18 ديسمبر، 2024 9:03 م

القادة العراقيون … و … مشروع مارشال !!!

القادة العراقيون … و … مشروع مارشال !!!

جورج مارشال ، رئيس أركان الحربية الأمريكية في الحرب العالمية الثانية ،
حصل في منتصف القرن العشرين على جائزة نوبل للسلام ، مشروع مارشال
المنسوب إليه بعد أن قدم الفكرة حينذاك لمساعدة ألمانيا بعد الخراب
والدمار التي تعرضت لها إبان الحرب الثانية ، كان القصد المساعدة لإعادة
إعمار ما دمرّته الحرب ( 1939 ــ 1945 ) … رغم إن مشاركة هذه الشخصية
ومن خلال قيادته لرئاسة الأركان الأمريكية لم تكن في بداية الحرب ، حيث
الأمريكان وبعد الاعتداء على قواتها من قبل قوات الامبراطورية اليابانية
، فكرّوا وثم قررّوا في المشاركة الفعلية في الحرب وفق آلية موافقة
الكونغرس بعد عامين من اندلاع الحرب الثانية نهاية عام 1941 ، ربّما جاءت
هذه المشاركة أيضا ً للتنافس مع الاتحاد السوفيتي ك ( قوّة عظمى ) على
القيادة أو على الأقل لأجزاء كبيرة من العالم … هكذا بانت بعدها أي بعد
انتهاء الحرب ودور الولايات المتحدة الأمريكية في القيادة والسيطرة على
مقدّرات الكثير من الدول والتي كانت مؤثرة في أوربا ( المانيا ) نموذجا ً
.
إذا ً ! المُهم فكَرَ الرجل القائد ( جورج مارشال ) بمشروع البناء أو
إعادة البناء والإعمار ، ربّما محاولة ً منه للتخفيف عن آثار و دور قواته
في المشاركة الفاعلة و ما آل إليه البلدان الأوربية وخاصة المانيا من
الخراب والدمار .
العراق كدولة ، وبحُكم الدكتاتوريات المتعاقبة ، دخلت في متاهات الكثير
من الحروب المزاجية ، تعرّضت إلى الكثير من الويلات ، قدمت مئات الآلاف
من الضحايا البشرية ، عانت ما عانت من الحصار الاقتصادي إبان غزو الكويت
وبعدها بسنوات ، كانت النتيجة تدمير البنى التحتية لدولة تمتلك ثاني
احتياطي من الذهب الأسود ، والتي أي النفط أصبح نقمة ً على الشعب العراقي
بأكمله ، حيث بانت تأثير النفط حتى على إقليم كوردستان بعد اكتشافه
واستثماره من قبل الشركات ذات المُحاصصة بين مالكيها والرؤوس الكبيرة ،
بحيث تعرض الإقليم فجأة ً إلى نوع من الأزمة الاقتصادية والتي عَصّفت
بالإقليم نتيجة ً السياسة الخاطئة والفساد غير المحدود ، ربّما ستمتد مثل
هذه الأزمة إلى عراق المركز إذا لم تتخذ بعض الإجراءات الوقائية للحد من
نفس السياسة والفساد .
بعد دخول داعش على خط المواجهة ، مستغلة ً الصراعات السياسية بين الأقطاب
الرئيسية والمحسوبة على المكونين الشيعي والسني معا ً وحتى على مستوى
الإقليم أو في المناطق ذات الازدواجية الإدارية في شنكال وربما في مناطق
أخرى ، نعم بعدها طال الخراب والدمار مُدن بأكملها ، لا سيما في المناطق
ذات الغالبية السنية وحتى الكوردية أيضا ً ، منها المحافظات الأنبار ،
صلاح الدين ، ديالى و نينوى مع الكثير من المُدن والقصبات التابعة لها ،
هذا ناهيك عن سقوط مُدن وقصبات بيد داعش في أطراف كركوك لتصل التهديد إلى
العاصمة بغداد وكربلاء المقدسة من الحدود الإدارية المتاخمة لهما …
ربّما حصل هذا بسبب التطرّف والتشدّد الديني والتعاون وفق البعض من
المبادئ الفقهية البالية مع داعش الأخطر من بين التنظيمات الإرهابية
المعاصرة في كافة المناطق التي خُضِعَت لِسُلطة دولة الخرافة الإسلامية ،
هذا طبعا ً عدى الصفقات السياسية والتي تمت بين داعش وبعض الأطراف
والقيادات السياسية في تلك المحافظات والمناطق التابعة لها …
كُل هذه السلوكيات والتصرّفات الطائشة والمتمرّدة على البلد ( الوطن ) ،
كانت نتيجتها تدمير جزء كبير من العراق ، هذا بالطبع بدلا ً من التفكير
والتخطيط ونبذ العنف وتجنب الخلافات والبدء بالعمل الجماعي لبناء الوطن
وإعادة إعمار ما تم تدميره خلال سنوات الحروب والحصار الاقتصادي على
العراق …
مضى ما يقارب عَقد ٌ ونيف على رحيل النظام الشمولي بتحرير أو احتلال
بغداد ، مضى أكثر من أربعة عشر عاما ً من الاستثمار المُزيّف ، إعادة
الإعمار بالعطاءات والمقاولات والتي كانت ترسى سلفا ً على مُعظم القادة
السياسيين ودلاليهم ، العقود والصفقات المزيّفة أو ذات ( الدلالية )
للرؤوس الكبيرة ، نعم بعد وصول القادة السياسيين غير الوطنيين إلى
التُخمة ، وربّما شبه الإشباع من سرقة أموال الشعب العراقي المغلوب على
أمره تحت ذرائع شتى و بِخُطَط مدروسة سلفا ً تحت إشراف مافيات الفساد
والسرقة ، بعد كُل هذا بدأ القادة العراقيون يتذكرون مشروع مارشال ،
والذي سبق وأن أشرنا إليه في البداية ، وضرورة إحياء مشروع على غراره …
هذا ما أكد عليه ولأكثر من مرّة الدكتور إبراهيم الجعفري وزير الخارجية
العراقي ، والذي كان على رأس كتلة التحالف الوطني ذات الغالبية الشيعية ،
ويجب أن لا ننسى كان على رأس الوزارة العراقية بعد حكومة الدكتور أياد
علاوي ، نعم تذكر و تطرّق وأقترح الجعفري مشروعا ً شبيه بمشروع مارشال
على الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس ، وممثل ترامب الرئيس
الأمريكي الجديد أثناء استقبالهما في العراق مؤخرا ً .
بالتأكيد ، كلام جميل من لدن قائد الخارجية العراقي . لكن ! نعتقد بأن
الأولى أن يبدأ مثل هذا المشروع من القادة العراقيين أنفسهم ، لا من
المساعدات الخارجية ، هنالك العشرات منهم وربّما تصل عددهم ( أصحاب
المليارات من العملة الصعبة ) أكثر من سبعين قائد أو شخصية عراقية وفق
الاحصائيات الأجنبية المُحايدة ، هؤلاء لا يمتلكون ذرة ً من الولاء للوطن
وإنما ولاءهم للدين والحزب والمذهب والقومية والأهم للدولار ، و هُم
يعيشون الآن مثل الفراعنة ، يملكون عشرات المليارات ، حيث البعض منهم
تجاوز ملكيتهم المئة مليار دولار ، بما فيهم صاحب المشروع المقترح
الدكتور ابراهيم الجعفري … هؤلاء لو نقول مرة أخرى ، لو تنازلوا كُل
واحد منهم بنصف أرصدتهم بالعملة الصعبة طبعا ً في البنوك الدولية لصالح (
الوطن ) المُدَمر والذي بحاجة إلى إعادة الإعمار للبنية التحتية من الفاو
إلى زاخو ، إقليم كوردستان أيضا ً مشمول بذلك ، حيث يعيشون أكثر من
أربعين قائد سياسي وشخصية كوردستانية نفس عيشة الفراعنة على غرار القادة
العراقيين ، هؤلاء أيضا ً لو تنازلوا عن نفس النسبة من ثرواتهم خدمة ً
للصالح العام ، حيث الإقليم سيتعافى ويتجاوز أزمته المالية والأقتصادية ،
لا بل سيتم بناء المزيد من المشاريع الصناعية الكبيرة ، نعم ( المشاريع
الصناعية ) لبناء قاعدة أساسية لاقتصاد الإقليم …
خلاصة القول … بإمكان هؤلاء وأقصد القادة العراقيين والكوردستانيين
إحياء مشروع أو مشاريع أكبر من كُل مشاريع العالم لإعادة الإعمار وبناء
بنية تحتية جديدة وفق المقاييس العالمية ، هذا بالطبع حينما يكون بعيدا ً
عن الفساد ، والتدخل من الفاسدين السابقين ، وإعطاء الأمر بيد المخلصين
بدءا ً من رؤساء الوزارات والوزراء ، شريطة ً أن تكون شكل الحكومة إدارية
تكنوقراطية بحتة ، بعيدة عن المحاصصة ، ومزايدات الوزارات لشراء الكراسي
، كذلك التوجه نحو اختيار كُل الدرجات الخاصة من الوزراء فما دون من
البلوتقراط ( الأغنياء ) أصحاب الضمائر الحيّة لتجنب التورط في متاهات
الفساد المستشري لحد الآن في العراق الفيدرالي ، عراق الحضارات ، عراق
المكونات بِكُل تفرعاتها …
العراق في