لم اكن متوقعا ان يقوم كتاب التاريخ بتزوير الحقائق الى حد ان نعتقد خلاف الحقائق الاسلامية , ولذا انصح من يريد معرفة تاريخه الاسلامي ان يراجع التاريخ بتجرد .
من الحقائق المذهلة التي أخفاها كتاب التاريخ حياة الصحابي الجليل سلمان المحمدي مستعرضا نبذة من خصاله التي غابت عنا .. ولكن مصادر التاريخ لم تنساها فوجدته قائدا عسكريا فذا ليس له نضير في قيادات المسلمين .. وموقفه القيادي في قيادة دفة المعارك تشهد له سوح المعارك الكبرى حتى اتخذه رسول الله(ص) مستشارا عسكريا له .
ومن البديهي ان المواضيع الامنية ومستقبل الاسلام يقع في راس المواضيع التي يهتم بها النبي(ص) فكان يجتمع مع سلمان الفارسي اغلب الليالي والايام .. حتى قالت ام المؤمنين عائشة (كان لسلمان مجلس من رسول الله (ص) حتى كاد يغلبنا )..
في هذه الحلقة ارغب ان اشرح دور سلمان في قيادة الجيوش في زمن الخليفة عمربن الخطاب وبعدها نعرج على دوره في اختيار الكوفه مقرا للجيوش الاسلاميه . هذا ليس مغالاة كوننا نحب هذا الرجل لحب رسول الله له .. ولكن انظر كيف يصفه أبو نعيم في الحلية : يقول : سابق الفرس، ورائق العرس،أي صافي ومصفى .. الكادح الذي لا يبرح، والزاخر الذي لا ينزح، الحكيم، والعابد العليم، أبو عبد الله سلمان ابن الإسلام، (رافع الألوية والأعلام، أحد الرفقاء والنجباء، ومن إليه تشتاق الجنة من الغرباء، ثبت على القلة والشدائد، لما نال من الصلة والزوائد ( الحلية ص 231).
ويكفيه فخرا ان رسول الله(ص) منحه وساما رفيعا عظيما لم يحظ به غيره من الصحابة ..
(وفي حلية الأولياء بسنده عن أبي بريدة عن أبيه،قال: قال رسول الله (ص) نزل علي الروح الأمين فحدثني أن الله تعالى يحب أربعة من أصحابي، فقال له من حضر، من هم يا رسول الله؟ فقال: علي وسلمان وأبو ذر والمقداد،
وعن أنس بن مالك، قال: سمعت رسول الله(ص) يقول: اشتاقت الجنة إلى أربعة: علي والمقداد وعمار وسلمان. وفي الإستيعاب من حديث ابن بريدة عن أبيه عن النبي أنه قال: أمرني ربي بحب أربعة، وأخبرني أنه سبحانه يحبهم، علي وأبو ذر والمقداد وسلمان.
ومنزلة الحب عند الله ليست مجانية او اعتباطية او مزاجية .. لا بد ان يكون حبيب الله مخلصا منقطعا لله دون مراء ولا عاطفة , بل ايمان راسخ كرسوخ الجبال يحب الله فيبادله الله بالحب .. وجلساته التي كان يغلب فيها على نساءه .. لم تكن للسمر وقضاء الوقت .. وقد بانت بشكل واضح يوم الخندق .. تذكر المصادر ان عمر عينه والي وقائد عسكري على المدائن يخرج الى الجهاد والغزو .. في تاريخ دمشق«أن سلمان الفارسي مر بجسر المدائن غازياً وهو أمير الجيش،( لاحظ انه امير الجيوش ) وخلال سنوات حكمه في المدائن شارك في غزوة بلنجر سنة 22 وهو وال على المدائن ..
في الطبقات: «عن رجل من عبد القيس قال: كنت مع سلمان الفارسي وهو أمير على سرية، فمر بفتيان من فتيان الجند الخ ..كذلك هو قائد في يوم الخندق ..
ولذا اتخذه الخليفة عمر بن الخطاب قائدا لجيوشه مع مجموعة القادة وقدمه عليه بالراي والنصيحة .. وقد أغفل التاريخ عظماء لم يذكر لهم أخبارهم في غزوات الرسول(ص) كذلك سلمان الفارسي أغفله التاريخ في الغزوات التي شهدها غير الخندق ,,انظر هنا ) (ولكن جعله في الفتوحات الإسلامية في صف القوّاد ولكن لم يعطنا عنه تفاصيلاً عن حقيقته )
الان لدينا مواقع الكترونية نشرت جزءا من دوره في قيادة معركة القادسية وانه هو من دخل واسقط ايوان كسرى قرب بغداد ..ولكن سبب اخفاءه موالاته لامير المؤمنين والثانية انه فارسي وليس عربي ..
اليك المصادر .. قال ابن عساكر الشافعي في تاريخه: مرّ سلمان بجسر المدائن غازياً وهو أمير الجيش ..وهو ردف رجل على بغل موكوف، فقال أصحابه: أعطنا اللواء أيها الأمير نحمله عنك، فأبى وقال: أنا أحق من حمله، ومضى (حتى قضى غزاته ورجع وهو على بغلته وقد قطع جسر المدائن عائداً إلى الكوفة.المصدر .. ولو راجعت تاريخ ابن عساكر لوجدت تفاصيل كثيرة يطول ذكرها هنا تتحدث في قيادة هذا الفارس العظيم ..
وسلمان هو من رأي في اختيار الكوفة مقراً للجيوش الإسلامية: لانها تحتاج بطبيعتها إلى مقر للقيادة العليا توزع منه الجنود على المناطق الحربية، وترسل الأمداد إلى المراكز المحتاجة إلى الإمداد، وتعود عند الاستغناء إلى مقرها للإستراحة،
وتقول مصادر التاريخ ان سلمان هو من اسس وعمل التدريب والتمارين الحربية وتعليم كيفية الرماية والمسابقة للفرسان والمشاة وكيفية الهجوم والدفاع وكيفية الإنسحاب بانتظام إذا خيف التطويق أو قطع خط الاتصال بين قطعات الجيش .. وهو من علم المسلمين أن يكون مقر القيادة واسعاً فسيحاً لا يضيق عن الفيالق إذا كثرت وأن يكون برياً وبحرياً لتمخر سفن الجيش في عباب البحر أو النهر، وتغير خيوله في بره، ولا بد أن تكون البقعة التي تكون مقراً للقيادة العليا ذات مناخ حسن وسهولة الاتصال بواسطة طرقها بالمدن لتحمل إليها الميرة والأرزاق للجيش في السفن والجمال
من المؤكد ان هذه الاطروحات العسكرية لم تكن في عهدة العرب .. خاصة لارتياد موضع صالح لمقر القيادة العليا أن يكون خبيراً ماهراً بفنون الهندسة والحساب والجغرافية وخصيصاً بعلم الطبائع، وممن درس الشؤون العسكرية حتى يعرف ما يوافقه
لما عرفنا أن حذيفة بن اليمان وسلمان الفارسي رشحا لهذا الاختيار واختيرا للمهمة دون سائر الصحابة والتابعين علمنا أنهما كانا محل اعتماد الجميع في اتقان هذه الصنعة،
واخيرا : روى أبو نعيم الحافظ الأصفهاني الشافعي في تأريخ أصفهان عن أبي البختري أن جيشاً من جيوش المسلمين كان أميره سلمان الفارسي حاصروا قصراً من قصور فارس، فقيل: يا أبا عبد الله! ألا تنهد إليهم؟ قال: دعوني أدعوهم كما سمعت رسول الله(ص) يدعوهم. فأتهم سلمان فقال لهم: إنما أنا رجلٌ منكم فارسي، فإن أسلمتم فلكم مثل الذي لنا وعليكم مثل الذي علينا، وإن أبيتم إلا دينكم تركناكم عليه وأعطيتمونا الجزية . قال:ثم رطن لهم بالفارسية بعدها قال :أنتم غير محمودين، وإن أبيتم نابذناكم زاد في كتاب حلية الأولياء: فقالوا له: ما نحن بالذي نؤمن وما نحن بالذي نعطي الجزية ولكنا نقاتلكم.
قالوا: يا أبا عبد الله! ألا تنهد إليهم؟ قال: لا. فدعاهم ثلاثة أيام بعدها قال: أنهدوا إليهم، ففتحا ذلك الحصن، ويذكر ابن كثير موضع القصر في البداية والنهاية .