الموضوع أعد باللغة الألمانية، ثم ترجمته لاحقا إلى العربية، عندما كنت مؤمنا بالإسلام، وما يكون بين مضلعين [هكذا] يمثل موقفي بعدما تحولت إلى الإيمان العقلي اللاديني.
هل هناك إمكانية نسخ المقيد بالإطلاق؟:
بالرغم من أن النسخ حسب الفهم الخاطئ الشائع لا وجود له [حسبما كنت أذهب إليه كفهم فلسفي سأوضحه، والذي هو صحيح بالضرورة العقلية، مع التسليم بإلهية مصدر القرآن]، أي ليس هناك حكم شرعي تم نسخه بغيره، بل هناك أحكام تكميلية، نزلت وفق قانون التدرج، وهذا لا يتعارض مع القول بصفة المرونة للشريعة مما يسمح لها أن تواكب حركة العصر ومتغيرات الواقع من عناوين ثانوية وقواعد فقهية وأصولية تسمح بهذه المرونة، أقول بالرغم من عدم وجود النسخ بهذا المعنى – حسب فهمي -، نعلم بإجماع علماء الأصول [لا أدري ما إذا كان جميع علماء الأصول يتبنون ذلك] أن التقييد هو الحاكم على الإطلاق، والتخصيص هو الحاكم على التعميم، ولذا لا يمكن للمطلق أن ينسخ المقيد، بأي حال. من هنا يبقى المقيد هو صاحب الكلمة الفصل فيما يجوز ولا يجوز. [بعد عقد من إلقاء هذه المحاضرة، أضفت هامشا، وأنا ما أزال حينها أعتمد الإسلام دينا إلهيا، ولكن ضمن منهجي الذي أسميته بتأصيل مرجعية العقل هذا نصه: أعتقد اليوم خلاف وقت كتابة هذا البحث بوجود النسخ للأحكام، وهذا دليل على تغير الأحكام الشرعية ذات البعد الاجتماعي، إذ أن تغير بعض الأحكام في فترة أكثر من عقدين بقليل دليل على أن النسخ جائز، والثابت هو مبادئ الأحكام. وبالتالي يكون إخضاع مثل هذه الأحكام للمبادئ يؤدي إلى القول بعدم جواز مقاتلة أناس بسبب اختلافهم في العقيدة، لمخالفة ذلك لآيات المبادئ. وهذا المعنى التفت إليه بفضل قراءتي لكتاب «الإسلام المدني» لأحمد القبانجي، ولاحقا كتاب «نظريات الحكم في الفقه الشيعي» لمحسن كديور (كَديڤَر) سجين سجن أوين (أڤين) في إيران. [وكلا الفهمين في وقت كتابة المحاضرة باللغة الألمانية وعندما أضفت الإضافة آنفا بعد عشر سنوات انطلقا من إيماني بإلهية القرآن، ولذا ففي كلاهما حاولت – كما يحاول كل من التنويريين صادقين ولكن مخطئين، والتبريريين غير صادقين – بتجميل صورة الإسلام انطلاقا من إلهيته، ولكن بعدما يرى الإنسان بالأدلة المستفيضة واللامحدودة على استحالة صدور القرآن من الله، واكتشف أنه حمال أوجه متناقضة أحيانا، وإن كلا من المتشابهات والناسخات والمنسوخات والفرق الشاسع بين جبريل مكة وجبريل المدينة، لا يمكن له أن يقبل بالقرآن وكل ما يسمى بالكتب المقدسة، وبالتالي بالإسلام وسائر الأديان كمناهج صالحة للبشرية في كل زمان.]