18 ديسمبر، 2024 9:16 م

القانون … للحياة لا للكتب!

القانون … للحياة لا للكتب!

“هدف الحياة الأسمى ليس المعرفة بل الفعل” ،احد مقولات فرانسيس بيكون الداعية الى إنزال العلم للعامة والاستفادة منه .
كما نعلم وكما يجب ان يكون، ان العلوم التي يدرسها الطالب والأساتذة وينبغ بها العلماء؛ يجب الا تبقى حبيسة الكتب والمختبرات او حبيسة الورق والأدمغة.
يجب ان تخرج الى النور، لكي يستفاد منها المجتمع. وبذلك يحقق العلم دوره في خدمة المجتمع فما كان للعلوم من اهمية بقدر خدمة الناس وما كانت الدولة تنفق اموال طائلة على دراستها وتدريسها الا لخدمة المجتمع .
حيث نلاحظ ان العلوم الاكثر ملامسة لواقع المجتمع؛ وخدمة الناس، تنفق الدولة عليها اموالا اكثر من تلك التي تكون نظرية اكثر. وتلك حقيقة لا يمكن نكرانها في أي دولة مبنية على معايير منطقية صحيحة لخدمة افرادها وليس العكس.
وهو ان تعتاش الدولة على افرادها ومن بين تلك العلوم هو القانون, ان القانون هو ابرز مميزات الدولة المدنية التي يطمح لها كل من يتمنى العيش بشكل سوي، وبدون نزاعات تقلق حياته وحياة بلده. وبالقانون، يمكن ضبط سلوك الافراد بشكل اكثر تحضرا، وبما يواكب سير الحضارة العالمية الحالية.
وتطبيقا لذلك يجب ان يكون الفرد على علم تام بما له من حقوق وما عليه من واجبات. وبذلك يخدم نفسه ومجتمعه والدولة عموما بمزيد من الانضباط.
لكن ما نلاحظه بأن القانون ومهنة المحاماة كانا ومازالا حكرا على أصحابهما فقط وكأنها شفرة صعبة القراءة بالنسبة الى عامة الناس. وكذلك لانه لا يدرس أي شىء من القانون؛ ولو يسيرا منه في المدارس ولا في الجامعات ولا نقصد بذلك مادة حقوق الانسان التي تدرس في الجامعات لأنها إجمالا غير قادرة على ان تخدم الجانب الذي يحتاجه الطالب في حياته العملية.
ونلاحظ ان الناس يستشيرون المحامين بأبسط الامور لأتخاذ أي قرار مهما كان تافها. ويتخوفون من أي أجراء قانوني يصدر بحقهم وفي بعض الاحيان هو لصالحهم لكن لايعلمون ويلجأون للسؤال عنه بحذر وخوف, والسبب هو ان القانون حكرا على من يدرسوه ويدرسوه فقط.
لذلك يجب على الدولة اذا كانت تروم شعبا، متحضر و واعي، ان تقوم بانزال هذا العلم للشارع ليس بكل تفصيلاته وجزئياته النظرية البحته. وانما تلك التي تخص عامة الناس وتلامس حياتهم وهي القوانين التي تخص الحياة الخاصة والعائلية للفرد وحياته العملية. كقانون الأحوال الشخصية والقانون المدني وقانون رعاية القاصرين وقانون المرافعات (المواد الاكثر حاجة عند الناس من غيرها ) وقانون العقوبات والمرور على سبيل المثال، ويكون ذلك بعدة طرق اهمها هي اقامة دورات مفتوحة طوال العام في مكان معين، ومحدد وثابت، وفي مواعيد محددة وثابتة. ويسمح بالدخول فيها لكل الناس على اختلافهم واختلاف محصلاتهم العلمية وبطرق تدريس مبسطة لأبسط عقلية ممكنة. او من خلال تخصيص قناة تلفزيونية رسمية توضح كل مايتعلق بالقانون او برنامج دائم في قناة رسمية .
فيجب الا نكتفي بنشر القانون بالجريدة الرسمية كطريقة للعلم الافتراضي، وانما يجب ان نسعى لتطوير هذا الامر بطرق مختلفة ،لإيصاله الى الجمهور ,لا نطلب بأن تكون بشكل دائم وحقيقي وانما على الاقل بشكل جزئي. وبذلك نحصل على قدر لايستهان به من الوعي القانوني يساعد بالنهوض بواقع المجتمع؛ من خلال معرفة كل شخص مركزه وحدود حقوقه والتزاماته.
حيث مازالت المحكمة لحد الان عبارة عن مكان لايستطيع فيه الفرد العادي ان يخطو خطوة واحدة بدون سؤال موظف فيها او محام. ولا تزال الناس لحد الان تحاول الا تدخلها وتفضل فض أي نزاع خارج نطاقها، ولعدة اسباب من ضمنها هو الجهل بالتفصيلات القانونية والخوف وتوقع السيئ من أي اجراء يأخذ بحقهم.