22 ديسمبر، 2024 10:42 م

القرآن محاولة لقراءة مغايرة 22

القرآن محاولة لقراءة مغايرة 22

وَإِذا قيلَ لَهُم آمِنوا كَما آمَنَ النّاسُ قالوا أَنُؤمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ أَلا إِنَّهُم هُمُ السُّفَهاءُ وَلاكِن لّا يَعلَمونَ (13)
هذه هي مشكلة الإسلام، ومشكلة كل دين يدعي أو يظن احتكاره للحق والحقيقة والهدى، فهو لا يرضى من الآخرين إلا أن يؤمنوا بما يدعو له، ولا يكتفي بذاك، بل يطلق على المؤمنين بعقيدته أنهم هم الذين يمثلون (الناس)، فيقول هنا (آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ)، فالناس عنده هم المؤمنون به فقط، كما يقول حزب إيديولوجي مستبد لمخالفيه (والوا الحزب الذي والاه الشعب)، فيعتبر فقط مريديه هم الشعب، بينما هم يمثلون شريحة من شرائح ذلك الشعب، حتى لو شكلوا الأكثرية. والقرآن بالمناسبة نفسه لا يعتبر (الأكثرية) معيارا للحق والصواب، فهو يكرر (أَكثَرُ النّاسِ لا يُؤمِنونَ)، (أَكثَرُهُم فاسِقونَ)، (لا يُؤمِنُ أَكثَرُهُم إِلّا وَهُم مُشرِكونَ)، إلى آخر مثل هذه العبارات. صحيح ما ينبغي لهؤلاء الذين لم يؤمنوا بالإسلام أن ينعتوا المؤمنين به بالسفهاء، ولكن ربما كان هذا رد فعل طبيعيا، للضغوط التي مورست عليهم، وللغة التعميم التي مارسها الإسلام بقول (آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ)، بدلا من قول (آمِنُوا كَمَا آمَنَ الـمُسلِمونَ) مثلا. فما كان جواب هؤلاء إلا قولهم إنما الذين صدقوا بدعوى هذا الدين هم السفهاء والحمقى والمغفلون والجهلة والسُّذَّج. هذه قناعتهم على أي حال، صحت أو لم تصح، ومن الطبيعي أن يتواصل التراشق، بجواب القرآن (أَلا إِنَّهُم هُمُ السُّفَهَاءُ)، ولكنه أيضا أكد من جديد أنهم لا يعلمون بأنفسهم بأنهم سفهاء بقوله (وَلاكِن لاَّ يَعلَمُونَ)، كما قال من قبل إنهم لا يدرون بأنهم مفسدون بقوله هناك (وَلاكِن لّا يَشعُرونَ). فهل من العدل أن يعاقب إنسان على فهم، بسبب افتقاده للعلم، أو على فعل مارسه من غير وعي وشعور؟