19 ديسمبر، 2024 12:41 ص

القانون العراقي يمزق النسيج الإجتماعي و الدكات العشائرية تعيد الحقوق في جلسة واحدة

القانون العراقي يمزق النسيج الإجتماعي و الدكات العشائرية تعيد الحقوق في جلسة واحدة

إستدان أحدهم مبلغا ً من المال قدره عشرة مليون دينار، و لما طالبه صاحب المال بإعادة المبلغ لإنتهاء مهلة الدَين، إمتنع عن إعادة المبلغ بحجة عدم توفره لديه. و عندها قدم صاحب المال شكوى لقاضي التحقيق يطلب محاسبة هذا الشخص بتهمة الإحتيال و لكن قاضي التحقيق طلب منه إحضار شاهد بأن هذا الشخص إحتال عليه و عندما عجز عن ذلك غلق القاضي التحقيق. و عندها أقام صاحب المال دعوى في محكمة البداءة للمطالبة بالمبلغ فطلب القاضي منه دليل مادي بأنه أعطاه المال مثل شاهد أو مكاتبة و عندما عجز عن ذلك سأله القاضي إن كان يطلب تحليفه اليمين فوافق على ذلك و لكن الشخص الذي إستدان المال وخزه ضميره فاعترف بالمبلغ فأصدر القاضي قرارا ً يلزمه بإعادة المبلغ المالي إلى صاحبه. و كان حسب قانونالتنفيذ العراقي رقم 45 لسنة 1980 أن تقوم دائرة التنفيذ بتنفيذ القرار و لكن المطلوب إعتذر عن توفر المبلغ لديه، فطلب صاحب المال حبس المطلوب لعدم إرجاعه المال المحكموم به إستنادا ً للمادة 40 من قانون التنفيذ إلا أن المطلوب إعترض بأنه لا يجوز حبسه لأنه موظف حكومي إستنادا ً للمادة 41 من قانون التنفيذ و أن الحبس يشملالموظفين غير الحكوميين و عامة الناس، فهذا القانون هو مخالفة فاضحة للمادة 14 من دستور جمهورية العراق “العراقيون متساوون أمام القانون دون تمييز بسبب الجنس أو العرق أو القومية أو الأصل أو اللون أو الدين أو المذهب أو المعتقد أو الرأي أو الوضع الإقتصادي أو الإجتماعي”. و عندها طلب صاحب المال الحجز على سيارة هذا الشخص و لكن تبين في دائرة المرور بأن السيارة مسجلة باسم زوجة المطلوب، و إنه فعل ذلك لتلافي حجزها و ما دامت الحكومة تسمح للناس بقيادة السيارات بتوكيل من أصحابها. فطلب صاحب المال حجز دار المطلوب لقاء الدين و لكن المطلوب إعترض على ذلك بأنه لا يجوز حجز داره لأنه لا يملك غيرها إستنادا ً للمادة 62 من قانون التنفيذ، فهذا القانون يحافظ على راحة عديمي الذمة و الضمير و ليذهب أصحابالذمة و الضمير إلى الجحيم. و عندها طلب صاحب المال الحجز على راتب المطلوببإعتباره موظفا ً و لكن المطلوب إعترض على ذلك بأن الموظف الحكومي لا يجوز حجز أكثر من 20% من راتبه إستنادا ً للمادة 62 من قانون التنفيذ و أن الموظفين غير الحكوميين و عامة الناس فقط يجوز الحجز على رواتبهم و مداخيلهم بالكامل. و لما كان راتب هذا الموظف الحكومي المطلوب 700 ألف دينار فهذا يعني إن على صاحب المال أن يراجع دائرة التنفيذ و المصرف الذي يتعامل مع دائرة التنفيذ كل شهر لإستلام 140 ألف دينار لمدة 6 سنوات لكي يستعيد المبلغ المطلوب. و عندها لجأ صاحب المال إلى العشيرة و إستخدم الدكات العشائرية و إسترجع المال في جلسةعشائرية واحدة بدل من اللف و الدوران في دهاليز القانون العراقي، و بعدها قرر هذا الشخص صاحب المال أن يقطع سبيل المعروف و لا يعطي أي دين إلى أي أحد و لتذهب العلاقات الإنسانية و النسيج الإجتماعي إلى الجحيم.

إن الذين كانوا وراء تشريع قانون التنفيذ العراقي رقم 45 لسنة 1980 لا يمكن أن يكونوا أسوياء و ينظرون للعراقيين جميعا ً نظرة مساواة، فهم أشبه بقادة عصابة يجمعون حولهم فاقدي الذمة و الضمير للهيمنة على مقاليد السلطة للإستحواذ على ثرواتها.