19 ديسمبر، 2024 2:48 ص

القرآن محاولة لقراءة مغايرة 1

القرآن محاولة لقراءة مغايرة 1

من سنوات طويلة بعد التحول نهاية 2007 فكرت بتأليف كتاب بهذا العنوان، يسير مع القرآن كسير كتب التفسير معه، مبتدئا ببسملة الفاتحة، ومنتهيا بكلمة «الناس» من السورة الرابعة عشر والأخيرة منه التي تحمل نفس الاسم. لكن بسبب اشتغالي على أكثر من مشروع في آن واحد، جرى العمل على هذا الكتاب ببطء. وأخيرا انتهيت والحمد لله من الجزء الأول من مجموع ما أقدر أنه سيكون أربعة أجزاء كحد أدنى، وستة كحد أقصى، كتقدير أولي، بحيث لا يتجاوز الجزء الواحد الخمسمئة صفحة. والجزء الأول، الذي انتهيت منه، دون المراجعة، يتكون من السور الأربع الأوائل (الفاتحة، البقرة، آل عمران، النساء). وحيث إن هذا الجزء يحتاج إلى مراجعة، فكرت أني بشكل متواز مع مراجعتي له، وإجراء ما أراه من تنقيح، أن أباشر بنشر المشروع كحلقات، أحاول ألا تتجاوز الحلقة الواحدة أربعمئة كلمة.

في البداية كلمة في القرآن

القرآن لا ريب كتاب استثنائي. كتاب ليس ككل كتاب. كتاب أثّر منذ نشوئه قبل أربعة عشر قرنا، ومازال يؤثر، تأثيرا يكاد لا يكون كمثله تأثير مؤثر. هو الكتاب الوحيد، الذي عندما يورد نص منه، يقول المؤمنون به «قال الله تعالى»، والكتاب الوحيد الذي إذا تلي مقطع منه، ختمت التلاوة بعبارة «صدق الله العظيم»، أو «العلي العظيم»، بحسب الاختلاف بين طوائف الإسلام.

فيه تألقات نادرة، وفيه ما يهبط بتلك التألقات، وكأن الناصّ بتلك وبهذه النصوص أراد أن يقول، إن القرآن ككائن حي، خضع لذات السنن التي خضع لها الإنسان، وفق صورة من الصور التي عرضه القرآن بها، ألا هي تلك الصورة في سورة التين، حيث يحدثنا القرآن عن الله قوله «لَقَد خَلَقنَا الإِنسانَ في أَحسَنِ تَقويمٍ، ثُمَّ رَدَدناهُ أَسفَلَ سافِلين»، وكأنه فيما يتعلق بالقرآن يريد أن يقول: «لَقَد أَلَّفنَا القُرآنَ في أَحسَنِ تَقويمٍ، ثُمَّ رَدَدناهُ أَسفَلَ سافِلين».

عندما فكرت بكتابة هذا المشروع، كنت أنوي تسليط الضوء على تألقات القرآن وإيجابياته وجمالياته، وفي نفس الوقت أسجل الإشكالات عليه. ولكن أثناء الاشتغال عليه، وجدت أكثر بكثير مما كنت متوقعا، إن الإشكالات أكثر بكثير، مما رأيت وجوب الثناء عليه، فلم أكن أتصور أني لا أمر على آية، إلا وأجد ما يشكل عليها.

أحدث المقالات

أحدث المقالات