8 أبريل، 2024 3:26 م
Search
Close this search box.

القرآن محاولة لقراءة مغايرة 8

Facebook
Twitter
LinkedIn

اهدِنَا الصِّراطَ المُستَقيمَ (6)
عندما يكون الله هو المستعان، فهو بالنسبة للمؤمن الموحد مستعان على كل شيء، ولكن هذه السورة أكدت على قضية مركزية، ألا هي الاستعانة على الاهتداء إلى الصراط المستقيم، لكونها الشرط الأساس لاستقامة الإنسان باتجاه المطلق، ذلك على ضوء النصوص القرآنية «أَنَّما إِلـاـهُكُم إِلـاـهٌ وّاحِدٌ فَاستَقيموا إِلَيهِ وَاستَغفِروهُ»، و«الَّذينَ اهتَدَوا زِدناهُم هُدًى»، و«يا أَيُّهَا الإِنسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدحًا فُمُلاقيهِ». ولكن هناك مشكلة وهي أن القرآن افترض سراطا مستقيما واحدا، لذا جاء النص بصيغة التعريف بلام التعريف «الصراط المستقيم»، ويا ليته قال «اهدِنا صِراطًا مُّستَقيمًا»، والأكثر ملاءمة لسنتي النسبية والتدرج أن يقال «اهدِنا إِلى صِراطٍ مُّستقيمٍ». ومن هنا بدأت مشكلة المتدينين بدعوى امتلاكهم لحقيقة مطلقة نهائية واحدة لا ثاني لها، وذهب بعض المفسرين إلى أن معنى الصراط هو ذلك الطريق الذي إذا اختطه الشخص، فلا يمكنه الخروج منه، لأنه يسرطه سرطا، لاسيما إذا علمنا أن الإسلام لا يسمح لمن دخله، أو لمن ولد عليه من غير اختياره من أبوين مسلمين، أو من أب مسلم، فلا يحق له الخروج، وهو ما يسمى بالردة أو الارتداد. وبرروا ذلك بأن وحدة الصراط تأكيد لفلسفة التوحيد التي ابتني الإسلام عليها، والمبرر الثاني هو توحيد (الأمة المؤمنة)، عبر عدة صيغ، الإله الواحد، القبلة الواحدة، الكتاب الواحد، ثم الصراط (المستقيم) الواحد. ولكن الواقع يرينا أن المسلمين لم يتوزعوا إلى ثلاث وسبعين فرقة، بل إلى سبعمئة وثلاثين فرقة، لا نعرف أيهن الناجية منها، وأيهن مآل أتباعها إلى النار وبئس المصير. فأربعة عشر قرن ولا صراط واحدا أوحد مشخصا بالإجماع من قبل كل المسلمين، بل نرى أحيانا ليس مجرد مذاهب واجتهادات، بل أديان متعارضة كلها تتسمى بالإسلام، أتباع بعضها يكفرون أتباع الأخرى. ولم تكن بقية الأديان أحسن حالا. نعم يمكن قبول «اهدِنَا الصِّراطَ المُستَقيمَ»، إذا فهمت كتطلع إلى بلوغ ذلك الصراط المستقيم استقامة كلية، أي بلوغ اقصى درجات الإنسانية، وليس كدعوى للسير الفعلي على ذلك الصراط، خاصة إذا فهمت العبارة في ضوء «فَاستَقيموا إِلَيهِ وَاستَغفِروهُ».

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب