وقع الرئيس الامريكي”ترامب” على أخطر قرار، لم يتخذه أحداً من رؤساء أمريكا من قبل، حينما قرر البارحة أن القدس عاصمة لأسرائيل، قافزاً على الشرعية الدولية والميثاق الأممي، ومستخفاً بالمسلمين ومشاعرهم، خاصة في هذه الايام التي يحتفل فيها المسلمون بمولد نبيهم الأكرم محمد، صلى الله عليه وآله وسلم.
هذا القرار ينذر بتداعيات خطيرة جداً، وعواقب وخيمة، وأزمات ومشاكل ستحدث في منطقة الشرق الأوسط، وبالذات محيط العراق الإقليمي.
هل كان”ترامب”أحمقاً؟ كلا. هل كان لا يفقه بالسياسة؟ كلا. هل جاء لبدء مرحلة جديدة من السياسة الأمريكية بتخطيط من اللوبي الصهيو-أمريكي؟ نعم. وهذا ما قاله صراحة”ترامب” البارحة: (ان قراري هذا تبلور منذ أمدٍ بعيد)، فأين الذين يكفرون بنظرية المؤامرة من هذا القول؟!.
هذه المؤامرة تمت بعدة اسباب، أدت إلى اعلان هذا القرار”القدس عاصمة أسرائيل”، وفي هذا الوقت بالتحديد، من أهم هذه الاسباب:
أولاً– سبب رئيسي، وهو اعتقاد ديني يهودي، ومسيحي أصولي، ومن المؤمنين بهذا الاعتقاد من رؤساء الولايات المتحدة الامريكية”عائلة بوش قاطبة، وعائلة ترامب”، وهو معتقد يطول الحديث عنه، وبأشارة مجملة: يتعلق هذا الاعتقاد برحوع القدس لليهود، وكشف هيكل سليمان، ونزول منقذ البشرية في آخر الزمان”المسيح” لينصر شعب الله المختار اسرائيل.
ثانياً: استثمار الفكر الإسلامي المتطرف، كتنظيم القاعدة، وداعش، ومشتقاته، عن طريق تهئية الظرف والمناخ الملائم له، لأنتشاره بالمنطقة ، لتشويه الإسلام، علاوة على ذلك الدعم والترويج للفكر والثقافة العلمانية والالحادية، لتضعيف المبادئ الاسلامية، وزرع الشك في نفوس وقلوب المؤمنين به.
ثالثاً- اشغال العرب والمسلمين بالفتن والحروب، لتشتيت وتفتيت قواهم، ولتفريقهم وتمزيقهم عن بعضهم البعض، واضعاف مواردهم الاقتصادية، اضافة إلى خلق أجواء العداء والبغضاء والنفرة بينهم.
بعد ان استكملت هذه الاسباب حان الوقت لاعلان هذا القرار بكل جرأة ووقاحة، لأن الدول العربية والاسلامية ضعيفة جداً ومنشغلة بنزاعاتها الداخلية ومصائبها، فلا يستطيع احد اليوم يعترض على القرار، سوى الاستنكار، وان انكر الاصوات لصوت الحمير!.
لكن بأستطاعة هذه الدول أن تجهض وتنقض قرار ترامب، من خلال تجميد كافة علاقاتها مع أمريكا، لكنهم لن ولم يفعلوا.
ما هي النتيجة ان لم يتخذ العرب والمسلون موقفاً صارماً من قرار ترامب؟
بطبيعة الحال، ستعم المنطقة فتنة عمياء، وأولها اندلاع حرب بين الفصائل المسلحة الفلسطينية واسرائيل، تحرّك محور الممانعة والمقاومة بأسناد ايراني وربما تركي أيضاً، لضرب المصالح والقواعد الامريكية في المنطقة، بالعراق وغيره، وربما تتوسع الأمور وتنجر دول أخرى للصراع من أجل مصالحها، مما تؤدي إلى فوضى عارمة، وفتنة كبرى في منطقة الشرق الأوسط، نسأله تعالى أن يجير المسلمين منها، وبالذات بلدنا الحبيب العراق.