19 ديسمبر، 2024 1:23 ص

القتال في القرآن 17/27

القتال في القرآن 17/27

الموضوع أعد باللغة الألمانية، ثم ترجمته لاحقا إلى العربية، عندما كنت مؤمنا بالإسلام، وما يكون بين مضلعين [هكذا] يمثل موقفي بعدما تحولت إلى الإيمان العقلي اللاديني.

أما آيات الجهاد الثلاث التي تبدو أنها غير مقيدة فهي:

سورة التوبة – الآية 73 وسورة التحريم – الآية 9:

«يا أَيُّهَا النَّبي جاهدِ الكُفّارَ وَالمُنافِقينَ وَاغلُظ عَلَيهِم، وَمَأواهُم جَهَنَّمُ وَبئسَ المُصيرُ.»

الجهاد أو المجاهدة لا تعني دائما المواجهة المسلحة، وإن كانت المواجهة المسلحة هي إحدى الوسائل للمجاهدة، [بل القتال هو المعنى الأول المقصود بالجهاد، إلا إذا كانت هناك قرينة تدل على معنى آخر] بل تعني كل أنواع المعارضة والصمود وعدم الرضوخ لضغوطات الخصم، وكل ما يُنعَت اليوم بالنضال أو الكفاح، السياسي منه أو الفكري، الإيجابي [الأصح: الفاعل activ] أي الهجومي، أو السلبي [الأصح: المنفعل passiv] أي الدفاعي، وهذه أساليب يقر بشرعيتها كل أصحاب البرامج السياسية أو النظريات الإصلاحية أو الفلسفات، عندما يواجهون تحديات، فيرون أنفسهم ملزمين بالصمود والصبر ومواصلة الجهد من أجل الوصول إلى أهدافهم الإصلاحية، ومواجهة التحديات والعقبات التي تريد أن تعيق برنامجهم الإصلاحي، أو تحدّ من ممارسة حريتهم في طرح وعرض أفكارهم، بحيث يقبل بها من يقبل، ويرفض من يرفض بوسائل الحوار السلمية، وبعيدا عن العنف [صحيح يقول القرآن «لا إِكراهَ فِي الدّين»، ويقول «مَن شاءَ فَليُؤمِن وَّمن شاءَ فَليَكفُر»، لكنه يقول أيضا «وَمَن يَّبتغِ غَير الإِسلامِ دينًا فَلَن يُّقبَلَ مِنهُ، وَهُوَ فِي الآخرَةِ لَمِنَ الخاسِرينَ»، إضافة إلى كل النصوص التي تصف من يسميهم القرآن بـ«اَّلذينَ كَفَروا»، أي غير المسلمين، بأنهم «شَرُّ البَرِيَّةِ»، وأنهم «كَالَأنعامِ، بَل هُم أَضَلُّ»، ويدعو إلى مقاتلتهم حتى يدينوا بـ«دينِ الحقِّ». والآية تدعو لمجاهدة، أي مقاتلة «المنافقين»، الذين قبل بهم في البداية، واكتفى منهم بالإسلام الظاهري المعلَن، رغم علمه أن الكثيرين لم يؤمنوا حقيقة، وما أن قويت شوكته حتى رجع ليدعو إلى مقاتلة هؤلاء (المنافقين)، أي المظهرين إيمانهم بالإسلام ونبوة محمد، والمضمرين كفرهم بهما، إما اضطرارا وخوفا، وإما لمصلحة.]. أما ذكر الغلظة هنا فلأنك لا تملك أن تواجه التحديات إلا بمثلها، فإن كان الخصم غليظا معك، ولم تستطع رغم كل الجهود التي بذلتها من الحد من وتيرة تصعيد حدة المواجهة من قبله، لا تملك عندها إلا أن تعمل على أن تحفظ وجودك وفكرك بالمواجهة بالمثل. وهناك الآيات الكثيرة على ذلك، أي معنى المواجهة بالمثل، وعدم جواز تعدي حدود العنف التي يستعملها الخصم، بحيث تكون أعنف منه، فهذا كما سنرى محرم تحريما مؤكدا. [عندما يكون الله هو المتحدث، وهو الحكيم، والدقيق، فلا بد أن يبين هذا المعنى هنا، وليس في طيات الكتاب، مما يحتاج إلى جهد غير اعتيادي للتعرف على حقيقة ما يريده الله من معنى الغلظة، فكان المفروض أن يقال إن عليكم استخدام الغلظة بمثل الغلظة التي يستخدمها أعداؤكم تجاهكم، دون تجاوزها إلى ما هو أشد غلظة وقسوة وعنفا. ثم إن الغلظة غير المبررة بغلظة مبتدَأة من الآخر، لطالما استخدمت مرارا.]

سورة الفرقان – الآية 52:

«وَلا تُطِعِ الكافِرينَ وَجاهِدهُم بِهِ جِهاداً كَبيراً.»

وهنا نجد المعنى أوضح في المقصود بالمجاهدة المقترنة هنا بالنهي عن طاعة الخصم، أي عدم الرضوخ لكل الضغوطات التي يمارسها تجاهك، من أجل أن تعطيه التنازل بعد التنازل، بدون أي مقابل بخطوة من قبله تجاهك، فلا تطعه ولا ترضخ له في مثل هذه الحالات، بل اصمد في خط المعارضة، بالصبر والصمود والثبات والمجاهدة. [وهذا الحق يفترض أن يكون للذي يواجه ضغط المسلمين وفرض دينهم عليه، من غير إرادته ومن غير قناعته.]

أحدث المقالات

أحدث المقالات