23 ديسمبر، 2024 9:34 ص

القتال في القرآن 25/27

القتال في القرآن 25/27

الموضوع أعد باللغة الألمانية، ثم ترجمته لاحقا إلى العربية، عندما كنت مؤمنا بالإسلام، وما يكون بين مضلعين [هكذا] يمثل موقفي بعدما تحولت إلى الإيمان العقلي اللاديني.

سورة البقرة – الآية 193:

«وَقاتِلوهُم حَتّى لا تَكونَ فِتنَةٌ، وَّيكونَ الدّينُ كُلُّهُ للهِ، فَإِنِ انتَهَوا فَلا عُدوانَ إِلّا على الظّالِمينَ.»

وهذه الآية تقرر حرمة مواصلة الاعتداء على الأعداء بعد وقف القتال [لكن لم ترد الحرمة بل يفهم منها النصيحة بوقف العدوان ضد الأعداء، مع استثناء للظالمين]، إلا من ارتكب من الجرائم ما يوجب الاقتصاص منه بقول «إِلّا على الظّالِمينَ» [هذا كان تأويلي لمفهوم الظالمين]، باعتبار إن في هذا حقوقا معتدى عليها ممن وقع عليهم الظلم، ومع هذا فهناك مجال للعفو. [على فرض أن الآية ذهبت إلى هذا المعنى لمفهوم (الظالمين)، ولا دليل على إن هذا هو المعنى منه، فلعله يعني نوع الظلم الذي يوصف به الإنسان الذي لا يؤمن بالعقيدة الحق، والتي هي بالنسبة للإسلام هو الإسلام نفسه.]

سورة المائدة – الآية 2:

«… وَلا يَجرِمَنَّكُم شَنَآنُ قَومٍ أَن صَدّوكُم عَنِ المَسجِدِ الحرامِ أَن تَعتَدوا، وَتَعاوَنوا على البِرِّ وَالتَّقوى، وَلا [تَـ]تَعاوَنوا على الإِثمِ وَالعُدوانِ، وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ شَديدُ العِقابِ.»

عندما تضع الحرب أوزارها لا يجوز أن تُبرّر الكراهية الحاصلة جراء الحرب المتواصلة لسنوات، أن يمارس المسلمون مواصلة الاعتداء على خصوم الأمس، على سبيل الثأر والانتقام. ومن شدة مقت الله لهذا النوع من الممارسة ينتصر الله هنا للكافرين به والمشركين به، على المؤمنين به والموحدين له من المسلمين هنا، إذا ما مارس المسلمون العدوان بقوله تعالى «إِنَّ اللهَ شَديدُ العِقابِ» [هذا كان تأويلي، ولا أدري اليوم إذا كان مؤلف القرآن يقصد هذا المعنى]. انظر إلى عظمة إنسانية الإسلام بحيث يعتبر التعاون على العدوان على أعداء المسلمين في السلم من الإثم والمعصية، حيث قال تعالى [حسب قناعتي آنذاك بأنه قول الله ثم بأن ما طرحته هو المعنى المراد منه] «وَلا تَعاوَنوا على الإِثمِ وَالعُدوانِ»، فقرن الإثم بالاعتداء على أعداء المسلمين من غير مبرر، بل «تَعاوَنوا على البِرِّ وَالتَّقوى»، أي المعاملة الإنسانية المعبَّر عنها بـ(البرّ) حتى مع الخصوم في العقيدة، وحتى مع محاربي الأمس، [وهذه حقا إحدى مواطن تألق القرآن، الذي لا يخلو منه، ولكن من قال إن المقصود بالتعاون على ما ذكر هو التعاون بين المسلمين والمشركين؟] واعتبر مخالفة هذه القواعد مخالفة لشروط التقوى، مما يجعل الله يتوعد المخالفين بالعقاب الشديد [حسب تأويلي آنذاك].

سورة المائدة – الآية 8:

«يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنوا كونوا قَوّامينَ للهِ شُهَداءَ بِالقِسطِ، وَلا يَجرِمَنَّكُم شَنَآنُ قَومٍ على أَلّا تَعدِلُوا، اعدِلوا هُوَ أَقرَبُ لِلتَّقوى، وَاتَّقُوا اللهَ، إِنَّ اللهَ خَبيرٌ بِما تَعمَلونَ.» [لا بد من الإقرار إن هذه تمثل واحدة من أجمل نصوص القرآن المتعقلة بالعلاقة مع الآخر المغاير، وكيفية التعامل معه.]

فحتى علاقة (الشَّنَآن)، أي العداوة الشديدة والتباغض اللامتناهي [والمتفاعل بقوة متناهية المعبَّر عن شدته بصياغة الشَّنَأ على وزن (فَعَلان)، مثل فَيَضان، هَيَجان، سَيَلان، طَوَفان، …]، لا يُجوّز للمسلمين أن يبتعدوا عن معايير العدل والقسط، لأن العدل هو معيار التقوى حتى مع الأعداء. وهنا أيضا يحذر الله المسلمين تحذيرا شديدا من معاملة أعدائهم معاملة تخرجهم عن جادة العدل، بقوله تعالى «وَاتَّقُوا اللهَ»، وكأنه عز وجل يقول «اتقوا الله في أعدائكم»، أو «اتقوا الله في الكافرين بالله». [كم كان جميلا لو سار القرآن على طول الخط على هذا منوال، طبعا مع فرض إن تأويلي آنذاك كان صحيحا.]