22 ديسمبر، 2024 7:37 م

القدرة التنبؤية للمعلومات المحاسبية وأثر ذلك في ترشيد القرارات الاستثمارية

القدرة التنبؤية للمعلومات المحاسبية وأثر ذلك في ترشيد القرارات الاستثمارية

إن المعلومات المحاسبية على الرغم من أنها تقوم على الأحداث التاريخية الماضية في أعدادها فإن متخذي القرارات يعتمدون عليها في اتخاذ قراراتهم المستقبلية، على أساس أن المعلومات تخفض من عدم تأكدهم وتساعدهم على إمكانية التنبؤ بالمستقبل، ولقد زادت أهمية التنبؤ لا سيما على مستوى المستخدمين الداخليين (الإدارة) حيث تطورت محاسبة التكاليف ولم تعد مجرد محاسبة عن التكاليف التاريخية، حيث تخدم محاسبة التكاليف المعيارية أهداف الإدارة في التخطيط والرقابة وتقويم الأداء بوصفها تقوم أساسا على التنبؤ بالتكلفة المتوقعة خلال الدورة المحاسبية.

أما بالنسبة للمستخدمين الخارجيين فقد أصبحت التنبؤات الخاصة بالربحية المستقبلية للشركات وأدائها المالي المتوقع يتم نشرها عن طريق المعدين، ولقد ألزمت البورصات الشركات المسجلة أسهمها بنشر تلك التنبؤات، كما فرضت على المحاسبين القانونيين التصديق على صحة الفروض والأسس التي استندت إليها الشركات في إعداد تنبؤاتها وتوقعاتها،ويعد التنبؤ المالي خطة للعمليات التشغيلية لفترة مستقبلية وفي الواقع يشبه التنبؤ إلى حد كبير التقرير المالي فيما عدا أن المحاسب يقدر النتائج المستقبلية بدلا من أن يقيس النتائج الماضية، كما أن المعلومات المحاسبية قد تحسن من مقدرة متخذي القرارات على التنبؤ بالمستقبل أو تحسين وتعديل توقعاتهم المستقبلية،ولقد اهتم الاقتصاديون بالأرباح المستقبلية التي تحققها المشروعات الاقتصادية الهادفة للربح، حيث يعد ذلك بمثابة مؤشر للحكم على قوة هذه المشروعات، كما عُني المحاسبون بالتنبؤات المستقبلية للأرباح بحثا عن أفضل وسيلة تمكنهم من توصيل المعلومات المحاسبية للمستفيدين منها، وإن زيادة الاهتمام بأهمية التنبؤ بالأرباح أدى إلى زيادة الطلب في السنوات الأخيرة على المعلومات المحاسبية المستقبلية وخاصة المعلومات عن الأرباح المتوقعة في العام التالي ونصيب السهم منها،كما أن الفكر المحاسبي الخاص بالتنبؤ بالربحية قد كشف عن ميل الإدارة التلقائي للمغالاة في تنبؤاتها مما يؤدي بالضرورة إلى وجود أخطاء تنبؤات سالبة ناتجة عن زيادة الربح المتنبأ به عن الربح الفعلي، وبناءً على ذلك فإن تخفيض تلك الأخطاء قد يتطلب في حينه إتباع بعض الطرق التي تمكن من زيادة الربحية المنشورة وذلك عن طريق رسملة بعض عناصر المصروفات أو الاعتراف المبكر ببعض

عناصر الإيرادات، وهذه الأمور لا تستطيع الإدارة أن تقوم بها للتحفظات المتوقعة من مراقب الحسابات في هذا الصدد.

إن نشر المعلومات المحاسبية المستقبلية يساعد على إمداد المستثمرين الحاليين والمرتقبين بالمعلومات اللازمة لاتخاذ قرارات بيع أو شراء الأوراق المالية، وتسهل مهمة المحللين الماليين عن طريق تقديم معلومات عن الأرباح المتوقع تحقيقها ونصيب السهم منها، كما يؤثر نشر المعلومات المستقبلية المتفائلة عن الشركة على أسعار الأسهم المتداولة لها مما يعد مؤشرا جيدا للحكم على كفاءة الإدارة، وقد أشارت نتائج الدراسات المحاسبية إلى وجود علاقة واضحة بين أثر توقيت الإفصاح عن التنبؤات والتوقعات المالية وأسعار وحجم التداول على الأوراق المالية للشركات، وإن الاهتمام بتحسين جودة تلك المعلومات المستقبلية المستخدمة في التنبؤ ومدى دقتها وقربها من الواقع سوف ينعكس بالإيجاب حتما على فاعلية قرارات الاستثمار مما يؤدي إلى مزيد من تدفق الأموال إلى السوق من كافة المصادر الممكنة ودعم سوق رأس المال وتشجيع وجذب الاستثمار. ولا شك أن متخذي القرارات الاقتصادية يحتاجون إلى المعلومات المحاسبية المستقبلية لمساعدتهم في اتخاذ قرارات الاستثمار والتمويل، وقد يكون الإفصاح عن التنبؤات المستقبلية اختياريا، أي إن الدولة أو الجهة المسؤولة لا تلزم الإدارات بالإفصاح عن التنبؤات المستقبلية، ويبقى ذلك من اختيار الإدارة أو قد يكون الإفصاح عن التنبؤات إجباريا، أي تلزم الدولة أو الجهة المسؤولة الإدارات بضرورة الإفصاح عن التنبؤات المستقبلية، وعموما تعارض كثير من إدارات الشركات الإفصاح الإجباري للمعلومات المالية المستقبلية، ويرجع ذلك إلى عدة أسباب:

1- خوف الإدارة من المسؤولية إذا ما تبين بعد ذلك عدم دقة التنبؤات.

2- إن الإفصاح عن التنبؤات قد يضر بالمزايا التنافسية للشركة، كما أن التحديث المستمر والمتكرر لها يكون مكلفا.

3- إن إفصاح الإدارة عن التنبؤات والتوقعات المالية قد يجعلها تعدل سياسات الشركة قصيرة الأجل لمقابلة تلك التوقعات والتنبؤات على حساب سياساتها طويلة الأجل.