19 ديسمبر، 2024 1:05 ص

القتال في القرآن 4/27

القتال في القرآن 4/27

الموضوع أعد باللغة الألمانية، ثم ترجمته لاحقا إلى العربية، عندما كنت مؤمنا بالإسلام، وما يكون بين مضلعين [هكذا] يمثل موقفي بعدما تحولت إلى الإيمان العقلي اللاديني.

وقبل أن أباشر بتناول آيات القتال ومن بعدها آيات الجهاد، أحب أن أبين أن الأسباب التي تجعل البعض يخرج بنتائج غير دقيقة لآيات القرآن، هو عدم التزام هذا البعض [حسب فهمي آنذاك] بشروط الفهم الصحيح للموضوع الذي تتناوله الآية، وبعدم التزام الشروط تنشأ ثغرة منهجية في الفهم والتفسير، تؤدي إلى نتائج خاطئة. شروط فهم أي موضوع يتناوله نص قرآني هي كالآتي:

1. يجب عرض النص على جميع النصوص الأخرى في القرآن التي تتناول نفس الموضوع، بلفظه أو معناه، ليكون الفهم من خلال رؤية شمولية مترابطة، وليس من خلال نظرة استقطاعية اجتزائية. [هذا التخريج منطقي وصحيح، لكنه خلاف الحكمة الإلهية أن يخاطب القرآن حصرا النخبة التي لها ملكات خاصة في استخدام أدوات المنطق والبحث المنهجي، ثم حتى هذه النخبة المدعاة من مفسرين وفقهاء ومفكرين إسلاميين، قد اختلفوا غالبا اختلافا حادا، وكفر بعضهم بعضا، أو في أقل التقديرات خطّأ بعضهم بعضا، مما يجعل الأمر في غاية الصعوبة لدى المسلم غير المختص بعلوم الشريعة أن يُميّز بين الصواب والخطأ، وبين الحق والباطل، وبين الأصيل النقي والمنحرف الالتقاطي.]

2. يجب فهم النص من خلال استيعاب ما يمكن تسميته الروح العامة للقرآن. [يرد نفس الإشكال المذكور في النقطة السابقة، ثم إن الروح العامة للقرآن متعددة القراءات، فاليوم أقرأ هذه الروح العامة على غير ما كنت أقرأها آنذاك، فلعلي أجدها اليوم أقرب للعنف والتطرف واللاتسامح وثقافة الانفصال النفسي عن الآخر المغاير في العقيدة أي «الكافر».]

3. يجب عرض النص كذلك على الأحاديث والروايات الشريفة [لم أعد أستخدم هذه المفردات] للرسول والأئمة – هذا بالنسبة للشيعة لاعتبارهم أئمة أهل البيت يمثلون امتدادا للسنة النبوية الملزمة كمصدر لعملية استنباط الحكم الشرعي -، وذلك طبعا في حدود المتفق منها على صحته، وذات العلاقة بالموضوع محل البحث. [والاختلاف في الحديث بلغ مبلغا من الحدة، يجعل الفوارق بين بعض فرق المسلمين بحدة الفوارق بين الديانات المتباينة تباينا جوهريا، وكذلك الشيعة يختلفون كثيرا، وفي كثير من الأحيان اختلافا حادا لدرجة التقاطع، بل التكفير المتبادل أو التكفير باتجاه واحد – فيما يصححونه وما لا يصححونه من روايات أئمتهم.]

4. يجب طرح النص كذلك على السيرة الصحيحة المتفق عليها والملزمة، أي الممارسة كموقف عملي مجسد تجاه الموضوع – كالقتال والسلام هنا -، باعتبار أن الممارسة لمن تعتبر ممارسته معيارا شرعيا، أي حجة بتعبير الشرع هي جزء من السنة، فهو المصداق الثاني لمصطلح السنة، التي عُرِّفَت بأنها 1) قول المعصوم، 2) فعله، 3) تقريره أو الأصح لغويا إقراره، أي إمضاء قول أو فعل غيره، مما يجري أمامه، أو يعلم به في زمانه. [ما قيل في الحديث يصح قوله أكثر عن السيرة، علاوة على أن في السيرة ما يؤيد أن الإسلام بشكل أساسي هو دين (جهاد) وقتال وانفصال حاد عن الآخر المغاير، وذلك أي الانفصال، فكريا واجتماعيا وعاطفيا، وما نجده في السيرة مما يؤيد أصالة العنف في الإسلام لعله أكثر بكثير مما يؤيد أصالة الرفق، أو على الأقل نجد الاتجاهين، الرفق والعنف، متكافئين، ومن قبيل الموضوعية والإنصاف أذكر حديثا نبويا جميلا بهذا الصدد «ما جُعِل الرفق على شيء إلا زانه، وما رفع عن شيء إلا شانه»، والذي لم يلتزم به في أغلب الحالات.]

وبغير الالتزام بهذه الشروط تحصل الثغرة في منهج التفسير أو الاستنباط، وبالتالي يحصل الخطأ في فهم وتطبيق النص.