إننا في واقع الأمر ندفع ثمن سنوات من فشل إدارة المرور وإدارة أمن الطرق والفحص الدوري، وهو ثمن باهظ من الأرواح. وبالأمس الأول فقدت أسرة في منطقة المدينة المنورة أبناء لها بالجملة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
ففي حادثة مرورية قال الإسعاف إنه «بعد عملية الفرز الإسعافي اتضح وجود 5 حالات وفاة (4 طلاب وطالبة واحدة) و3 إصابات، لطالبتين وطالب واحد، اثنتان منهم متوسطة والأخرى خطرة، جميعهم من عائلة واحدة، بحسب المعلومات المتوافرة أثناء الحادثة».
الطرف الآخر للحادثة شاحنة، وبحسب الصورة «تريلة»، ولم يذكر شيئاً عن حال سائقها، ولا كيف وقعت الحادثة. وقبل أسابيع توفي أحد مديري المرور في حادثة ومعه أسرته أيضاً بسبب شاحنة، والشاحنات جزء من المشكلة، لكن لحجمها وتهور سائقيها تقتل بالجملة.
لم تكن مواجهة الحال المرورية في البلاد أولوية للأسف، على رغم سوء وضعها المتصاعد خلال السنوات الطويلة الماضية، وأدى عدم الاهتمام هذا إلى بروز سلوكيات خطرة من الاستهتار واللامبالاة، حتى رأينا مشهداً لسائق شاحنة يدهس سيارة براكبها ويسير به مسرعاً لمسافة طويلة، ولو لم يتم تصوير المقطع ونشره ربما لم نقرأ سوى خبر من عدة أسطر أو لا نقرأ شيئاً.
والسؤال الذي يسير بسرعة شاحنة وبصوت يعلو على صوت هديرها: لماذا لم تكن مواجهة الوضع المروري المزري أولوية؟ هذا من أسئلة الأمس واليوم وغداً.
والمسألة تكمن في أولويات مواجهة العلة المرورية، فحتى لو كانت المسألة جباية فإنها للأسف تستهدف السهل والبسيط والممكن من خلال مواقع ثابتة، فرضها التجاري على المروري الذي وافق عليها أو لم يمانع، وحينما وُضع «ساهر» حذرت من الانتقائية وحصر المخالفات في السرعة في نقاط قليلة، وترك «الدرعا ترعى» في بقية الساحة، وكان تحذيراً من دون فائدة. السلوك المروري وحال المركبة شاحنة كانت أم صغيرة هو ما يجب تعديله، لكن الشق المروري أصبح الآن عصياً على الترقيع، لتهاون طويل فيه، بعدما استغل رأس سنامه في قشط زبدة السرعة من «ساهر» الجيل الأول، والحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه.
نقلا عن الحياة