الموضوع أعد باللغة الألمانية، ثم ترجمته لاحقا إلى العربية، عندما كنت مؤمنا بالإسلام، وما يكون بين مضلعين [هكذا] يمثل موقفي بعدما تحولت إلى الإيمان العقلي اللاديني.
أهمية السعي للصلح والمصالحة:
الصلح هو وقف النزيف، وإنهاء الصراع، وإحلال السلام والوئام، بدلا من العنف والقتال والعداوة. وقد جاء في القرآن ما يشير إلى أهمية الصلح الذي قال عنه رسول الله [حسب عقيدتي يومئذ]: «صلاح ذات البين خير من عبادة سبعين سنة»، أو في حديث آخر «خير من عامة الصلاة والصيام». وهنا نذكر آية الصلح. [لكن كل النصوص الداعية للصلح والمصالحة والتصالح، والحث عليه كأمر محبوب إسلاميا، لا دليل على أنه يتعلق بالصلح بين عموم الناس، بل هو الصلح بشكل خاص بين المسلمين أنفسهم، إذا ما تنازعوا أو تقاتلوا.]
سورة الحجرات – الآيتان 9 و10:
«وَإِن طائِفَتانِ مِنَ المُؤمِنينَ اقتَتَلوا، فَأَصلحوا بَينَهُما، فَإِن بَغَت إِحداهُما على الأُخرى، فَقاتِلُوا الَّتي تَبغي، حَتّى تَفيءَ إِلى أَمرِ رَبِّها، فَإِن فاءَت فَأَصلحوا بَينَهُما بِالعَدلِ، وَأَقسِطوا، إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُقسِطينَ. إِنَّمَا المُؤمِنونَ إِخوَةٌ، فَأَصلحوا بَينَ أَخَوَيكُم، وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُم تُرحَمونَ.» [إذن الآية تدعو للمصالحة بين طائفتين مسلمتين إذا ما تنازعا وتقاتلا.]
المطلوب حسب هذه الآية عند وجود نزاع يصل إلى حد الاقتتال بين فريقين [لكن حصرا من المسلمين] في المجتمع هو ما يلي:
1. المبادرة بالسعي من أجل الإصلاح بين المتنازعين. [كما مر فقط إذا كانوا من المسلمين، وليس هناك ما يشير إلى أهمية عموم المصالحة، أينما كان هناك خصام واقتتال، أو خطر اقتتال.]
2. ردع المعتدي منهما، إذا أصرّ على العدوان واستُنفدت جهود الإصلاح فلم يستجب، حتى لو وجب ذلك مقاتلته، لعدم قبوله بوقف الاقتتال مع طرف النزاع الثاني، وإصراره على مواصلة العدوان. [لو كانت الطائفتان المتقاتلتان إحداهما من المسلمين والأخرى من دين آخر، وثبت أن الطائفة المعتدية والباغية والظالمة هي طائفة المسلمين، فهل سيقاتل بقية المسلمين هذه الطائفة الباغية من أهل دينهم، والتي ترفض أن «تَفيءَ إِلى أَمرِ اللهِ»، وبعد استنفاد مساعي المصالحة؟ مجرد سؤال.]
3. عند وقف القتال لا بد من مواصلة فض النزاع بين الفريقين في الإصلاح بينهما، وإنهاء حالة العداوة، والحكم بينهما في نزاعهما، بدون تحيز إلى أحد الطرفين، بل وفق معايير العدل والقسط.
يمكن أن يقال [وبحق] هنا إن الحثّ على المصالحة بين الفريقين المتنازعين، يكون فقط إذا كان النزاع داخل دائرة المسلمين، أما إذا حصل بين فريقين من غير المسلمين، أو كان المعتدى عليه من الطرفين المتنازعين من غير المسلمين، فلا يجب السعي للمصالحة، ولا لردع المعتدي. وهنا نقول إن هناك قواعد ومبادئ هي الحاكمة، ألا هي أصالة السلام، وأصالة العدل [لكن هذا ليس مما يعتمده إلا قلة من المفسرين والفقهاء]. ثم إن الأخوّة إذا ذكرت هنا بمعنى أخوّة العقيدة، فلا ينفي ذلك وجود أنواع أخرى من الأخوّة، كأخوّة المواطنة وأخوّة الإنسانية [هذا فهمي، ولا يجب أن يكون فهم الإسلام]، فالناس كما جاء على لسان عليّ في عهده إلى مالك الأشتر «إما أخٌ لك في الدين أو نظيرٌ لك في الخلق». [حتى هنا تنحصر الأُخُوّة بين إِخوة الدين، أما الآخر فهو ليس بأخ، بل نظير في الخلق لكونه من جنس الإنسان أيضا.]