18 ديسمبر، 2024 1:37 م

كثرة الألقاب والمناصب في البلاد خاصة بعد سنة 2003، بعد ان كانت تلك الألقاب تمنح وفق اعمال وافعال صحيحة وخاصة للأكاديميين والمحترفين والمختصين العاملين في شتى القطاعات المنتجة والمثمرة . إن التطرق إلى الحديث عن الألقاب والشهادات ليس بمعرض إعطاء صورة قاتمة عليها أو الانتقاص والتجريح ومحاولة النيل من كل من يحملها، لكن الغرض من ذلك كله هو كشف الحقائق بلا زيف وإظهار مكامن التضليل، لهذا فاختيار هذا النهج بالتحديد راجع لكونه الأنجح في إسقاط الأقنعة، خصوصا التي يرتديها من يحسبون أنفسهم أنهم الأفضل ويدافعون بضراوة عن الألقاب المزيفة التي يلصقونها لأنفسهم بعد تضخم أناهم الفارغ، أو الذين يفتخرون بشهاداتهم التي تفتقد لأية قيمة إضافية حقيقية للميدان العلمي والعملي، لأن ما يدعون أنه من إنتاجهم هو مجرد نسخ ولصق لأفكار الآخرين . أيضا تلك الألقاب كانت تمنح للمؤهلين أكاديميا، والمحترفين، وكل الحاصلين عليها كانوا جديرين بحمل تلك الألقاب كوسام على صدورهم، وأثبتوا استحقاقهم بالعمل والمثابرة، ووهبوا أنفسهم لتنمية أوطانهم، ومجتمعاتهم والاستفادة الحقيقية من تلك الالقاب . أن الألقاب اليوم أصبحت نوعا من أنواع مظاهر التفاخر التي يتم السعي لنيلها بكل الطرق الممكنة ولو على حساب كل ما هو أخلاقي، ولخير دليل على ذلك هو الاعتقاد المغلوط بأن الألقاب تعطي السطوة وتمنح القوة وترفع أصحابها لمكانة مرموقة حتى لو كانوا لا يستحقون كأشخاص أدنى احترام، إلا أنهم يلجأون إلى ألقابهم لجذب الاهتمام المتوهم والتقدير الزائف من غيرهم، فتلك الميزة التي يعتقدون أنهم يتوفرون عليها لا تضفي لهم سوى بريقا وقتيا أو لمعانا لحظيا قد يزول مع أول تعامل مهم.
الان اصبحت تلك الألقاب تمنح (كوترة) أشبه ببيع الفواكه والخضار وبدون ميزان بسبب كثرتها والبيع والشراء فيها خاصة مع قرب موسم الانتخابات والمتاجرة بتلك الالقاب وكثرة الاوسمة والشهادات الممنوحة من (شارع المتنبي) . تحصل الخصومات والنزاعات حول هذه الألقاب وفيما يخص السفراء الذين يعملون بشكل تطوعي ومنهم من يدعي الدولي وتمثيل العراق بالمحافل الدولية ولا علم للحكومة ولا وزارة الخارجية بتلك الألقاب والمشاركات الدولية والغرض معروف من اجل المصالح النفعية الشخصية لا غير . مع كثرة الشهادات ووفرة الكليات والجامعات وحتى التي تعمل خارج البلاد أصبحت تلك الألقاب متاحة للجميع بظل عدم وجود التعليمات والضوابط خاصة من وزارات التعليم والخارجية والثقافة و الوزارات الاخرى . إننا في الوقت الحاضر نعيش وسط مجتمع يحسب حساب المظاهر قبل أي حساب آخر حتى لو كان الأمر متعلقا بالقيم الأخلاقية فإنه يتم تجاوزها وعدم الاكتراث لها بسهولة، والألقاب والشهادات من بين تلك المظاهر، لهذا لا أرى أن هنالك إهانة للذات أكثر من التعامل معها من منطلق سطحي مغلف بالنفاق؛ استخدام الطرق غير الشرعية لإثبات أفضليتها للآخرين عن غيرها وإن كانت على النقيض من ذلك، أو جعلها وسيطا في استغلال قلة فهم الآخرين وذلك بمعسول الكلام لتأكيد حقيقة زائفة ليست كالتي تحمله النفس مع أنه لا يراد به إلا نيل مراد نفعي شخصي. ختاما نقول لا يصح الا الصحيح وسوف تذهب تلك الألقاب عن ضعاف النفوس ويبقى العمل والفعل الصحيح لأصحاب الاختصاص والاكاديميين وغيرهم من الوطنيين والجادين والذين يخدمون المجتمع .