” يبدو أن ما يعاني منه الشرق الأوسط في العمق هو نزاع حول الجغرافيا اللاهوتية التي انحطت بشكل مستمر الى جغرافيا سياسية”1[1]
لم يهمل منتظم الأمم المتحدة بمختلف مؤسساته التربوية والحقوقية والثقافية القضية الفلسطينية باعتبارها قضية عادلة وشرعية منذ أن تم الإقرار بحق الشعب الفلسطيني في الكفاح من أجل استعادة أراضيه ولعل التصويت الأخير في منظمة اليونسكو على عروبة القدس من الناحية التاريخية وإسقاط المزاعم الاسرائلية في التواجد والملكية لهذه العاصمة المقدسة التي شهدت بعث الأنبياء ونزول الوحي يتنزل في هذا السياق.
يتمثل القرار الأممي الذي ظهر للعيان يوم الخميس 13 أكتوبر 2016 في نفي العلاقة التاريخية والشعائرية التي يدعيها اليهود بالمسجد الأقصى وإبطال كل إجراءات الضم والاستيلاء والتحكم التي قام بها الاحتلال واعتبار ساحة البراق وطريق باب المغاربة والحائط الغربي وباب الرحمة من المكونات الأساسية التي يشمل المجسد الحرام وفق القداسة الإسلامية.
لقد صادقت الهيئة الادارية للمنظمة الأممية المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) على نص القرار الفلسطيني الذي يطالب بأنى يكون الحرم القدسي المبارك من المقدسات الإسلامية ولا علاقة له باليهود.
لقد صوتت 2′ دولة لصالح هذا القرار وهي البرازيل والصين ومصر وجنوب إفريقيا وبنغلاديش وفيتنام وروسيا وإيران ولبنان وماليزيا والمغرب وماوريتسيوس والمكسيك وموزنبيق ونيكاراغوا ونيجيريا وعمان وباكستان وقطر وجمهورية الدومينيكان والسنغال والسودان. وقد عارض القرار 6 دول فقط وهي الولايات المتحدة وبريطانيا ولاتفيا وهولندا واستونيا وألمانيا ، بينما امتنعت 26 دولة عن التصويت.
لقد أثار هذا القرار الجريء غضب الساسة الاسرائليين وسخطهم الذين ظلوا يتمسكون بأحقيتهم في القدس ويدعون وجود “حائط المبكى” ويقيمون فيه شعائرهم الدينية وأعيادهم واعتبروه يقوض للصلة اليهودية بالقدس ويعيق طموحاتهم في استعادة ما كانوا قد فقدوه في الماضي من أماكن دينية ، وفي المقابل أشاد الفلسطينيون به واعتبروه منصفا لهم ومعيد الاعتبار للقدس كثاني القبلتين وعاصمة مقدسة في وجدان العرب والمسلمين وأن ما يسمون أنفسهم بيهود فلسطين لا علاقة لهم ببني إسرائيل المذكورة في التوراة وبالتالي لا يحق لهم المطالبة باستعادة “أورشليم” وبإقامة جبل الهيكل أو هيكل سليمان على أرضها.
هذا القرار الأممي يساعد على إيقاف عملية تهويد القدس والحد من الاستيطان ويخرج المدينة المقدسة من دائرة الصراع الديني بين الطرفين ويحسم الأمر نهائيا من الناحية التاريخية والعقدية ويبعد خيار أن تكون عاصمة دينية وسياسية لإسرائيل ويعيدها إلى مركز الثقل الذي قد تتحرك ضمنه دولة فلسطين المأمولة.
والحق أن علماء الآثار وعلماء الجينيات قد سفهوا منذ مدة هذه المزاعم التاريخية والأكاذيب العرقية وبينوا للعالم فقدان الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية الشرعية ووجاهة عودة الفلسطينيين إلى مدنهم. فمتى تنتهي مأساة التهجير والتشتت والتشرد بالنسبة إلى الفلسطينيين ويعود الحق إلى أصحابه؟
المرجع
1- بول ريكور- قراءات1- حول السياسي- من ترددات عن اسرائيل- طبيعة سوي، باريس، 1991.
كاتب فلسفي
[1] بول ريكور- قراءات1- حول السياسي- من ترددات عن اسرائيل- طبيعة سوي، باريس، 1991.