18 ديسمبر، 2024 11:20 م

القائدُ مِنْ وَجهةِ نَظَرٍ إجتِماعيةٍ

القائدُ مِنْ وَجهةِ نَظَرٍ إجتِماعيةٍ

القائد في اللغة: هو ضابِطٌ يتولَّى قيادة عَسْكريَّة، آمر موقع حربي أو جيش، مثلاً “قائد الجَبهة الشَّرقيَّة”، لذا فمن الممكن أن يكون للجيش أكثر من قائد، بحسب تعدد الجبهات، لكن من غير الممكن أن يكون أكثر من قائدٍ واحدٍ للقوات المسلحة، وهو الملك أو رئيس الدولة.

يمتاز القائد بالشدة والحزم، ورباطة الجأش والتضحية، وغيرها من الصفات التي تبعث الشجاعة والإقدام في صفوف جيشة، كما يمتاز بوضع الخطط العسكرية لإدارة المعارك، ومنها توفير مستلزمات المعركة، وقراءة أحداثها القبلية والبعدية، وأكثر قرارتهُ مصيرية تتوقف عليها حياة الشعب.

مهمة القائد صعبة، ومهمة إختياره أصعب، ولذا فُتحت الكليات العسكرية لإنتاج قادة كفوئين، يستطيعون القيام بمهامهم العسكرية، وأهمها الحفاظ على كيان الدولة وأمنها وسلامتها، ووحدة أراضيها من أي عدو خارجي، لذا دفع الناس أبنائهم للإنخراط في صفوف الجيش، حتى قِيل “الجيش أبنُ الشعب”.

نظر المجتمع إلى القائد، ولا سيما المنتصر منهم، نظرة تقديس، وأنهُ المنقذ، حتى وصفوهم بالآلهه، في العصور الوثنية، والمؤيدين بالرب في العصور الدينية، مما دفع ببعض القادة، أن يتولى زمام أمور الحكم، وقد تمكن النزر القليل منهم بالنجاح، في مهمتهِ الإدارية، ولكنهُ كان دائماً يستعين بوزراء ومستشارين، لإدارة شؤون الدولة، بمعنى أنهُ فشل أيضاً، فهو لم يكن يدير أمور الدولة حقاً، وإنما الوزراء والمستشارين هم مَنْ يقوم بذلك، الذين بدورهم وفي أغلب مراحلهم، كانوا يُفضلون مصلحتهم الشخصية، على المصلحة العامة، فكانوا يُطيحون بقادةٍ، ويأتون بآخرين.

من أهم أسباب فشل القائد في إدارة شؤون الدولة، أن التعامل مع المدنيين يختلف عن التعامل مع العسكر والجنود، فالعسكر والجنود لهم صفاتهم الخاصة، وقوانينهم الخاصة، أما المدنيون ففيهم الطفل والشيخ والمرأة، والقوي والضعيف، وغيرها من الفروق الفردية والطبقية والمجتمعية، وعلى القائد أن يجعل نفسهُ خادماً لكل هؤلاء، راعياً لمصالحهم، وهذا ما يصعب على القائدِ فِعلُه، ولذا أوكل مهمتهِ لغيرهِ، وأَمْنَّ أمانتهِ لمَنْ ظنَ أنهُ مثله، ففعل هذا المؤتمن فعلتهُ، أن فرقَّ بين القائد والشعب، فتحول القائد إلى دكتاتورٍ، مستبدٍ ظالمٍ، وتحول الشعبُ إلى عبيدٍ مظلومين.

بقي شئ…

لا يعني نجاحُ القائد في المعارك الحربية وإنتصاره، أنهُ سينجح في المعارك الإدارية والسياسية والدبلوماسية، فضلاً عن الإقتصادية، وهي أكبر المعاركِ وأُمها.