18 ديسمبر، 2024 8:50 م

القانون في دولة الانسان

القانون في دولة الانسان

الناظر الى المنتج التنظيري حيال منظومة القانون وما ادلى به ارباب هذا العلم ومختصوه يجدون نافذة واضحة للتعاطي معه على انه علم اجتماعي موضوعه الانسان عالمه الانسان حدوده الانسان مضمونه الانسان , وعندما نجد ان ثمة وضوح للفوضى وشيوع لعقل وفعل الطغيان نعرف ان القانون وآلياته مضيعة وغير معترف بها , وهنا يقول الفيلسوف التجريبي والمفكر السياسي الانجليزي جون لوك (عندما ينتهي القانون يبدأ الطغيان) ولا نبالغ هنا اذا تعاملنا مع هذا القول على انه معيار من خلاله يتم قياس التزام الامم والحضارات بالقانون , والشواهد التاريخية على ذلك كثيرة , ولكن ثمة انحرافات واضحة للتعاطي مع القانون وصياغته وفقا للرؤية التي تملكها السلطة وهذا ديدن الكثير من الامم السالفة والحالية والتي امتلكت زمام الامور حتى ان الكثير من هذه السلطات ربطت الجدوى من القانون بمصلحتها (براغماتية قانونية), اسلاميا نلمس في كثير من الابجديات الفقهية الموضوعة والمفصلة خصيصا لدعم وتحصين سلطة الحاكم , حيث نجد الكثير من الفتاوى التي لا تجيز القيام على الحاكم الظالم وعدت ذلك خرقا للقوانين المنظمة لشؤون الدولة , اوربيا وفي فترات العصور الوسطى نجد تناغما مع هذه الرؤية في تطويع القانون لسلطة الحاكم او الملك لذا نجد مثلا فرنسيا يدعم المصداق (ما يريده الملك يريده القانون) , اما اليوم فنجد هذا التطويع مختفا من الساحة السياسية الاوربية ربما له حضور باطني لا يلمسه الا المختصون بالرؤى السياسية الستراتيجية , لذا لابد من وجود معيار آخر يرتبط بالقانون وهو ما يجعل الواقع افضل انسانيا , وهنا يشير البرت اينشتاين بقوله الرائع (كلما اقتربت القوانين من الواقع اصبحت غير ثابتة وكلما اقتربت من الثبات اصبحت غير واقعية) هذا يعني ان القوانين يجب ان تكون متحركة وفقا لحركة الواقع الذي يحتاج الى صياغة جديدة للقوانين تتلائم مع نسق الوعي المحمول وطبيعة ادراك المجتمع بوضعه وحالاته المستجدة , لذا ودون اجحاف نجد ان القوانين في المنطقة العربية عموما هي قوانين ترتبط ارتباطا وثيقا بهيكل السلطات (منظومة الحكم او المملكة) لذا نراها تكون شديدة عندما يتعلق الامر بهيبة السلطان والحاكم والملك والعكس عندما تكون بعيدة , وهنا يجب ان نفهم الغاية من القانون ووجوده فهي ليست لمنع منظومة فكرية من الانبثاق او عقيدة من الانتشار او العمل على جعل حريات الناس خلف القضبان بل الغاية تكمن في تنظيم هذه الحريات بل حفظها والعمل على توسيعها بما يتلائم وطبيعة المحمولات .