23 ديسمبر، 2024 4:28 م

القاضي رحيم العكيلي

القاضي رحيم العكيلي

هناك أكثر من سبب يدعونا للحديث عن القاضي رحيم العكيلي ليس لأن ثمة أخباراً تتناقل عن إمكانية تعريضه إلى المساءلة أو استجوابه تحت قبة البرلمان وغيرها من الممارسات التي كانت متوقعة بحق شخصية قانونية أثبتت أهميتها وحياديتها وموضوعيتها طوال فترة ترؤسه لهيئة النزاهة في مرحلة كان فيها الفساد قد وجد له أعشاشا لا حصر لها بدءاً من رأس السمكة وليس انتهاء بذيلها ولكن لأننا عبر تكثيف الضغوطات على القائمين بمسعى النزاهة ومحاولة النيل منهم سواء عبر تعريضهم للمساءلة ومحاولة إسقاط الحصانة الدستورية عنهم بقصد العمل على تنزيه باطني لما كان هؤلاء المنزهون قد أثبتوه وأبطلوه يوم كانت لهم المسؤوليات والصلاحيات الكافية لذلك وهم بذلك إي بهذا النوع من الضغوطات يكون المسؤول العراقي قد مارس نكايته الباطنية بكل من كان قد تعرض له أو رفع تقريرا عنه أو فتح تحقيقا في وزارته أو دائرته او مؤسسته الرسمية بالطبع إن هناك من يصغي إلى فوضى التصريحات والاتهامات والشائعات التي تتناقل عن إي شخصية جريئة تقدم استقالتها وتبقى متواجدة داخل العراق لأنها لا تخشى المؤامرات ولا الدسائس التي تحاك لها ولعلني شخصيا اقدر واحترم العكيلي سواء كان دقيقا فيما ذهب إليه من كشوفات وتحقيقات وتوصلات لمواجهة الفساد أم إن هناك مآخذ على بعض منها وهذا وارد في أية مسؤولية مهما كانت في غاية الدقة والعيانية والوضوح ولكن من اللافت إن العكيلي طوال فترة ترؤسه لهيئة النزاهة “وكان ذلك رئاسة بالوكالة على حد علمي” لم يقدم ضده دليل واحد يدين عمله أو يفضح شيئا غير قانوني فيه مما أصبح رحيم العكيلي حديث الناس ومثار إعجابهم في الداخل والخارج وجاءت استقالته دليلا آخر على زهده بهذا المنصب مع أهميته الإنسانية وحاجتنا الوطنية إليه وكانت بعض تصريحاته الخاصة تؤكد استشراء الفساد في عدد مهول من المسؤولين وهو ما اكد العكيلي ذات مرة على هذه الظاهرة الخطيرة والمعيبة حين قال ” أنّ أكثر من 500 مدير عام متهمون بقضايا فساد.” وبالتأكيد إن رقماً كهذا لايمكن التصدي له بسهولة وان هذا العدد من المفسدين يكون من المستحيل التصدي لهم والحيلولة دون ممارسة الفساد المنهجي في إدارة الدولة والعبث بأموالها والنصب على مرافقها ومشروعاتها الضخمة الذي يهمنا في قضية رحيم العكيلي هو المحاولات الجارية لتشويه هذه الشخصية الوطنية ومحاولة النيل منها جريا على المثل القائل “علي وعلى أعدائي”و”أنا ومن بعدي الطوفان”وغيرها من الحكم والأمثال التي باتت تضرب وتقاس على العراق جملة وتفصيلا ولعلنا بأمس الحاجة إلى تنزيه النزاهة من نيات الساسة والمفسدين والعمل على تقديم حصانات قانونية كافية لهم سواء أبان توليهم المنصب أو الخروج منه لأننا في حال عدم تقديم الاحترام الكافي لهذه الشخصيات الوطنية التي أصبحت نادرة ولا نكاد نسمع بها نكون قد ساوينا الحق بالباطل والنزيه بالمفسد وصار العراق سوقا علنية للفساد بحيث من الصعب بعد ذلك العمل على مواصلة العمل للتصدي لنسبة الفساد العالية في العراق والذي أصبح النزيه فيه مبتليا وان كان صامتا ومنسحبا ومشغولا عن سواه ولعل السيد المسيح “ع” كم كان محقا يوم قال “إذا فسد الملح فبماذا نملحه” .