدوين هذه ألسور ولكن جاء بعدها سور مثل ألأنعام و ألأعراف.
مكّة ألمكرّمة كانت وادٍ غير ذي زرع حسب ألآية إبراهيم ٣٧ وكذلك روى مسلم فى صحيحه: عن طلحةَ بن عُبيد الله رضى الله عنه، قال: ((مررتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى نخلٍ، فرأى قوماً يُلَقِّحُونَ، فقال: ((ما يصنعُ هؤلاء)) ؟ قالوا: يأخُذون من الذكر فيجعلونه فى الأُنثى. قال:((ما أَظُنُّ ذلك يُغنى شيئاً))، فبلغهم، فتركوه، فلم يَصْلُحْ، فقال النبىُّ صلى الله عليه وسلم: ((إنما هُوَ ظَنٌ، فإن كان يُغنى شيئاً، فاصنَعوهُ، فإنَّما أنا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ، وإنَّ الظَنَّ يُخطِئٌ ويُصيبُ، ولكنْ ما قلتُ لكم عنِ الله عَزَّ وجَلَّ، فلن أكذِبَ على الله) (الطب النبوي لابن القيم الجوزية، ص ٤٠١) يدل على أن أم ألقرى لم يكن فيها نخيل زمن ألنبي(ص) وهذا يستبعد ألعسب مما كانوا يكتبون عليه في مكّة.
و ألذي يميز حفظ ألقرآن في مكّة عن ألمدينة هو هجرات ألمسلمين إلى ألحبشة و ألمدينة و عدم وجود ألنخيل في مكّة مسألة ثانوية. هناك كثير من ألغموض حول هجرة ألمسلمين إلى ألحبشة ففي ألهجرة ألأولى غادر و عاد عدد صغير من ألمسلمين خلال أربعة أشهر (من رجب إلى شوّال) بعد أن وصلتهم أخبار ظنّوا أن قريش أسلمت. و في ألهجرة ألثانية إلى ألحبشة في ألسنة ألسابعة للبعثة أو ألخامسة قبل ألهجرة هاجر أكثر من نصف ألمسلمين إلى ألحبشة فهل أخذوا معهم أللخاف و ألعظام و ألرقاع؟  ألروايات تختلف حول بقائهم جميعاً في ألحبشة ألى ألسنة ألسابعة بعد ألهجرة أو عودة بعضهم بعد هجرة ألرسول (ص). لماذا بقوا ألى غزوة خيبر؟ لا توجد أي رواية عن حياتهم في ألحبشة أو أنه عليه ألصلاة و ألسلام كان يبعث لهم من يقرأ عليهم ما ينزل عليه من آيات و هم في ألهجرة.  وماذا عن ألمسلمين ألذين هاجروا إلى ألمدينة؟ هناك أكثر ٤٤٧٠ آية مكيّة ,كم قطعة من أللخاف و ألأكتاف حملوا معهم؟ و ألسؤال ألآخر هل كانت هذه ألقطع سواء كانت لخاف أم أكتاف أم رقاع مرقمة؟ فلا يوجد أي ذكر عن ألترقيم عند أهل ألحجاز على عكس أهل أليمن و نفس ألسؤال ينطبق على ألقرآن ألمدني. فهل هذا هو ألسبب في عدم أتساق ألسور؟ فألسور وخصوصاً ألطويلة منها تبدأ بموضوع ثم تنتقل ألى موضوع ثانٍ ثم ثالث. وخير مثال على هذا هو سورة ألنساء (١٧٦ آية) فأول ٣٥ آية تتعلق بألنكاح و ألطلاق و ألأرث  وألآيات ١٥٣ ألى ١٧٥ عن بني إسرائيل و ألآية ١٧٦ تكمل أحكام ألأرث بألأكلّة. فربما أختلط تسلسل ألرقاع و ألأكتاف و ربما أختلطت آيات من سورة بأخرى. وقد يقول ألبعض أن كل شيئ ممكن بعد “ربما” ولكن عدم أتساق ألسور حقيقة وهذا هو أحد ألأسباب ألمحتملة.
وماذا عن صدور ألرجال أي ذاكرتهم؟
حفظ ألقرآن أليوم وحتى قبل مئة عام يختلف كثيراً عن حفظه في صدر ألأسلام  فألمصحف كتاب يسهل حمله ومطبوع على ورق كلماته مظبوطة بألشكل يمكن تعلّم آياته أي قرائتها للمرة ألأولى و حفظها في أي وقت وأذا نسى الحافظ اي عدد من الآيات يمكنه بسهولة اعادة حفظها. هذا لم يكن ممكناً في صدر ألأسلام فاذا كان الحافظ يجيد القراءة فأنه سيجد كلمات غير منقطة على حجر أو لوح كتف. و إذا نسي عدداً من ألآيات فلابد أن يجد رجلاً آخر يتعلمها منه. هناك كثير من ألمبالغة عن قابليات ألمسلمين ألأوائل ألحفظية وجعلها كأنها هارد درايف ولكن هناك ما يكفي من ألشواهد للشك بصحة هذا ألأدعاء. عندما توفي رسول الله (ص) كان أهم شخصية في جزيرة ألعرب فكيف يختلف ألمسلمون على تاريخ وفاته؟ قال السهيلي في الروض الأنف:
)وَاتّفَقُوا أَنّهُ تُوُفّيَ  صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ  يَوْمَ الأثْنَيْنِ إلا شَيْئًا ذَكَرَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ فِي الْمَعَارِفِ الأرْبِعَاءِ قَالُوا كُلّهُمْ وَفِي رَبِيعٍ الأوّلِ غَيْرَ أَنّهُمْ قَالُوا ، أَوْ قَالَ أَكْثَرُهُمْ فِي الثّانِي عَشَرَ مِنْ رَبِيعٍ وَلا يَصِحّ أَنْ يَكُونَ تُوُفّيَ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ إلا فِي الثّانِي مِنْ الشّهْرِ أَوْ الثّالِثَ عَشَرَ أَوْ الرّابِعَ عَشَرَ أَوْ الْخَامِسَ عَشَرَ لإجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنّ وَقْفَةَ عَرَفَةَ فِي حَجّةِ الْوَدَاعِ كَانَتْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَهُوَ التّاسِعُ مِنْ ذِي الْحَجّةِ فَدَخَلَ ذُو الْحَجّةِ يَوْمَ الْخَمِيسِ فَكَانَ الْمُحَرّمُ إمّا الْجُمُعَةُ وَإِمّا السّبْتُ فَإِنْ كَانَ الْجُمُعَةُ فَقَدْ كَانَ صَفَرٌ إمّا السّبْتُ وَإِمّا الأحَدُ فَإِنْ كَانَ السّبْتُ فَقَدْ كَانَ رَبِيعٌ الأحَدَ أَوْ الاثْنَيْنِ وَكَيْفَا دَارَتْ الْحَالُ عَلَى هَذَا الْحِسَابِ فَلَمْ يَكُنْ الثّانِي عَشَرَ مِنْ رَبِيعٍ يَوْمَ الأثْنَيْنِ بِوَجْهِ وَلا الأرْبِعَاءَ أَيْضًا كَمَا قَالَ الْقُتَبِيّ وَذَكَرَ الطّبَرِيّ عَنْ ابْنِ الْكَلْبِيّ وَأَبِي مِخْنَفٍ أَنّهُ تُوُفّيَ فِي الثّانِي مِنْ رَبِيعٍ الأوّلِ وَهَذَا الْقَوْلُ وَإِنْ كَانَ خِلافَ أَهْلِ الْجُمْهُورِ فَإِنّهُ لا يُبْعَدُ أَنْ كَانَتْ الثّلاثَةُ الأشْهُرُ الّتِي قَبْلَهُ كُلّهَا مِنْ تِسْعَةٍ وَعِشْرِينَ فَتَدَبّرْهُ فَإِنّهُ صَحِيحٌ وَلَمْ أَرَ أَحَدًا تَفَطّنَ لَهُ وَقَدْ رَأَيْت لِلْخَوَارِزْمِيّ أَنّهُ تُوُفّيَ عَلَيْهِ السّلامُ فِي أَوّلِ يَوْمٍ مِنْ رَبِيعٍ الأوّلِ وَهَذَا أَقْرَبُ فِي الْقِيَاسِ بِمَا ذَكَرَ الطّبَرِيّ عَنْ ابْنِ الْكَلْبِيّ وَأَبِي مِخْنَفٍ ). ومن قال أنه عليه ألصلاة و ألسلام توفي آخر صفر يُرَد عليه أن هذا تاريخ شيعي إذا لم يقولوا رافضي ولا أدري ما هي مصلحة إخواننا ألشيعة في أن يكون تاريخ وفاته آخر صفر.
وخرج مالك في الموطأ عن ربيعة قال: (( سألت سعيد بن المسيب. كم في أصبع المرأة؟ قال: عشرة من الإبل. قلت: ففي أصبعين؟ قال عشرون. قلت ففي ثلاث؟ قال: ثلاثون. قلت ففي أربع؟ قال عشرون. قلت: حين عظم جرحها واشتدت مصيبتها نقص عقلها (أي: ديتها ) فقال سعيد: أعراقي أنت؟ فقال ربيعة: بل عالم متثبت. أو جاهل متعلم. قال سعيد: هي السنة يا ابن أخي )). و سبب هذا حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده (عقل المرأة مثل عقل الرجل حتى تبلغ الثلث من ديته ). فهل حقاً هذه هي ألسُنّة؟
ولنراجع رواية ألبخاري عن زيد بن ثابت:”قال: أرسل إلي أبو بكر في مقتل أهل اليمامة، فإذا عمر بن الخطاب عنده، قال أبو بكر: إن عمر أتاني فقال: إن القتل قد استحر يوم اليمامة بقراء القرآن، وإني أخشى أن يستحر القتل بالقراء، فيذهب كثير من القرآن، وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن، قلت لعمر: كيف تفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
 قال عمر: هذا والله خير، فلم يزل عمر يراجعني حتى شرح الله صدري لذلك، ورأيت في ذلك الذي رأى عمر. قال زيد: قال أبو بكر: إنك رجل عاقل لا نتهمك، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم فتتبع القرآن فاجمعه. قال زيد: فو الله لو كلفني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علي مما أمرني به من جمع القرآن، قلت: كيف تفعلون شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: هو والله خير، فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر، فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال، حتى وجدت آخر التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري، لم أجد ها مع أحد غيره: (لَقَدْ جَاَءَكُمْ رَسُولٌ مِّنَ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ)، حتى خاتمة براءة فكتبتها في سورتها، فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله، ثم عند عمر حياته، ثم عند حفصة بنت عمر”
لا أدري ما هي قصة سورة ألتوبة فقدت ألبسملة من أولها وكادت أن تفقد آيتين من آخرها. لماذا لم يجد زيد بن ثابت آخر آيتين من هذه ألسورة عند أحد غير أبي خزيمة الأنصاري؟ ماذا حدث لصدور ألرجال؟ هاتين آخر آيتين من أواخر ما نزل وفي عهد أبي بكر (ر) لم يكن مضى عليهما أكثر من سنتين فكيف بألسور ألمكيّة؟ أما عن أخذ ألآيات إذا شهد عليها إثنان فهذا لايضمن صحتها فإذا تعلّم زيد آيات عن عمرو وشهد ألأثنان فستُقبَل حتى لو أن عمرو حفظها خطأً.
ومهما زعم علماء ألجرح وألتعديل من أنهم يطبقون نفس ألشروط على متن ألرواية أو ألحديث إلاّ أنهم لايفعلون فقد صحح ألبخاري ومسلم وغيرهما أحاديثاً عن ألرسول لو أُخضعت لقليل من ألعقل لردوها مثل”:” أيما رجل وامرأة توافقا فعشرة ما بينهما ثلاث ليال فإن أحبا أن يتزايدا أو يتتاركا تتاركا” أو ألأحاديث ألتي تزعم أنه  (ص) تنبأ بألمستقبل ألأنعام ٥٠ و يونس ٢٠ و هود ٣١ وألأعراف ١٨٨ كلها تقول أنه عليه ألصلاة و ألسلام لايعلم ألغيب. فهم لايهتمون ألاّ بألرواة أنفسهم. لننظر ماذا صحح ألبخاري و مسلم:
أخرج البخاري ومسلم باسنادهما عن ابن عباس ، قال : خطب عمر بن الخطاب خطبته بعد مرجعه من آخر حجة حجها ، قال فيها : ان الله بعث محمداً (ص) بالحق وانزل عليه الكتاب فكان مما انزل عليه الله آية الرجم . فقرأناها وعقلناها ووعيناها فلذا رجم رسول الله (ص) ورجمنا بعده . فأخشى إن طال بالناس الزمان ان يقول قائل : والله مانجد آية الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة انزلها الله.( البخاري ج٨ ص٢٠٨ باب رجم الحبلى حديث رقم ٦٣٢٨ ومسلم ج٤ص١٦٧ وج٥ص١١٦).
 هل أخفى عمر بن ألخطاب (ر) هذه ألآية عن زيد بن ثابت عندما كان يجمع ألعسب و أللخاف؟ وأن كان قد ذكرها له فلماذا لم يأخذ زيد بن ثابت برواية عمر و  إن لم يكن هناك من يؤيده و أخذ بشهادة ألأنصاري؟ أذا لم يشهد أحد ألرجم ألذي قال عنه عمر بن ألخطاب (ر) ألم يسمع أحد بوقوع هذا ألرجم
وذكر ابن حجر العسقلاني انه روى مسلم عن عائشة انها أملت في مصحفها ( حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر قالت : سمعتها من رسول الله (ص) ).( فتح الباري في شرح البخاري ج ٨ ص ١٥٨ (
و أخرج مسلم (صحيح مسلم  الصفحة أو الرقم: ١٤٥٢)عن عائشة  أنها قالت : كان فيما أنزل من القرآن : عشر رضعات معلومات يحرمن . ثم نسخن : بخمس معلومات . فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن فيما يقرأ من القرآن . ألم يسمع أحد من ألمسلمين بألآيات ألتي تقول بها عائشة (ع)؟