23 ديسمبر، 2024 5:29 ص

القائمة العابرة للمحاصصة. وهم ام حقيقة ؟

القائمة العابرة للمحاصصة. وهم ام حقيقة ؟

رحب الحزب الشيوعي بلسان عضو مكتبه السياسي السيد جاسم الحلفي وكذلك التيار الديقراطي بلسان منسقه د. علي الرفيعي بدعوة النائب على شبر عن كلتة المواطن بمشروعهم لقائمة عابرة للطائفية والمحاصصة ( طريق الشعب – 22/8/2013). الدعوة والترحيب تضع القارئ امام عديد من الاسئلة المفتوحة يمكن تلخيص ابرزها في:
1- هل يمكن لركيزة أساسية في نظام المحاصصة وبحصيلة تركيبها الطبقي والسياسي والفكري والاخلاقي والنفسي وغيرها من العوامل الاخرى قادرة على انتاج مشروع كهذا.
2- ماهي ملامح هذا المشروع وما هي مفاصله الاساسية. اذا كان المشروع يمتلك جدية بعيدة عن الصخب الاعلامي، فلماذا لا يطرح للنقاش؟، او ان  يتم نشره حتى يساعد هذا الامر في خلق قاعدة شعبية  مساندة له.
3- اين تمكن مشكلة التيار الديقراطي في التعامل مع مشاريع كهذه؟
في وضع من التهرج الاعلامي والتصريحات التي ينسها او يتنكر لها اصحابها بمجرد ان تبتعد الكاميرا عنهم وحتى لا يفقه قسم من اصحاب التصريحات محتوى وجدية تصريحاته، تاتي هذه  الدعوة لتلامس مشاعر العراقيون المنكوبين بنظام المحاصصة ومما جر البلاد والعباد من خراب الى خراب. نظام المحاصصة  هو الحامي الاساسي لقواه الاساسية، التي تعمل على اعادة انتاجه باشكال مختلفة ويشكل مع الفساد والارهاب بكل اشكاله، قاعدة اساسية لعملية سياسية خائبة معبئة بعواصف وازمات متلاحقة. منذ رحيل النظام السابق جرت تغيرات جمة في تركيبة وقيادة القوى الاساسية في المحاصصة ونقلتهم من الهوامش الى عروش الاباطرة وتشابكت مصالحهم مع الفساد والارهاب وبل وحاميه له وبدون اي خجل أو رادع.  اليوم ومع قرب الان الانتخابات تتعالى التصريحات عن قوائم عابرة للطوائف بصياغات متنوعة من التشظي لا  تمر في دروب اتحاد القوى الوطنية الديمقراطية العراقية التي يتعالى صوتها قي الشارع السياسي.

تُظهر تجربة هذه الاحزاب أن مفهومها  لهذا العبور للطائفية وللمحاصصة، مجرد ان تقوم قائمة شيعية او سنية بادخال اعضاء او اطراف من الجهة الاخرى في تركيبها، وهذا الطرف الاخر اما يتحول الى هدد يمعمع في الدفاع عن طروحات القائمة او ينزوي مستلما  ما رزقه الله من امتيازات ورواتب كونه عضو في القائمة ( اللاطائفية اللامحصصية). ومع اقتراب كل انتخابات تتوالى  التصريحات عن القائمة العابرة للمحاصصة والطاثفية ومن كل القوى المتنفذة في العملية السياسية وبدون استثاء ولكن دون اي اجراءات حقيقة، بحيث بات الحديث عن هذا الموضوع نشيد مدرسي ممل. ومثال عن هذا  اود طرح السوال التالي وهو بالتاكيد يشمل بجوهره الكتل المتنفذه الاخرى: هل تستطيع كلتة المواطن اذا كانت جادة في طرح مشروع كهذا ان تتجاوز ان يكون منصب رئيس الوزراء باعتباره موقع خاص بالشيعة؟. هذا ينسحب ايضا على المواقع السيادية الاخرى. هل توافق على اخراج تركيب الحكومة القادمة عن المحاصصة وتقبل التشكيل على ضوء المهنية والكفاءة والوطنية..؟ هذا ما عدا الموقف من العديد من القضايا الدستورية التي تمس جوهر مدنية الحياة في العراق وربما ابرزها الموقف من قانون الاحوال الشخصية وغيرها. هذه الطروحات تمثل اتجاهات ورغبات معينة في الكتل الاساسية  وليس محصلة ارائها وتطور موقفها الوطني، فهذه الكتل هي مجمع اتجاهات متعارضة ومتناقضة الى درجة غير قليلة ولكن الطائفية والمحاصصة والحفاظ على ما تحقق على هذا الصعيد ومن اجل تحويله الى واقع غير قابل للتغير، اضافة لهيمنة الارتباطات الاقليمية،  كل هذا وغيره يحفظ ( تماسكها). قسم من هذه الاتجاهات والشخصيات ورغم مظاهر ورعها ووطنيتها، مستعدة ان يئم الشيطان صلاتها على أن  تجلس مع قوى اليسار والقوى الديقراطية وعلى قدم واحد  من المساواة، من اجل انجاز مشروع وطني حقيقي. إن أحد ابرز وجوه الموقف الوطني العابر للمحاصصة والطائفية  والذي تتغنى به القوى المتنفذة هو الموقف من قانون انتخابي عادل لا يسرق اصوات الناخبين.

الترحيب بهذا المشروع يتعدى الموقف الاعلامي للقوى الديمقراطية ويعكس بشكل او اخر ازمة مشروعها وتصورها باصلاح العملية السياسية من داخلها، فهي لم تستطيع لحد الان ان تطرح مشروع عملي يجسد هذا التصور وكل ما سمعناه لا يتعدى تخفيف الطائفية او تجميلها. هي مستعدة للمشاركة في الانتخابات  حتى على اساس  قانون يسرق ويزور اصوات ورغبات الناخبين، هذا ما جسده  تصريح السيد جاسم الحلفي بعد انتخابات مجالس المحافظات الاخيرة، بان التيار الديقراطي سيشارك في الانتخابات القادمة حتى لو الغي قانون سانت ليغو، دون ان يمنح نفسه درجة معينة من التريث لقادم الاحداث. اذا كان هذا التيار بعد كل انتخابات  يتناسى شروطه الاربعة المعروفة لضمان انتخابات سليمة او حتى تحقيق جزء منها كحد ادنى لمشاركته، ويعلن  عن  مشاركته وبالمجان في الانتخابات القادمة فعلى من هذا الردح بها. ان مستقبل التيار الديمقراطي هو بخلق معارضة حقيقة سواء داخل المؤوسسات الرسمية او على مستوى الشارع من اجل انهاء نظام المحاصصة. تتشكل في الشارع العراقي في الوقت الحالي وبشكل متفاوت مؤشرات جديدة تعكس خيبة الناس المنكوبة من النظام القائم وعجز نظام المحاصصة هذا للسير للامام دون انقلاب جذري باتجاه التحول نحو المواطنة ومحاربة الفساد والاهارب واعمار حقيقي للبلد. هذا من شانه ان يعزز مواقف التيار الديمقراطي وعموم اليسار بالتخلص من ازدواجية الموقف وتعزيز الموقف المستقل والتحول لمركز المعارضة لنظام المحاصصة من اجل انهائه ورميه في مزبلة التاريخ.