الموضوع أعد باللغة الألمانية، ثم ترجمته لاحقا إلى العربية، عندما كنت مؤمنا بالإسلام، وما يكون بين مضلعين [هكذا] يمثل موقفي بعدما تحولت إلى الإيمان العقلي اللاديني.
سأتناول بإذن الله ابتداءً الآيات التي تعالج المواضيع الآتية:
1. الموقف من القَتْل.
2. مبررات القتال، في تحديد الحالات التي يجب أو يجوز اتخاذ قرار القتال فيها، والأطراف التي يجب أو يجوز شن الحرب ضدهم.
3. متى وضد من لا يجوز القتال، أو متى يجب إيقاف العمليات الحربية القائمة فعلا.
4. ما هو المنهي عنه في القتال.
5. أهمية الصلح بين الأطراف المتخاصمة.
الموقف من قتل الأبرياء:
القرآن يدين قتل النفس البريئة، أي قتل الإنسان من غير ذنب، إدانة شديدة، بحيث يجعل قتل إنسان بريء واحد فقط، هو وقتل البشرية كلها على حد سواء، وفي نفس الوقت يجعل قيمة إنقاذ حياة إنسان واحد بمثابة إنقاذ البشرية كلها من الهلاك، فنقرأ في سورة المائدة – الآية 33:
«من أَجلِ ذالكَ كَتَبنا على بَني إِسرائيلَ أَنَّهُ من قَتَلَ نَفسًا بِغَيرِ نَفسٍ أَو فَسادٍ فِي الأَرضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النّاسَ جَميعًا، وَّمَن أَحياها فَكَأَنَّما أَحيَى النّاسَ جَميعًا»
نعم يمكن هنا أن يُشكَل، بأن هذه الإدانة للقتل تشتمل على استثناءين، أن يكون القتل عقوبة لجريمة القتل، أو عقوبة للفساد في الأرض. [وفعلا تكمن المشكلة هنا، أي جواز القتل، أو لنقل عدم حرمته بالنسبة للإنسان (المُفسد في الأرض)، وترك تشخيص من تنطبق عليه صفة (الإفساد) هذه لاجتهاد المفسرين والفقهاء، الذين لا يخلو وسطهم من المتخلف والمتطرف والعنيف والداعي إلى سفك دماء (الكفار). فإن (الإفساد في الأرض) تكون صفة لمجرد ما يُسمّى باعتناق عقيدة (فاسدة)، حسب معايير الإسلام، ويتأكد الإفساد في الأرض بالترويج لتلك العقيدة، لاسيما إذا تعرضت للإسلام بالنقد. ونفس الشيء يقال عن نص آخر ينهى عن القتل ويحرمه، ثم يضع استثناءً خطيرا لذلك التحريم، ألا هو قول القرآن «وَلاَ تَقتُلوا النَّفسَ اَّلتي حرَّمَ اللهُ إِلّا بِالحقِّ»، مما يعني أن من القتل ما هو قتل حق ومباح بل ومطلوب، وما على فقهاء الجهاد والقتال إلا أن يحددوا هم من هو المأذون أو لعله المأمور بقتله (بالحق)، خاصة وإنهم يجدون دائما في القرآن وفي السيرة والحديث ما يؤيد ذلك.]